فك رموز حجر رشيد.. كيف تعامل الناس مع النقوش قديما؟

السبت، 27 سبتمبر 2025 02:00 م
فك رموز حجر رشيد.. كيف تعامل الناس مع النقوش قديما؟ حجر رشيد

محمد عبد الرحمن

تحل اليوم، 27 سبتمبر، ذكرى مرور 203 أعوام على نجاح عالم المصريات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون في فك رموز الهيروغليفية المصرية القديمة عام 1822، بعد دراسته لحجر رشيد، ذلك الاكتشاف الذي غيّر مسار علم المصريات وأعاد إحياء لغة مصر القديمة.

حجر رشيد.. بوابة لفهم حضارة مصر

أهمية حجر رشيد لم تقتصر على كونه مفتاحًا لفك الهيروغليفية، بل شكّل مدخلًا واسعًا لفهم أعماق وأسرار الحضارة المصرية القديمة. فقد أتاح لعلماء المصريات ترجمة البرديات والنصوص المقدسة، والتعرف على تفاصيل الحياة اليومية للإنسان المصري القديم، من تكوين الأسرة وتربية الأطفال، إلى المعارك والأحداث السياسية الكبرى. كما ساهم في تأسيس علم المصريات على أسس علمية رصينة، ما جعل من اللوحة الاسترشادية المكتشفة في رشيد وثيقة فريدة وسفيرًا للحضارة المصرية أمام العالم.

من المجهول إلى الكتاب المفتوح

وبحسب مجلة "ريدرز دايجست" الأميركية، فإن فك رموز الهيروغليفية حوّل الحضارة المصرية من لغز غامض إلى كتاب مفتوح أسر خيال العالم. إذ لم يعد الاهتمام مقتصرًا على الأهرامات والأسر الحاكمة فقط، بل امتد إلى اكتشاف إرث علمي ثمين شمل إنجازات طبية مذهلة؛ فقد عرف المصريون القدماء تشخيص الأمراض المختلفة وعلاجها، كما مارسوا الجراحة وتركوا نصوصًا طبية دقيقة تصف الإجراءات والوصفات العلاجية بتفصيل لافت.

ورغم ما حققه شامبليون، يذهب بعض الباحثين إلى أن محاولات فهم الهيروغليفية بدأت قبل ذلك بقرون. ففي كتابه "الألفية المفقودة: مصر القديمة في كتابات العرب"، يعرض الدكتور عكاشة الدالي جهود العلماء العرب والمسلمين في دراسة علوم المصريين القدماء ومحاولات تفسير رموزهم.

يكشف الكتاب عن مخطوطات عُثر عليها في مكتبات أوروبية، من بينها المكتبة الوطنية في باريس، تتضمن جداول تربط بين الرموز الهيروغليفية وأصواتها بالعربية. ومن أبرز الأسماء في هذا المجال أحمد بن أبي بكر بن وحشية، العالم العراقي الذي عاش في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين. ففي مؤلفه "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام" تناول أنظمة الكتابة القديمة، وأدرك أن الرموز الفرعونية تمثل حروفًا صوتية وليست مجرد صور كما كان يظن الكلاسيكيون في أوروبا. وقد تُرجم كتابه إلى الإنجليزية ونُشر في لندن عام 1806، أي قبل نحو 16 عامًا من إنجاز شامبليون.

كما يبرز اسم الصوفي المصري ذو النون المصري، الذي وُلد في أخميم بصعيد مصر في القرن التاسع الميلادي، وكان مطلعًا على اللغة القبطية السائدة آنذاك، وترك إشارات تدل على اهتمامه بفك رموز الحضارة المصرية القديمة.

وبذلك، يظهر أن نجاح شامبليون لم يكن وليد لحظة منفردة، بل جاء تتويجًا لتراكم طويل من الجهود والمعارف، بعضها من التراث العربي والإسلامي، وبعضها من محاولات أوروبية سابقة. لكن شامبليون استطاع بفضل حجر رشيد – المنقوش بثلاث لغات: الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية – أن يضع حجر الأساس لعلم المصريات الحديث، ويعيد صوت المصري القديم إلى العالم بعد صمت دام قرونًا.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب