مدينة مصرية تلتقى فيها السماء بالأرض.. سانت كاترين أيقونة الروح والجمال في قلب سيناء.. طبيعة مناخية نادرة وجمال مكسو بالثلوج .. أكبر محمية طبيعية من حيث المساحة.. تنوع بيئي وجيولوجي فريد يجذب الباحثين والسياح

الجمعة، 26 سبتمبر 2025 01:18 ص
مدينة مصرية تلتقى فيها السماء بالأرض.. سانت كاترين أيقونة الروح والجمال في قلب سيناء.. طبيعة مناخية نادرة وجمال مكسو بالثلوج .. أكبر محمية طبيعية من حيث المساحة.. تنوع بيئي وجيولوجي فريد يجذب الباحثين والسياح الصعود لقمة جبال سانت كاترين

سيناء ـ محمد حسين

في قلب جبال جنوب سيناء، وعلى هضبة شاهقة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر، تقع مدينة سانت كاترين، التي تُعد من أكثر مدن مصر تميزًا وخصوصية. مدينة صغيرة بحجمها، لكنها كبيرة بما تحمله من رمزية دينية، وجمال طبيعي أخّاذ، وتاريخ يضرب بجذوره في عمق الأديان والحضارات. تبعد المدينة نحو 300 كيلومتر عن قناة السويس، وتبلغ مساحتها نحو 5130 كيلومترًا مربعًا، محاطة بأعلى جبال مصر، مثل جبل كاترين، وجبل موسى، وجبل الصفصافة.

 

يمثل هذا الموقع الفريد بيئة طبيعية ساحرة، تتباين فيها درجات الحرارة بين صيف معتدل وشتاء قارس تتساقط فيه الثلوج، فتكسو المدينة ورداءً أبيض يزيد من فتنتها. ومن هنا، لم يكن مستغربًا أن تعلن منطقة سانت كاترين محمية طبيعية، لثرائها البيئي الفريد وتنوعها الجيولوجي، فضلاً عن أهميتها التاريخية والدينية.

 

السياحة الدينية وسياحة السفاري وتسلق الجبال

يعمل معظم سكان المدينة في مجالي الزراعة والسياحة، ويشكل التداخل بين البيئة والروحانية عاملاً جاذبًا لمختلف أنواع السياحة، أبرزها السياحة الدينية وسياحة السفاري وتسلق الجبال. وتُعد سانت كاترين أكبر محمية طبيعية في مصر من حيث المساحة، ما يعزز مكانتها على الخريطة السياحية العالمية.

يقف دير سانت كاترين شامخًا عند سفح جبل موسى، وهو أقدم دير لا يزال مأهولاً في العالم، ويعود تاريخ إنشائه إلى القرن الرابع الميلادي. أعاد الإمبراطور البيزنطي جوستنيان بناء الكنيسة الرئيسية فيه في القرن السادس، على طراز ملكي يتألف من ثلاث أقسام: قدس الأقداس، والهيكل، والرواق. وتزين الفسيفساء الفريدة قوس الهيكل، وتُعد من أقدم وأجمل الأعمال الفنية البيزنطية.

 

كنيسة العليقة المقدسة

يضم الدير أيضًا كنيسة العليقة المقدسة، التي يُعتقد أنها أقيمت على موقع العليقة التي كلم الله من خلالها نبيه موسى عليه السلام، بالإضافة إلى مكتبة الدير التي تُعد الثانية عالميًا بعد مكتبة الفاتيكان من حيث قيمة ونُدرة المخطوطات، حيث تحتوي على أكثر من 3500 مخطوطة بلغات مختلفة.

ومن أبرز ما يميز الدير هو وجود مسجد فاطمي صغير، بُني في القرن الحادي عشر في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله، بجوار الكنيسة الكبرى، في دلالة على تعايش الأديان والمحبة بين أتباعها، وهو رمز مصري خالد.
أما متحف الدير، فهو كنز لا يقدّر بثمن، إذ يضم قرابة 2000 أيقونة نادرة، إلى جانب صلبان وتيجان وكؤوس مذهبة، قدّمها ملوك وأباطرة من العالم المسيحي كقرابين وكنوز محفوظة.

