الشقيق الأصغر للزعيم الراحل فى حوار لـ«اليوم السابع»: رفضنا زواج عمرو موسى من شقيقتى عايدة.. اللواء طارق: جمال رفض أى امتيازات لعائلته.. كان فطارنا جبنة قريش وفول وبيض وغدانا بصارة أو رز وخضار

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 01:46 م
الشقيق الأصغر للزعيم الراحل فى حوار لـ«اليوم السابع»: رفضنا زواج عمرو موسى من شقيقتى عايدة.. اللواء طارق: جمال رفض أى امتيازات لعائلته.. كان فطارنا جبنة قريش وفول وبيض وغدانا بصارة أو رز وخضار اللواء طارق عبدالناصر الشقيق الأصغر للزعيم الراحل

حوار - عادل السنهورى

- عشنا مثل أى أسرة مصرية والشائعات عن الرئيس هدفها تشويه سمعته حتى بعد وفاته.. عشت مع جمال فى بيت المنشية . والتحقت بالكلية الحربية دون واسطة وأرسل شقيقى خطابا للمدير يطالبه بمساواتى بكل الطلبة دون تمييز

 

حكايات نادرة من طفولة وشباب جمال عبد الناصر على لسان شقيقه الأصغر

كان فارق العمر كبيرا؛ لكنه بقدر ما غيّب كثيرًا من التفاصيل عن وعى الشقيق الأصغر؛ فقد منحه ميزة أن يكون شقيقًا وابنًا فى وقت واحد، وأن يقترب لأقصى نقطة ممكنة من الزعيم.

اللواء طارق عبدالناصر، الشقيق الأصغر للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، يستعيد جانبًا من ذكريات الطفولة والشباب، وما عاشه مع الرجل الذى كان ملء السمع والبصر، لا فى مصر وحدها؛ إنما على امتداد العالم، وبزعامة شرعية انعقدت له بإرادة الملايين من المحيط إلى الخليج.

اللواء طارق عبدالناصر (1)

علاقة خاصة جمعته بالرئيس/ الأب، وتفاصيل عديدة شهد عليها من النقطة صفر، وأسرار ربما من فرط بساطتها لم تُذكر سابقًا؛ لعل أهمها قصة تقدم الدبلوماسى البارز عمرو موسى، وكان مُلحقًا صغيرًا بالسلك الدبلوماسى وقتها، طالبا الزواج من عايدة عبدالناصر، أصغر شقيقات الرئيس، ورفض العائلة له، واللواء طارق يستعيد الحكاية من ذاكرته فى سياق البحث عن أسباب لموجات الهجوم على الرئيس، كما لو كان يُفسّر اندفاعة البعض فى مواقفهم من مساحات خفية، أو اعتبارات شخصية.

حوار مُكثّف عن النشأة على مقربة من الزعيم، وفى بيته، والخاص والعام خلال تلك الأيام المشحونة بالأحداث والتقلبات. تجربة الالتحاق بالكلية الحربية عقب هزيمة يونيو، وانخراطه فى فرق الصاعقة، وعمليات المجموعة 39 قتال بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعى، وإعادة بناء الجيش، ورحلته ما بعد العسكرية والزعيم.. أسرار وحكايات يرويها اللواء طارق عبدالناصر، الشقيق الأصغر للزعيم الراحل فى ذكرى رحيله الـ55.

 

البداية والنشأة فى الإسكندرية.. كيف كانت؟

- أنا مولود فى أغسطس 1949 فى محرم بك، إسكندرية. نشأت هناك، وبعدين انتقلنا لسموحة. دخلت المدرسة الابتدائية فى سموحة، وكنت زى أى طفل عادى فى المنطقة وفى المدرسة ومع زملائى وأصحابى. تلميذ عادى جدا وربما أقل من العادى بسبب التعليمات التى علمت بها بعد ذلك بسنوات من الرئيس نفسه.

اللواء طارق عبدالناصر (3)

متى بدأت تعى بالأحداث حولك؟

- بدأت أوعى كويس حوالى سنة 1956، وقت العدوان الثلاثى. كان  عندى 7 سنين فى الصف الأول الابتدائى، وفاكر الجو العام فى البيت والشارع، زى «أطفى النور» والناس قلقانة، بس مكنتش فاهم التفاصيل قوى.

