يُخلّد يوم 6 سبتمبر في الجزائر ذكرى ميلاد الأمير عبد القادر الجزائري (1808 - 1883)، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة وأحد أبرز رموز المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي.
ولد الأمير عبد القادر في ولد في 6 سبتمبر 1808م في قرية القيطنة بمعسكر، في عائلة ذات مكانة دينية بارزة في الطريقة القادرية الصوفية، مما أكسبه لقب "الحسني" لنسبه، وتلقى تعليماً دينياً وفقهياً، ثم سافر للحج والتجارة، مما صقل شخصيته.
تلقى الأمير تعليماً دينياً تقليدياً في الزاوية التي أسسها والده، وبرع في تلاوة القرآن وحفظه في سن الرابعة عشرة، كما درس العلوم الفقهية واللغوية، بعد استعمار فرنسا للجزائر في 1830، بويع الأمير عبد القادر زعيماً وقائداً لأول ثورة شعبية ضد الاحتلال الفرنسي، نظراً لنسبه وقيادته القبلية.
ويُعد الأمير عبد القادر بن محيي الدين أحد أبرز قادة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، إذ تمكن من بناء جيش وتنظيم المقاومة، مؤسساً بذلك نواة الدولة الجزائرية الحديثة، ونجح في تحقيق انتصارات متعددة ضد القوات الفرنسية، وبعد سنوات من المقاومة، سُجن الأمير من قبل الفرنسيين، ليُفرج عنه لاحقاً ويعيش في المنفى بإسطنبول، ثم دمشق، حيث استقر حتى وفاته .
وخاض معارك متواصلة على مدى سبعة عشر عاماً منذ اندلاع الغزو الفرنسي عام 1830، قبل أن يقع في الأسر مع أسرته ورجاله، ونُقل الأمير وأفراد عائلته إلى فرنسا، حيث احتُجزوا في سجن أمبواز وتعرضوا لأبشع أنواع التضييق والتعذيب، فيما قضى بعض أنصاره نحبهم داخل المعتقلات. غير أن نابليون الثالث أصدر لاحقاً قراراً بالعفو عنه، مستذكراً تجربته الشخصية في السجن عقب محاولاته الانقلابية على الملك لويس فيليب الأول، فآثر إطلاق سراح الأمير وتكريمه.
عرض الإمبراطور الفرنسي على عبد القادر اختيار منفاه، باستثناء الجزائر، فاختار دمشق التي ارتبط بها منذ شبابه خلال رحلة الحج مع والده. وقد وصل إليها عام 1855 مصحوباً بنحو مئتي من أتباعه، حيث استُقبل بحفاوة، وأقام في حي العمارة بعد أن اشترى عدة منازل من آل الحمزاوي، الذين ربطته بهم علاقات مصاهرة.
وحظي الأمير عبد القادر براتب سنوي يقارب ستة آلاف فرنك وفق الأعراف الملكية في أوروبا آنذاك، التي كانت تقتضي احترام الخاسرين من أنداد الملوك في الحروب.
دفن في دمشق، ثم نُقل رفاته إلى الجزائر بعد الاستقلال في جنازة عسكرية كبيرة، ولا تزال ذكراه حية كرمز وطني وبطل تاريخي في الجزائر.