كانت الحقبة الهلنستية بمثابة مرجلٍ للطموح والخيانة وسفك الدماء، اتسمت بصراعات ضارية على السلطة ومناورات سياسية وحشية، كانت الاغتيالات السياسية التي هزت اليونان القديمة صادمةً واستراتيجيةً فى آن واحد، إذ شكلت مسار التاريخ، وفى هذا التقرير نستعرض بعضًا من أشهرها..
فيليب المقدونى
لقى فيليب الثانى المقدونى، والد الإسكندر الأكبر، حتفه فى حفل زفاف فى إيجاى، احتفالًا بزفاف ابنته كليوباترا، ثم دخل باوسانياس، أحد أفراد الحرس الشخصى لفيليب، الذى هاجم الملك مدفوعًا بمظالم شخصية، و(يقول البعض) بدوافع سياسية، وفقا لما نشره موقع صحيفة greekreporter.
تكثر المؤامرات التى تُشير إلى أن أوليمبياس، الملكة الجبارة، أو حتى الإسكندر الشاب نفسه، ربما كانا وراء عملية الاغتيال، وتكمن صدمة هذا الاغتيال فى جرأته واحتمال تورّط أقرب أفراد عائلة الملك فيه.
إن فكرة تورط زوجة فيليب وابنه فى اغتياله زادت من شعور الخيانة والمؤامرات فى اليونان القديمة، كانت هذه واحدة من الاغتيالات السياسية العديدة التي هزت اليونان القديمة.
بارمينيون
وجد بارمينيون، القائد الشجاع والأب الروحى للإسكندر، نفسه متورطًا في شبكة من الشكوك والمؤامرات، اتُهم ابنه، فيلوتاس، بالتآمر ضد الإسكندر الأكبر، ورغم سنوات خدمته المخلصة، اعتُبر بارمينيون تهديدًا، فأُعدم فورًا.
لم يكن للولاء الذى أظهره ألكسندر أى قيمة، كانت صدمة اغتيال بارمينيون متأصلة فى قسوة ألكسندر فى التعامل مع التهديدات المُفترضة، إذ لم يكتف بتصفية المتهمين فحسب، بل قضى أيضًا على كل من يرتبط بهم عن بُعد.
كليوباترا المقدونية
كانت كليوباترا المقدونية، شقيقة الإسكندر الأكبر، بيدقًا في لعبة الشطرنج السياسية الهلنستية المميتة، تحالفاتها عبر الزواج جعلتها شخصية بارزة، وبالتالي، شكلت تهديدًا لأنتيغونوس الأول.
إن نهايتها المبكرة على يد عملائه تُذكرنا بكيفية تشابك الزواج والسياسة بشكلٍ مُميت، كان اغتيال كليوباترا صادمًا لأنه أظهر مدى ما قد يصل إليه القادة المتعطشون للسلطة للقضاء على منافسيهم.
سلطت جريمة قتل كليوباترا الضوء على حقيقة وحشية مفادها أن الروابط العائلية لم توفر أي حماية في عالم اليونان القديمة القاسي، الأمر الذي أثار صدمة المنطقة.
فيليب الثالث أريدايوس
كان فيليب الثالث أرييدايوس المسكين، الأخ غير الشقيق للإسكندر، أقرب إلى دمية منه إلى ملك، وإعدامه على يد أوليمبياس، التي كانت حريصة على إفساح الطريق لحفيدها، الإسكندر الرابع، قصة قديمة قدم الزمان القضاء على المنافس لضمان العرش.
كانت الصدمة هنا في قسوة أوليمبياس، التي لم تتردد في قتل ابن زوجها لضمان بقاء نسلها في السلطة.
ألكسندر الرابع
لقي الإسكندر الرابع الشاب، ابن الإسكندر الأكبر وروكسانا، مصيرًا مروعًا مع والدته بأمر كاساندر الطموح، وبإقصاء الورثة الشرعيين، ضمن كاساندر قبضته على السلطة، فلقد كان اغتيال الإسكندر الرابع صادمًا بشكل خاص لأنه كان بمثابة نهاية الخط المباشر للإسكندر الأكبر.
كليتوس الأسود
كليتوس الأسود، الذي أنقذ حياة الإسكندر ذات مرة، وجد نفسه في موقف حرج خلال مشادة كلامية، أدى هذا المزيج المتقلب من الكبرياء والغضب والإفراط في شرب المشروبات الروحية إلى لحظة جنون انتهت بمأساة، لقد كانت وفاة كليتوس صادمة بسبب الإسكندر نفسه، الذي قتل رجلاً كان مدينًا له بحياته.
الإسكندر الأكبر
لقى الإسكندر الأكبر العظيم، وهو جبار امتدت إمبراطوريته من اليونان إلى أطراف الهند، حتفه في نهاية غامضة وغير متوقعة في القصر الفخم لنبوخذ نصر الثاني في بابل.
في عمر 32 عامًا، ادعى البعض أنه حمى، والبعض الآخر سم، كانت وفاة الإسكندر صادمة نظرًا للغموض الذي أحاط بها والفراغ الهائل الذي خلّفته في السلطة.
بينما لا نعرف بالضبط سبب وفاة الإسكندر، كانت هناك نظرية قديمة تُفيد بأنه اغتيل بمؤامرة من المقدونى أنتيباتر والأرستقراطية المقدونية، ووفقًا لهذه النظرية، كما طرحها أريان، خشي أنتيباتر أن الإسكندر يخطط لعزله بسبب تزايد تراجع شعبيته بين اليونانيين ولمنع ذلك، دبر أنتيباتر عملية تسميمه خلال وليمة، حيث كان ابنه الأصغر، إيولاوس، ساقيًا للإسكندر، وقدم له الشراب السام.
تزعم هذه النظرية أيضًا أن أرسطو، الفيلسوف ومعلم الإسكندر، حضّر السمّ مدفوعًا بتحالفه السياسي مع أنتيباتر وغضبه الشديد من سجن الإسكندر وإعدام ابن أخيه كاليسثينيس.
إلا أن كلاً من أريان وبلوتارخ يرفضان هذه النظرية باعتبارها لا أساس لها، ويوضح بلوتارخ أن هذه النظرية ظهرت بعد سبع سنوات من وفاة الإسكندر، ونشرتها والدته أوليمبياس، التي اتخذتها ذريعةً لقسوتها على أصدقاء أنتيباتر وأنصاره، على أى حال، لا يزال موت الإسكندر لغزًا حتى يومنا هذا.

الإسكندر الأكبر يودع جيشه أثناء احتضاره