كيف كنت ترى جمال عبدالناصر كأخ وكرئيس؟

- جمال كان بالنسبة لى أخ وفى نفس الوقت زى الأب، عشان فرق السن بينا كان كبير. كان مهتم بكل العيلة، إخواته وأولادهم، رغم مشاغله كرئيس. كنا نتقابل كل صيف فى المعمورة، نتغدى ونقعد معاه، وكان تعامله إنسانى جدًا ويهتم بكل التفاصيل.

ما أبرز ذكريات الطفولة مع شقيقك الأكبر رئيس الجمهورية؟

- كان عطوفا جدا وحنونا لا تشعر معه فى اللقاءات الأسرية والعائلية بأنك أمام رئيس بحجم عبدالناصر. أتذكر لما كنت صغير، حوالى 4-5 سنين، نادانى عشان أقعد على رجله فى حفل زفاف شقيقه الليثى عبدالناصر فى إسكندرية. ولما كبرت شوية فى المرحلة الإعدادية كنت أشارك دائما فى معسكرات الكشافة والجوالة، وفى مرة كنت عايز أروح معسكر كشفى دولى فى اليونان، فالوالد «الحاج عبدالناصر» قالى استأذن أخوك جمال. رحت المعمورة وقابلت «الريس» وأبلغته برغبتى فى السفر رغم السن الصغيرة، فضحك وقالى الموضوع مش محتاج إذن، ووافق فورا. كان بيشجعنى على الحاجات دى. الريس كان يحب الدكتور حاتم صادق زوج الدكتورة هدى، وكنت أحب الجلوس معهما مع التحاقى بالمرحلة الثانوية، قعدت معاه على العشاء مع حاتم. كان بيحكى دائما عن الثورة، وأنا جالس بأسمع من الرئيس. كان الجو مريح وعفوى.

اللواء طارق عبدالناصر (2)

كيف كانت حياتك فى المدرسة كشقيق الرئيس عبدالناصر؟

- كنت زى أى طالب عادى، بركب الترام بأبونيه - اشتراك - بـ50 قرش طول السنة، وما كانش فيه أى تمييز فى المدرسة. المدرسين حتى لو عارفين إنى أخو الرئيس، كانوا بيعاملونى زى الباقيين، وما كانش فيه حاجة اسمها معاملة خاصة. لدرجة إن الناظر عاقبنى مرة عشان كنت بصفّر على سلم المدرسة رغم معرفته إنى شقيق الرئيس.

هل كنت تشعر بأنك تحت ضغط بسبب إنك أخو الرئيس؟

- كنت بعيش حياة عادية. بس الوالد كان حريص إننا ما نبقاش مميزين عشان الناس ما تقولش إننا بنستغل مكانة جمال. كان دايمًا ينصحنا نبقى زى أى حد.

ما حكاية الحراسة التى كانت ترافقك فى الإعدادية والثانوية؟

- فى الستينيات، حوالى 1964، ومع الكشف عن تنظيم 64 لجماعة الإخوان والقبض على أعضائه ووضع أسرة الرئيس على قوائم الاغتيال صدرت التعليمات بتعيين حراسة عبارة عن مخبر يرافقنى - وكل فرد فى الأسرة - فى كل مكان، الشارع والمدرسة والسينما. كنت فى سن المراهقة، عايز أعيش زى أى شاب، لكن المخبر كان ملازمنى دايما، وده كان بيضايقنى لأنى ما كنتش حاسس إنى حر.

مرة اتأخرت عن طابور المدرسة والباب اتقفل، المخبر دخل بالعافية، فالناظر بلّغ مأمور قسم محرم بك بالواقعة، والمأمور كلّم والدى، فحضر للمدرسة فى الرمل واعتذر للناظر. كان موقف محرج، بس الوالد كان حريص يحل الموضوع بهدوء حتى لا يصل للريس.

اللواء طارق عبدالناصر (4)

ماذا عن  زياراتك لجمال عبدالناصر عندما كبرت؟

- لما كبرت، كنت بزوره فى الصيف فى المعمورة، عادة مع خالد وعبدالحميد. كنا نقعد معاه على الغدا، نلعب فى الميه، وكان جو عائلى عادى. لما دخلت الكلية الحربية فى القاهرة، استقريت فى بيت الرئيس فى منشية البكرى فى غرفة الضيوف، كان مشغول بعد الهزيمة ورؤيتى له قليلة بسبب التحاقى بالكلية.

ماذا كان الرئيس يتناول فى طعامه؟ هل كان يستورد الجبنة من سويسرا؟

- الأكل كان زى أى بيت مصرى عادى. الفطار كان فول، جبنة قريش، بيض مسلوق. الغدا كان رز، خضار، فراخ أو لحمة، يعنى أكل بسيط. أنا تناولت معه الطعام فى مرات قليلة بسبب انشغاله بعد 67 وغيابى فى الكلية الحربية . تناولت معه الجبنة القريش والجبنة البيضاء العادية والبيض أحيانا إلى جانب الفول أحيانا والطماطم والجرجير. أما كلام إنه كان بيجيب جبنة من سويسرا كذب وافتراء، أنا شفت الجبنة البيضا العادية بس.

لماذا يهاجم عمرو موسى الرئيس عبدالناصر رغم أنه اختاره ضمن الوفد الدبلوماسى فى بعض زياراته للخارج؟

- هناك أمور كثيرة تتعلق به وتخصه تجعله يهاجم عبدالناصر حتى بعد رحيله بـ55 عاما، ولا أكشف سرا، فقد تقدم عمرو موسى لأختى عايدة، الشقيقة الصغرى للرئيس، كان عمرها 17 سنة وهو حوالى 30.. الطلب اترفض بسبب فرق السن مش عشان حاجة تانية. كان فيه احترام للقرارات العائلية، وعبدالناصر كان حريص إن كل حاجة تتم بعيد عن النفوذ.

وأحب أقولك حاجة تانية، الريس كان مريض بالسكر، ورجله كانت تؤلمه عند الصعود على السلالم للدور الثانى فى البيت، الأطباء نصحوه بعمل أسانسير بس كان رافض والسبب إن الأسانسير مكلف ماليا!

اللواء طارق عبدالناصر (5)

كيف كانت تجربتك فى الكلية الحربية وأنت طارق عبدالناصر؟

- لما دخلت الكلية الحربية بعد موافقة الوالد وبالتشاور مع ناصر، كنت زى أى طالب، ما كانش فيه تمييز. خضت كل الاختبارات المطلوبة لدخول الكلية الحربية، ونجحت فيها دون أى تدخل. فى بعض الأحيان كنت أذهب بالسيارة وأنزل منها فى مكان بعيد وأمشى على رجلى عشان ما حدش يقول إنى جاى بامتيازات.

هل كان جمال عبدالناصر يتابعك أثناء وجودك فى الكلية الحربية؟

- الريس جمال كان بيتابعنى عن قرب.. لكن خالد  زارنى فى الكلية بعد فترة المستجدين، وبعد انتهائى من فترة المستجدين وعندما عدت إلى منزل منشية البكرى الريس كان يسألنى عن التفاصيل فى الكلية: إيه الأكل؟ كام مرة لحمة فى الأسبوع؟ كان مهتم جدًا بكل حاجة. وحريص على معرفة كل ما يجرى مع الطلبة فى الكلية  الحربية.

ما قصة الخطاب الذى أرسله عبدالناصر لمدير الكلية الحربية بشأنك؟

- دار كلام كتير فى الكلية عن الدفعة 55 المنضمة بعد يونيو 1967، ومنها شقيق عبدالناصر، وتأهب الجميع لمعاملتى كشقيق الرئيس، لكن بعدها وفى الطابور راح ضابط معلم برتبة نقيب يقرأ نص برقية فى الميكروفون من الرئيس لمدير الكلية، وكان دفعته، ونصها: «السيد اللواء محمود زكى عبداللطيف.. نما إلى علمى أن طالبا يدعى طارق عبدالناصر حسين انضم للكلية بصفته مواطنا مصريا، وليس كشقيق لرئيس الجمهورية، ولهذا فإنى آمل ألا يلقى أى ميزة عن باقى زملائه، فله ما لهم وعليه ما عليهم وجميع الطلاب أبناء الوطن متساوون».

هل قربك من عبدالناصر كشقيقه الأصغر عرضك لمعاملة قاسية وللجزاءات داخل الكلية؟

- مش قلت لك.. عشان أنا أخو الرئيس كان يتم توقيع الجزاءات لأبسط الأشياء بالزيادة عن باقى الطلبة، رغم أن هذه الجزاءات أثرت على ترتيبى على مستوى الدفعة عند تخرجى.

المرة الأولى التى تعرضت فيها للجزاء سببها هو رجوعى متأخرا من الإجازات لمرض والدى وخصم منى المسئولون بالكلية درجات،
الوالد كان مريض فى إسكندرية، وأنا نزلت إجازة الخميس والجمعة، بس اتأخرت يوم زيادة وما رجعتش فى الميعاد. انعقد مجلس الكلية، وعاقبنى بـ168 ساعة سجن تعليمى، وخصموا منى درجات. ذكرت لهم إن الوالد كان مريض، بس لازم كنت أبلغ. الانضباط كان صعب، ومكنش فيه استثناءات.. وأثناء وجودى فى الكلية تصادف أن جاء موعد فرح أختى عايدة ولم أحضره لأن كتيبتى فى الكلية فى حالة استعداد وطوارئ.

حتى عندما كنت معلما بمدرسة الصاعقة اتصل عبدالناصر بقائد المدرسة الرائد محمد أحمد وهبى، وكان مضمون المكالمة: «يا وهبى عايزك تخلى بالك من طارق وتشد عليه، عايزه ضابط كويس!.» ودى كانت التوصية الوحيدة.

فى فرقة الصاعقة لمدة 3 أشهر، وبعدها وقع علىّ الاختيار كضابط معلم بالمدرسة، كان يتم زيادة أعداد الكتائب التى شاركت فى حرب أكتوبر فيما بعد.

اللواء طارق عبدالناصر (6)

كيف كانت بدايتك فى فرق الصاعقة بعد التخرج فى الكلية الحربية؟

- بعد ما اتخرجت عام 1969، اخترت قوات الصاعقة عشان كنت متميز فى اللياقة البدنية، وكنت بحب نوعية القتال اللى فيها مواجهة مباشرة وتدريب خاص. الصاعقة كانت سلاح متميز، الأوامر صدرت بزيادة  تشكيل الكتائب عشان الاستعداد للحرب.

هل تناقش معك الرئيس عن مستقبلك العسكرى بعد التخرج؟

- لما اتخرجت عام 69، طلبنى وقاللى: «نويت على إيه؟» أنا قلت له إنى اخترت الالتحاق بوحدات الصاعقة. وراح يشرح لى إنه حارب فى الفالوجة فى فلسطين وأصيب، وقاللى كلمة عجبتنى: شوف يا طارق «لكل أجل كتاب»، وشجعنى أعتمد على نفسى.

لكن الوالدة حاولت التأثير على قرارك والاتصال بالرئيس؟

- أمى كانت مثل كل أم، خايفة علىّ وبتفضل إنى أكون فى مكان آمن قريب منها. مرة كلمتنى وأنا قاعد مع الريس، كانت عايزانى أختار مكان قريب منها فى الإسكندرية.

ما قصة انضمامك للمجموعة 39 قتال، وماذا كان يميزها؟

- انضممت لمجموعة 39 صاعقة مع زميل الدفعة ملازم فؤاد مراد، كنا أحدث ضباط ملازمين. المجموعة دى كانت مميزة بتاريخها المميز فى سيناء، زى تدمير نقاط عسكرية حصينة للعدو فى سيناء وقتل فيها 44 ضابط إسرائيلى. كان لازم تكون عندك كفاءة عالية وذكاء عشان تدخلها، المجموعة كان لها تاريخ كبير فى العمليات البطولية.

والشهيد البطل إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة هو اللى رشحنى بناءً على سمعتى كمعلم فى مدرسة الصاعقة، واشتغلت مع ضباط زى وسام عباس حافظ. كنا فرقة متميزة، وكل واحد فينا كان يعمل كفدائى فى المهام القتالية .

فى فرقة الصاعقة التدريب كان شاق جدًا، فى جبال وصحراء وبحيرات، وكنت التانى فى الترتيب من العشرة الأوائل. كل فرقة تاخد 3 شهور تدريب مكثف.

كيف شاهدت إعادة بناء القوات المسلحة بعد 1967؟

- كان فيه جهد كبير لبناء القوات المسلحة من القاعدة للقمة.. الجيش وصل لمليون مقاتل، بسبب دخول نصف مليون طالب جامعى. كان فيه انضباط شديد، واهتمام كبير بالجنود، من أكلهم لمعيشتهم، عشان يكونوا جاهزين للقتال.

الجيش كان فى حالة تغيير جذرى بعد 67. الاهتمام كان على كل المستويات: تسليح، تدريب، معيشة. كل حاجة اتغيرت، والجيش كان مستعدا للقتال عند صدور الأمر. كان فيه حالة استعداد عالية جدًا، وده ساعدنا فى حرب أكتوبر.

الريس كان بيطمئن على الجنود بنفسه. كان يحضر المناورات بنفسه للاطمئنان على الكفاءة القتالية وكان حريصا إن الجنود يتعاملوا باحترام.
وفى عام 70، الدفاع الجوى أصبح قويا بحائط الصواريخ الجديد. ولم يجرؤ الطيران الإسرائيلى على الاقتراب من القاهرة وخط القناة. 
أنا قبل ذلك شاهدت بنفسى عملية اعتداء الطيران الإسرائيلى على مصنع أبو زعبل عند وصولنا إلى مدرسة الصاعقة فى أنشاص، على الساعة 7:30 أو 8 الصبح. يومها شفت دخان كتير يتصاعد فى أبو زعبل من بعيد بسبب قصف إسرائيلى، مكنتش أعرف التفاصيل بالظبط، بس كانت لحظة صعبة.

ما قصة عملية الاستطلاع اللى شاركت فيها قبل حرب أكتوبر 73؟

- فى عملية استطلاع فى البحر الأحمر، توجهت أنا والرائد وسام عباس حافظ متخفيين فى ملابس عمال شركة بترول مصرية-أمريكية «شركة جابكو» كانت ما زالت تعمل فى البحر الأحمر. انتقلنا بالهليكوبتر لرصيف عائم وسط خليج السويس مقابل ميناء الطور فى جنوب سيناء، لتصوير سفن إمداد الميناء الذى كان يسيطر عليه العدو بكاميرات بعيدة المدى. كان معنا سلاح شخصى وقنابل يدوية فى حقائبنا فى حالة مواجهة العدو. رجعنا بالهليكوبتر مع غروب الشمس، وعلمنا بعدها إن الإسرائيليين فتشوا المكان بعدما تركناه بحوالى ساعة.

ما أبرز مشاركاتك فى حرب أكتوبر 1973 مع مجموعة 39 صاعقة؟

- يوم 14 أكتوبر 1973 شاركت فى الإغارة على مستودعات البترول بمنطقة رأس شراتيب فى جنوب البلاعيم فى سيناء وتدميرها لحرمان العدو من الوقود وتعطيل احتياطياته، تحركت المجموعة فى آخر ضوء بـ4 قوارب ضمت العقيد إبراهيم الرفاعى، والعقيد محمد عالى نصر، والرائد وسام عباس حافظ، والرائد رفعت الزعفرانى، والرائد محسن طه والمقاتل ملازم عبدالعزيز عثمان، والرقيب سمير نوح، والمساعد أبو الحسن.انطلقنا من قاعدة الدوريات للمجموعة فى رأس غارب. تحركنا فى آخر ضوء وعبرنا خليج السويس لحوالى 50 كيلومتر بأربعة قوارب ووصلنا إلى منطقة الهدف الساعة الثانية صباحا ونزلنا على الشاطئ وأخذنا وضع تشكيل القتال وبدأنا فى قصف منشآت البترول التى اشتعلت، فحولت ظلام الليل إلى نهار. عندها بدأت دبابات العدو فى إطلاق النيران علينا بكثافة. 

ومنها ما أصاب إحدى المنشآت والتى اشتعلت فيها النيران. أصبحت المنطقة كما النهار، فأمر العقيد إبراهيم الرفاعى بالعودة إلى القوارب حتى لا يكتشف العدو  مكاننا. وبعد تحركنا بالقوارب طاردتنا طائرات العدو ولم تتمكن من اكتشافنا. ووصلنا بسلامة الله إلى شاطئ الغردقة مع أول ضوء.
بعدها جاءت الأوامر بالتوجه إلى الإسماعيلية لمواجهة العدو داخل الثغرة  واستمرت المعارك بدءا من يوم 18 أكتوبر وحتى 22، وانتهت الاشتباكات بخسائر كبيرة للعدو، وانتهت باستشهاد البطل إبراهيم الرفاعى.

إلى أى مدى تأثر جمال عبدالناصر بوفاة الوالد فى 1968؟

عندما توفى الوالد فى 1968، توجه الريس إلى الإسكندرية وحضر الجنازة فى مسجد القائد إبراهيم. كان متأثرا جدًا، وعاد على الفور لأنه كان مشغولا بالجبهة والاستعداد للمعركة. مكنش بينام، ليل نهار مع الجيش، وده زاد الضغط عليه.