يرتفع جبل موسى إلى 2285 مترًا عن سطح البحر، ويشكّل نقطة جذب روحانية وسياحية متميزة. عند قمته، توجد كنيسة صغيرة ومسجد، حيث يحرص الزوار من مختلف الديانات على تسلقه ليلاً لمشاهدة شروق الشمس، في مشهد يخطف الأنفاس ويستحضر في الأذهان قصة النبي موسى حين كلمه الله على هذا الجبل، وهو ما جعل الجبل يُعرف بـ"جبل المناجاة".

 

مقام النبي هارون

ولا تقتصر المعالم الدينية في سانت كاترين على الدير وجبل موسى فحسب، إذ تتناثر في أوديتها وتلالها مقامات وأطلال تاريخية ذات دلالة عميقة. من بينها مقام النبي هارون  يقع في وادي الراحة قرب جبل الصفصافة، ومقام النبي صالح  يقع على بُعد 10 كم من المدينة عند التقاء وادي مرة مع وادي الشيخ، ودير البنات  بوادي فيران، ويحتوي على أطلال كنيسة قديمة يُعتقد أنها شُيّدت فوق كنيسة أقدم، أما جبل البنات، فهو أحد المعالم الفلكلورية المرتبطة بأسطورة محلية عن فتيات قفزن من قمته رفضًا للزواج، ما أكسبه مكانة خاصة في وجدان السكان والزائرين على حد سواء.

تدرك الدولة المصرية أهمية سانت كاترين باعتبارها أحد رموز السياحة الروحية العالمية، ولهذا أطلقت مشروع "التجلي الأعظم"، الذي يعد أكبر خطة تنموية تشهدها المدينة، بتكلفة تقدّر بأربعة مليارات جنيه. يهدف المشروع إلى تطوير المدينة عمرانيًا وسياحيًا مع الحفاظ على طابعها البيئي والديني.

يشمل المشروع إنشاء مئات من وحدات سكنية وسياحية، إلى جانب ساحة السلام التي تحتوي على مسجد وكنيسة ومرافق تعكس روح التعايش والتسامح. كما يضم المشروع فندقًا جبليًا، ومركزًا للمؤتمرات والفعاليات، ليجعل من سانت كاترين وجهة للسياحة العلاجية والبيئية.

 

مدينة سانت كاترين واجهة للسياحة المصرية

تمثل مدينة سانت كاترين واجهة للسياحة المصرية من نوع خاص، إذ تجمع بين المعالم الدينية، والمناظر الطبيعية الخلابة، والمناخ النادر، والهدوء النقي الذي يجعلها ملاذًا للراغبين في التأمل أو الاستشفاء. كما أنها جزء من البنية السياحية المتطورة في جنوب سيناء، التي تضم شرم الشيخ، ونويبع، ودهب، ما يجعل من المحافظة مركزًا عالميًا يضم كل أنواع السياحة.

تعمل الدولة على تيسير سبل الوصول إلى المدينة عبر تطوير شبكات الطرق، وزيادة خدمات الإقامة، وتعزيز السياحة المستدامة التي تحترم خصوصية المكان.

سانت كاترين ليست مجرد مدينة، بل هي أيقونة مصرية تحتضن جبالًا مقدسة، وتاريخًا فريدًا، وتنوعًا طبيعيًا وإنسانيًا نادرًا. يجتمع فيها جمال الطبيعة مع قدسية المكان، لتظل واحدة من أهم الوجهات السياحية والدينية على مستوى العالم، وواحدة من علامات مصر الروحية والبيئية الخالدة.

الصعود لقمة جبال سانت كاترين
الصعود لقمة جبال سانت كاترين

 

الصعود للجبال
الصعود للجبال

 

انتاج سانت كاترين
انتاج سانت كاترين

 

تطوير مستمر لسانت كاترين
تطوير مستمر لسانت كاترين

 

لوحة جمال طبيعي
لوحة جمال طبيعي

 

من بين جبال كاترين
من بين جبال كاترين

 

مناطقها المقدسة الجميلة
مناطقها المقدسة الجميلة

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب