ساعات قليلة تحسم مصير العقوبات المقرر إعادة فرضها على إيران، حيث إنه من المقرر سريان قرار مجلس الأمن بهذا الشأن اعتبارا من منتصف ليل السبت، بالتزامن مع انتهاء مهلة "سناب باك".
وتتبقى خطوة أخيرة، تتمثل في تصويت مجلس الأمن الدولي، على مشروع قرار تقدمت به روسيا والصين لتأجيل إعادة فرض العقوبات على إيران لمدة ستة أشهر فقط.
وينص النص الروسي-الصيني، على تمديد قرار المجلس المتعلق بالاتفاق النووي الإيراني حتى 18 أبريل، داعياً جميع الأطراف الأصلية في "خطة العمل الشاملة المشتركة" إلى استئناف المفاوضات فوراً.
وهناك توقعات بفشل التصويت الذى يستلزم نجاحه الحصول على تسعة أصوات من أصل 15، وسط رفض الترويكا الأوروبية (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا) التي فعلت آلية "الزناد" لإعادة فرض العقوبات على طهران بعد اتهامها بخرق اتفاق 2015.
وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد أطلقت في 28 أغسطس عملية مدتها 30 يوما لإعادة فرض العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، واتخذت الدول الثلاث المعروفة باسم الترويكا الأوروبية هذه الخطوة؛ متهمة إيران بعدم الالتزام باتفاق 2015 المبرم مع القوى العالمية، والذي يهدف إلى منعها من تطوير سلاح نووي.
خطوة محتملة..
تأتي هذه التطورات بعد مفاوضات مكثفة تم إجراؤها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن تجنب العقوبات لا يزال ممكناً إذا استجابت طهران لـ"الشروط المشروعة"، فيما انتقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأوروبيين، مؤكداً أن بلاده تتبع نهجاً "مسؤولاً ونزيهاً".
ومن جانبه، شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على أن بلاده لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، رافضاً اتهامات الغرب وإسرائيل.
في المقابل، رفض عراقجي الخطوة، وقال إن الدول الأوروبية فقدت صفتها كأطراف في الاتفاق، وبالتالي لا تملك أساساً قانونياً لتفعيل الآلية.
كما رأت روسيا والصين، في رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن، أن خطوة الأوروبيين "غير قانونية" و"غير منطقية".
موقف طهران..
على صعيد طهران، أكد وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى، أن إعادة سريان قرارات مجلس الأمن الدولى التى تم إلغاؤها ستكون "ضربة موجعة للدبلوماسية ونظام عدم انتشار الأسلحة النووية"، وفقا لما أوردته وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية.
وأشار عراقجي إلى الإجراء غير القانوني وغير المسؤول الذي اتخذته دول الترويكا الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) لإعادة سريان قرارات مجلس الأمن الملغاة ضد إيران، مذكرا كوريا الجنوبية بمسؤولياتها المهمة باعتبارها الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي، وحث وزير الخارجية الإيرانى جميع أعضاء مجلس الأمن على تحمل مسؤولياتهم والعمل بجدية لمنع تقويض العمليات الدبلوماسية من خلال إساءة استخدام مجلس الأمن.
كما لفت عراقجي إلى المبادرات والخطط التي طرحتها إيران في الأسابيع الأخيرة، ومن بينها الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتسهيل التعاون بين طهران والوكالة في ظل الظروف الجديدة، واعتبر أن إجراءات الدول الثلاث الأوروبية والولايات المتحدة إعاقة للدبلوماسية وامتداد لمطالبهم غير القانونية والمبالغ فيها على مدى العقدين الماضيين.
وأكد عراقجي، أن إعادة سريان قرارات مجلس الأمن الملغاة ستكون ضربة موجعة للدبلوماسية ونظام عدم انتشار الأسلحة النووية، وستترتب عليها عواقب غير محسوبة، وسيحاسب المسؤولون عنها؛ معرباً عن أمله في أن يمنع رئيس مجلس الأمن وجميع أعضائه هذا الإجراء غير القانوني وغير المبرر الذي اتخذته بعض الدول لإعادة سريان قرارات مجلس الأمن الملغاة ضد إيران عام 2015.
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الكوري الجنوبي التزام بلاده بدعم الجهود الدبلوماسية، وأشار تشو إلى قرار كوريا الجنوبية الامتناع عن التصويت على مشروع القرار الذي قدمته الدول الثلاث الأوروبية لتمديد العقوبات على إيران، مؤكدا أن كوريا الجنوبية ستواصل أداء مسؤولياتها كرئيس لمجلس الأمن بنهج مهني ومحايد.
إيران والترويكا..
انتقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بشدة تصرفات دول الترويكا الأوروبية بشأن القضية النووية الإيرانية.
جاء ذلك خلال اجتماعه، مع وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، في نيويورك، على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفقا لما أوردته وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية.
واستنكر عراقجي، إصرار الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) على إعادة العمل بقرارات مجلس الأمن الملغاة وفرض العقوبات مجددا على إيران، واصفا موقف الدول الأوروبية بأنه غير مبرر وغير قانوني وغير مسؤول.
وقال وزير الخارجية الإيراني: إن "نهج الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة خلال السنوات العشر الماضية لم يكن له أي منطق سوى محاولة حرمان الشعب الإيراني من حقوقه المشروعة بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي"، مضيفا أن "هذا الأمر بلغ ذروته بالهجوم غير القانوني من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل على المنشآت النووية السلمية الإيرانية، والصمت المتهاون من جانب الدول الأوروبية الثلاث ردا على ذلك".
الاتفاق النووي..
في عام 2015، توصلت إيران إلى اتفاق مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا و الولايات المتحدة وروسيا والصين يُعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة والذي تم بموجبه رفع عقوبات الأمم المتحدة والعقوبات الأمريكية والأوروبية عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وأقر مجلس الأمن الدولي الاتفاق في يوليو 2015 وينص القرار على منح أي طرف مشارك في الاتفاق الحق في إطلاق آلية إعادة فرض العقوبات على إيران، وتنتهي صلاحية هذا القرار في 18 أكتوبر.
بموجب اتفاق 2015، يمكن لأي طرف إطلاق آلية إعادة فرض العقوبات على إيران إذا رأى أن طهران أخلت بالتزاماتها إخلالا جسيما.
وإذا لم تتمكن الأطراف من التوصل إلى حل للخلاف بشأن اتهامات الإخلال "الجسيم" من جانب إيران فإنه يمكن تفعيل هذه الآلية في مجلس الأمن الدولي الذي يتألف من 15 عضوا.
وفي إطار هذه العملية يتعين على مجلس الأمن التصويت خلال 30 يوما على قرار يسمح باستمرار رفع العقوبات عن طهران، شريطة حصول القرار على 9 أصوات على الأقل وعدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) لحق النقض (الفيتو).
انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 وأعادت فرض عقوبات أحادية، وردت طهران بالتراجع التدريجي عن التزاماتها الأساسية.
وأجرى المجلس تصويتا على قرار بهذا الشأن في 19 سبتمبر، لكنه لم يتمكن من إقراره، وأيدت روسيا والصين وباكستان والجزائر القرار بينما اعترضت عليه تسع دول وامتنعت دولتان عن التصويت.
وبناء على ذلك ستتم إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران عند الساعة 8 مساء بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (00:00 بتوقيت غرينتش)، السبت، ما لم يتخذ مجلس الأمن إجراء آخر.
قيود على الوفد الإيراني..
وفى سياق آخر، اتهم مبعوث إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيروانى الولايات المتحدة بانتهاك التزاماتها الدولية، وذلك بفرضها قيود غير قانونية على حركة الوفد الإيرانى رفيع المستوى.
وكتب إيرواني، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أن "الدولة المضيفة لمقر الأمم المتحدة ارتكبت انتهاكا جسيما للالتزامات الدولية، وذلك عندما أعلنت في 8 سبتمبر فرض قيود غير قانونية على حرية حركة الرئيس الإيرانى مسعود بيزشكيان، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وأعضاء الوفد الإيراني الآخرين الذين يزورون نيويورك للمشاركة في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة"، وفقا لما أوردته وكالة أنباء "مهر" الإيرانية.
وذكر المبعوث الإيراني أن حرية تحرك وفد إيران اقتصرت على منطقة ضيقة لا تتجاوز نصف ميل من مقر الأمم المتحدة، كما اشترطت الولايات المتحدة تقديم طلب مسبق مع أسباب مقنعة إلى السلطات المحلية، مع الحصول على موافقتها، لأي سفر أو حركة خارج هذه المنطقة.
كما شملت القيود الفندق الذي يقيم فيه الوفد الإيراني، حيث اشترطت الدولة المضيفة تقديم طلب مسبق للسفر من وإلى مكان إقامة الوفد، وحالت هذه القيود دون حضور الوفد الإيراني لعدة اجتماعات خارج المنطقة المحددة من قبل الدولة المضيفة.
وأشار إيرواني أيضا إلى أنه في 18 سبتمبر أعلنت الولايات المتحدة فرض قيود إضافية تتعدى على حرمة وخصوصية ممثلي إيران، من خلال إلزامهم بتقديم طلبات لشراء السلع الأساسية من متاجر محددة والإفصاح للدولة المضيفة عن مشترياتهم اليومية ونوعها وكميتها، مؤكدا أن "هذه الإجراءات غير القانونية تمثل اعتداء على شخصية ومكانة وكرامة الممثلين الإيرانيين".
ووصف مبعوث إيران هذه الإجراءات بأنها استغلال من جانب الولايات المتحدة لامتيازها كدولة مضيفة للأمم المتحدة.
وأكد إيرواني أن هدف الولايات المتحدة الوحيد هو إضعاف سيادة القانون على المستوى الدولي وتقويض أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وقال: "اشتدت هذه السياسة ضد الأمم المتحدة ودولها الأعضاء من خلال مهاجمة كرامة ممثلي إيران وعرقلة أدائهم لمهامهم وإبطاء إصدار التأشيرات ونشر معلومات مضللة ضدهم".