متى شاهدت الرئيس جمال عبدالناصر آخر مرة قبل وفاته فى 28 سبتمبر 1970؟

- آخر مرة شفته كانت فى 1969، لما كنت ملازم أول فى الصاعقة. كنت بنزل على بيته فى المنشية على فترات متباعدة وقليلة، بس مش كتير، لأن الجيش كان واخد كل وقتى للإعداد والتجهيز للمعركة المصيرية.

متى عرفت بخبر وفاة جمال عبدالناصر؟

- كنت فى مدرسة الصاعقة بعد انتقالها إلى حلوان مع زملائى وكنت جالسا معهم فى خيمة نتحدث بعد العشاء.. فجأة تركونى وحيدا. فانتقلت إلى خيمة أخرى لأجد زملائى يستمعون إلى الراديو وصمتوا عندما رأونى.. دخلت عليهم، وكانوا مترددين يقولولى. الصبح، قائد الجناح نادانى وأخبرنى بخبر الوفاة.. حسيت بصدمة زى كل المصريين.

ماذا حدث يوم الجنازة ووداع الجثمان؟

- ذهبت إلى منزل منشية البكرى، وبعدها اتحركنا مع خالد وعبدالحميد وحاتم وعبدالحكيم، إلى قصر القبة، حيث كان الجثمان موجودا وسط زحام رهيب.. الجثمان اتنقل بالهليكوبتر لنادى الجزيرة، الذى كان مغلقا ثم تحركنا رلى مقر مجلس قيادة الثورة، حيث بدأت الجنازة بحضور الملوك والرؤساء من كل أنحاء العالم. وصلنا الضريح فى حدائق القبة، نزلت إلى القبر أنا وخالد وعبدالحكيم وحاتم، نظرت إلى القبر ولم أستطع الانتظار وبكيت بحرقة.. الناس كانت بتبكى بحرقة شديدة، والزحام كان مهولا.

الناس كانت فى حالة حزن شديد. شفت ملايين فى الشوارع، مثل يوم التنحى بعد 67 وتذكرت عندما نزلت مع زمايلى فى الثانوية مع الملايين فى الشوارع دون ترتيب وبصورة عفوية. الكل كان متأثر وحاسس بجسامة الخسارة.

هل تم تكريمك بعد حرب أكتوبر 1973؟

- بعد الحرب، شرفت بالحصول على نوط الجمهورية العسكرى، كما تم منح اسم العقيد الشهيد إبراهيم الرفاعى نجمة سيناء.

هل بعد الحرب تم حل المجموعة 39 صاعقة؟

- بعد الحرب، المجموعة اتحلت. بعدها اتنقلت لفرع الملحقين العسكريين بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع سنة 1974، وخدمت هناك حتى عام 1976. وبعدها عدت لوحدات الصاعقة فى 1976.

طلبت مقابلة الرئيس السادات فى المعمورة وطلبت منه الموافقة على نقلى للعمل بالهيئة العربية للتصنيع. وافق بعد شهر، واستمريت بالهيئة حتى 1977، ثم تقاعدت وبعدها عملت فى العمل الخاص.

حتى وفاة الرئيس عبدالناصر هل استفاد أى أحد من العائلة بأية امتيازات؟

- لا يمكن.. لا أنا ولا العيلة أخدنا أى امتيازات. الريس كان ضد القصة دى على طول الخط، لأنه هو نفسه عانى من التمييز فى مقتبل حياته، وكان بيعتبر استغلال النفوذ من المحرمات.

جمال كان صلب فى الموضوع ده. محدش كان يقدر يكلمه فى حاجة زى الوساطة، لا إخواته ولا أبناءه ولا حتى والده.. ما كنش فيه أى شبهة استغلال نفوذ من أى حد فى العيلة.. الريس كان ضد الامتيازات تمامًا. ولما عرض عبود باشا على الوالد عضوية مجلس إدارة إحدى الشركات التابعة له، جمال رفض بشدة وقال للوالد: «مش عايزينك انت، عايزينى أنا عشان يستغلوا اسمى ومنصبى».

فى الفترة الأخيرة زاد الهجوم على جمال عبدالناصر رغم مرور 55 عاما على وفاته.. كيف ترى هذا الهجوم ودوافعه؟

- الهجوم كان دايما موجود، خاصة من الإخوان المسلمين وفلول ما تبقى أحفاد الإقطاعيين وأصحاب الثروات المشبوهة حاليا.. بيطلعوا شائعات زى إنه كان بيجيب جبنة من سويسرا، وده كلام كذب.. الهجوم على عبدالناصر ليس لشخصه وإنما لمشروعه الوطنى  ومبادئه وانحيازه للفقراء والأغلبية العظمى من الشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية والاستقلال الذاتى والتنمية الوطنية ومبادئ العروبة.

الريس كان يبنى البلد من الداخل. بنى مصانع ومدارس ومستشفيات وكهرباء فى الريف اللى مكانش فيها حاجة. كان بيحارب عشان الغالبية، مش الأقلية.. كان ضد الفروق الطبقية لأنها كانت قليلة جدًا، ومع المساواة وهذا ما شاهدناه  فى المدارس اللى كنا فيها.

ولا تنسى أن أحمد زويل الحاصل على  نوبل وغيره من العلماء كانوا نتاج هذا التعليم المجانى المتميز.

الهجوم مستمر ضد مبادئ ومشروع جمال عبدالناصر التى لا تموت. لذلك بعد 55 سنة من وفاته، الجماهير ما زالت ترفع صوره فى الأحداث الجسام التى واجهت مصر والعالم العربى، لأنهم عارفين قيمته.

لكن الشائعات طالت العائلة حتى بعد وفاته؟

- بعد وفاة جمال، طلعت شائعات كتير عن إخواته وأولاده. الكلام ده كان تشويه سمعة الريس. الليثى شقيقى، مثلًا، اتهجموا عليه مع إنه بنى مدرسة القومية فى إسكندرية وهى من أحسن المدارس لحد النهارده. كان راجل تعليم منذ البداية هو وشوقى عبدالناصر صاحب مدرسة جناكليس فى إسكندرية، وكانت صرح تعليمى محترم. لحد دلوقتى المدرسة دى من أحسن المدارس، وده يثبت إن إسهاماتهم كانت حقيقية ومش مجرد كلام. الشائعات عن فساد العيلة كلها كذب. محدش فينا اتغنى أو أخد امتيازات. كانوا بيحاولوا تشويه سمعة الريس الذى كان يحارب الفساد.

عن إخوات وأبناء عبدالناصر. الناس عارفة الحقيقة رغم الأكاذيب. ذكرى جمال لسه عايشة فى قلوب الناس لأنه حارب عشان مبادئ حقيقية.

فى الفترة الأخيرة - على سبيل المثال - أثيرت قضية الأراضى التى تملكها السيدة عايدة عبدالناصر؟

- شقيقتى عايدة عبدالناصر حصلت على الأرض التى باعتها قريبا فى الشيخ زايد وذلك بعد وفاة جمال عبدالناصر بـ11 عاما، وتحديدا عام 1981 عندما أقدمت على استصلاح أرض صحراوية قاحلة فى المنطقة التى كانت مقفرة، قبل إنشاء مدينتى السادس من أكتوبر والشيخ زايد ومحور 26 يوليو بسنوات عديدة. هذه الأرض فى الثمانينيات كانت قاحلة، ولا يتواجد حولها إلا بعض البدو، وللذهاب إليها كان عليك أن تأخذ معك الماء والطعام.

السيدة عايدة كانت ضمن من أوائل من قاموا باستصلاح واستزراع تلك الأرض وحفر آبار المياه فيها، وتكبدت من المشاق الكثير فى ذلك العمل، وتبعها الآلاف من المصريين الذين استصلحوا الأراضى على طول طريق مصر إسكندرية الصحراوى.

وعندما تم إنشاء مدينة السادس من أكتوبر ومحور 26 يوليو وإنشاء هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، دخلت الأرض حيز المدينة، وتحولت إلى أراضى بناء، ودفعت عايدة جميع الرسوم المطلوبة للدولة، ثم ارتفع سعر الأرض أسوة بباقى الأراضى الصحراوية المتاخمة للمناطق العمرانية الجديدة.

علما بأن شقيقتى كانت متزوجة من رجل أعمال ينتمى لأسرة مرموقة،، ولديه توكيلات لشركات دولية، ويمتلك أرضا بالميراث من والده بمحافظة المنوفية، وباعت الأرض بالجنيه المصرى وسددت للدولة جميع حقوقها من ضرائب ورسوم.

اليوم السابع
 



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة