أسباب عدم تمكن الإسكندر الأكبر من غزو روما

السبت، 06 سبتمبر 2025 09:00 م
أسباب عدم تمكن الإسكندر الأكبر من غزو روما الإسكندر الأكبر

كتبت بسنت جميل

خاض الإسكندر الأكبر العديد من الحروب وصنع إمبراطورية كبيرة، لكن الملاحظ أنه لم يتوجه ناحية روما، مما يطرح تساؤلا كبيرا، وتذهب الدراسات إلى أن  قرار الإسكندر الأكبر بعدم غزو روما كان ناتجا عن عوامل متعددة، منها محدودية معرفته بها، وتركيزه على الفتوحات فى الشرق، كانت روما آنذاك قوة محلية صغيرة نسبيا، وبحلول منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، لم تكن قد تجاوزت بعد مراحلها الأولى من التوسع، حيث كانت تركز على ترسيخ سيطرتها على شبه الجزيرة الإيطالية.

كان لدى اليونانيين بمن فيهم الإسكندر الأكبر، معرفة محدودة بروما، فقد كان العالم اليوناني يتمحور حول بحر إيجه، وكانت تفاعلاته تدور في المقام الأول حول شرق البحر المتوسط، والشرق الأدنى ومصر.

أما روما فكانت بعيدة إلى الغرب، خارج دائرة النفوذ الجغرافي والاهتمام السياسي اليوناني، ولم يرى المؤرخون والجغرافيون اليونانيون في ذلك العصر أن روما تستحق توثيقًا واسع النطاق، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.

طموحات فيليب الثاني والاتجاه نحو الشرق

كان فيليب الثاني، والد الإسكندر الأكبر، رجل دولة واستراتيجيًا محنكا، نجح في تحويل مقدونيا من مملكة هامشية إلى قوة مهيمنة على العالم اليوناني.

وكان أحد أهدافه الأساسية توحيد دول المدن اليونانية تحت الهيمنة المقدونية، وقيادتها للانتقام من الإمبراطورية الفارسية، التي سبق أن غزت اليونان خلال الحروب اليونانية الفارسية في القرن الخامس قبل الميلاد.

ولتحقيق هذا الهدف أسس "الرابطة الكورنثية"، وهو تحالف من الدول اليونانية بقيادة مقدونية، كان يهدف إلى شن حملة عسكرية ضد بلاد فارس.

التزام الإسكندر الأكبر بخطط والده الشرقية

بعد اغتيال فيليب عام 336 ق.م، ورث الإسكندر العرش وخطط والده الطموحة، وكان يعلم أن شرعيته كحاكم، خصوصًا في أعين اليونانيين، مرتبطة بتحقيق مشروع والده بغزو فارس.

لم يكن الهجوم على الإمبراطورية الفارسية مجرّد هدف عسكري، بل كان ضرورة سياسية لضمان وحدة العالم اليوناني تحت الحكم المقدوني، كانت الإمبراطورية الفارسية حينها أضخم قوة في العالم، تمتد من البلقان وأوروبا الشرقية حتى وادي السند.

الفتوحات بعد سقوط فارس

بعد السيطرة على قلب الإمبراطورية الفارسية، واصل الإسكندر الأكبر تقدمه شرقا، فغزا آسيا الوسطى، بما يشمل أراضي أفغانستان وباكستان المعاصرتين، حتى وصل إلى الهند.

وبلغت حملاته الشرقية ذروتها في معركة هيداسبيس عام 326 ق.م ضد الملك بوروس، أحد أشرس خصومه، أظهرت هذه الحملات طموحه في توسيع إمبراطوريته إلى أقصى مدى ممكن، لكنها في الوقت ذاته استنزفت قواه، وأرهقت جيشه، وأثقلت كاهل موارده.

التحديات الداخلية في إدارة الإمبراطورية الفارسية

رغم هزيمته لداريوس الثالث، لم تنته مقاومة الفرس، فقد واصل العديد من حكّام الأقاليم والقادة المحليين رفضهم لحكم الإسكندر.

واجه الإسكندر تحديات جسيمة في إدارة إمبراطورية شاسعة متعددة الأعراق والثقافات، وقد تبنّى العديد من التقاليد الفارسية، وضمّ مسئولين فارسيين إلى جهاز الحكم، ما أثار استياء ضباطه المقدونيين واليونانيين.

كما اندلعت العديد من الثورات في أطراف الإمبراطورية، خاصة في المقاطعات الشرقية النائية، ما استدعى تدخله الشخصي لقمعها.

سعى الإسكندر إلى دمج الثقافتين اليونانية والفارسية، فشجّع الزواج المختلط بين جنوده والنساء المحليات، ودعم انتشار الثقافة اليونانية في مختلف أنحاء الإمبراطورية.

أثمرت هذه السياسات لاحقًا في ظهور ممالك مثل المملكة البكتيرية اليونانية والممالك الهندية اليونانية، التي أثرت بشكل كبير في تطور الفن البوذي، خصوصًا في أسلوب "الغاندهارا"، لكن هذه السياسة، رغم طموحها، كانت مثيرة للجدل، وأسهمت في زيادة التوترات داخل صفوف جيشه وإدارته.

الموت المبكر ونهاية الطموحات الغربية

في عام 323 ق.م، مرض الإسكندر الأكبر في مدينة بابل، التي كانت آنذاك المركز الإداري لإمبراطوريته، وتوفي عن عمر لا يتجاوز 32 عامًا.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب