يلتقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو اليوم، الإثنين، فى البيت الأبيض لمناقشة الخطط الأحدث المدعومة من الولايات المتحدة لـ غزة بعد الحرب، والتى يأملان أن تمهد الطريق لإنهاء الصراع المستمر منذ عامين، بحسب ما قالت صحيفة نيويورك تايمز.
وسيكون هذا اللقاء هو الرابع بين ترامب ونتنياهو منذ عودة الأول إلى البيت الأبيض فى يناير الماضى. وقد أثار كلاهما آمال بوقف إطلاق النار، إلا أن أيا منهما لم ينهى القتال بشكل حاسم.
هذه المرة سيلتقى ترامب ونتنياهو فى ظل جهود دولية لتطوير مقترحات محددة لحكم غزة بعد انتهاء الحرب. وتدرس إدارة ترامب فكرة طرها رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، فى حين قدمت فرنسا والعديد من الحكومات العربية خططها الخاصة.
ويأتى الاجتماع بعد أسبوع تعمقت فيه العزلة الدولية لإسرائيل، بعد أن أعلنت فرنسا وبريطانيا والعديد من الدول الأوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كما أن ترامب، الذى كان بمثابة بطل لإسرائيل، أعرب عن نفاذ صبره إزاء استمرار الحرب التى سيتدخل عامها الثالث الشهر المقبل. وقال أيضا أنه لن يسمح لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة التى يأمل الفلسطينيون أن تكون جزءاً من دولتهم المستقبلية.
وكان نائب الرئيس الأمريكي، جيه دى فانس، قد صرح يوم الأحد بوجود "مفاوضات معقدة" جارية بين القادة العرب وإسرائيل وإدارة ترامب. وبينما أبدى فانس تفاؤلاً حذراً بشأن تحقيق تقدم، أضاف أن الاتفاق قد "يتم عرقلته فى اللحظة الأخيرة".
يوم الأحد، أعرب نتنياهو عن أمله فى أن تتمكن إسرائيل من "الموافقة" على مقترح ترامب. وقال فى مقابلة مع قناة فوكس نيوز: "نحن نعمل على ذلك؛ لم يُحسم الأمر بعد".
وألمح إلى أن إسرائيل ستكون مستعدة لمنح العفو لأعضاء حماس إذا أنهوا الحرب وأطلقوا سراح الرهائن.
وكان وفد من قادة المستوطنين الإسرائيليين فى الولايات المتحدة يوم الأحد سعياً للقاء نتنياهو للضغط عليه لتحدى تحذير ترامب بشأن الضم. وقد ضغطوا، إلى جانب إسرائيليين يمينيين آخرين، على إسرائيل لضم المنطقة بعد أن اعترفت عدة دول أوروبية بدولة فلسطينية الأسبوع الماضى.
وقال ناداف شتروخلر، المستشار السابق لنتنياهو والمحلل السياسى الإسرائيلي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلى يتطلع بالفعل إلى الانتخابات المقبلة فى البلاد، والمتوقع إجراؤها العام المقبل. وقال إن ذلك قد يمنح انتنياهو حافزاً للموافقة على مقترح ترامب و"إنهاء" الحرب على غزة، حتى لو أزعج حكومته وأثار بعض ردود الفعل العنيفة من اليمين. وقال شتراوكلر: "إنه يبحث عن مخرج من هذا الوضع. ولعل هذه هى الصيغة التى تمكنه من ذلك".
من ناحية أخرى، قالت شبكة سى إن إن إنه رغم ما يقوله ترامب بأن الاتفاق لإنهاء الحرب فى غزة محتمل، فإن المقترح فى هذا الاتفاق يمثل إشكالية سياسية لنتنياهو، فبمقدار التحول الذى حدث بالمنطقة، تحول نتنياهو أيضا، وهذا التغيير فى النهج سيجعل هناك صعوبة شديدة فى التنبؤ بما هو قادم.
فعلى مدار سنوات، اتسم نهج نتنياهو فى الحرب بالدخول فى صراعات موجزة وممكن احتوائها، لاسيما فى غزة، مثل حرب 2012 التى استمرت ثمانية أيام فقط. لكن الحرب الحالية فى غزة ستكمل عامها الثانى الشهر المقبل، وهى الأطول فى تاريخ إسرائيل.
وعندما عاد إلى السلطة فى 2009، أعلن نتنياهو أن أحد أهدافه هو القضاء على حماس. لكن من الناحية العملية، ورغم لهجته، فإن السياسة الأمنية لنتنياهو كان ينظر إليها على نطاق واسع أنها حذرة ومقيدة، بل إن بعض خصومه السياسيين وصفوه بالجبان وسخروا منه لعدم قدرته على اتخاذ خطوات حاسمة. لكن بعد 7 أكتوبر، وعد نتنياهو الإسرائيليين بأنه سيغير الشرق الأوسط. وهذه المرة قصد ما قاله.
فأصبح المحللون الذين توقعوا من قبل قدر من الحذر يتعاملون مع واقع جديد، فنتنياهو الذى ابتعد من قبل عن الحرب الطويلة والعمليات البرية، مدركا الثمن السياسى والتكلفة التى تنجم عن النتائج غير الحاسمة أو الجمود، يتبع هذا النهج حاليا، رغم تحذيرات جيشه.
لكن فى الواقع، قد تشير التصريحات المتفائلة الأخيرة التى أدلى بها ترامب حول اتفاق وشيك لإنهاء القتال إلى أنه قديجبر نتنياهو قريبا على قبول الوضع الراهن الجديد - وهو الوضع الذى قد يوقف محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلى لبناء إرث من خلال العدوان العسكرى ويجبره بدلا من ذلك على مواجهة حساباته السياسية.