لا تقل سأعامل الناس بمعاملتهم، فهذا يقودك حتمًا إلى متاهة القبح والتشوه الأخلاقي، كيف تعتقد أن تتعامل مع الليئم؟ هل ستنسلخ عن نفسك لتشابه قبحه؟! وكيف تفكر في مجاراة المنافق الذي يبتسم في وجهك ويطعنك من الخلف؟ أو الفهلوى الذي يتقلب بين المواقف كما يتقلب النهر بين الصخور؟ إن معاملة كل منهم بمثل معاملته يعني أن تجمع في قلبك حمولات من الصفات السيئة، فتتحول إلى صورة مشوهة لكل ما ترفضه فيهم، أضعافًا مضاعفة.
الحكمة الحقيقية تكمن في أن تعاملك مع الناس لا يكون بمرآة أفعالهم، بل بمرآة قلبك ونقاء روحك، عامل الجميع كما تحب أن يعاملوك، لا كما يعاملونك، اجعل من اللين نهجًا، ومن المودة سلاحًا، ومن المحبة درعًا تحتمي به من قسوة العالم، لا تجعل جرح الآخرين يجرحك، ولا تسمح للخيبة أن تسرق منك روح التسامح والصفاء.
اللين ليس ضعفًا، بل هو قوة تتحدى قسوة الأيام، والمحبة ليست هروبًا من الواقع، بل هي بناء لجسور من الأمل بين القلوب.
حين تُعامل الناس بمودة وصدق، تكون قد زرعت في أرض قلوبهم بذورًا قد تنمو يومًا ما إلى أزهار تزيّن حياتك بالسلام والرضا.
تخيل عالمًا تعامل فيه الجميع بصفاء النية وصدق العاطفة، بعيدًا عن الانتقام وردود الفعل السلبية، عالمًا يخلو من مرارة الظنون ومرارة القسوة، هذا العالم يبدأ بك، عندما تختار أن تكون أفضل، لا مجرد رد فعل لما حولك.
في النهاية، ستعيش سعيدًا ومرتاح الضمير، راضيًا عن نفسك لا عن غيرك، لا ترد الإساءة بمثلها، بل ارسم لنفسك طريقًا من الخير، واعلم أن معاملة الناس بطيب القلب هي أرقى درجات النبل التي تجعل منك إنسانًا بحق.