لم يكتف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بما يقدمه من خدمات جليلة للبشرية، فى صناعة الأزمات وتغذية الصراعات والحروب صراعات وإطلاق التهديدات، لكنه يصر على طلب الحصول على جائزة نوبل للسلام، مع أن أحدا لم ير علامة على أى نوع من السلام الساخن أو البارد، أو «بالصلصة البيضاء» فقط ضوء أخضر ودعم غير محدود لجرائم بنيامين نتنياهو وعصابة تل أبيب من المجانين الذين يرتكبون أكبر جرائم إبادة فى التاريخ الحديث ضد أطفال غزة.
طبعا الرئيس دونالد ترامب، رجل يستمتع بإطلاق إشارات متناقضة، مع السلام بينما يدعم الحرب، لدرجة أنه تبنى واحدا من أكثر الأفكار غرابة عندنا قال إنه يريد إخلاء غزة من سكانها لتحويلها إلى مشروعات سياحية وعقارية، وهى اقتراحات لو كان شخصا أعلنها لوضع فى مستشفى مجانين من دون ترتيب.
ترامب لم ينجح فى إنهاء الحرب فى أوكرانيا كما وعد، ولا فى غزة كما أشار، وادعى أنه هو الذى تدخل لوقف الحرب بين الهند وباكستان، وهو أمر نفاه كلا الطرفين، وزعم أنه تدخل فى أزمة سد النهضة وهو أمر غير صحيح، بل إن ترامب نفسه اعترف بأن الولايات المتحدة لعبت دورا سلبيا فى الأمر، وخلال فترته الأولى عجز عن تنفيذ وعده بالتدخل، وفى يوليو الماضى كرر نفس الكلام.
كل هذه الادعاءات هدفها إن ترامب يرد القول إنه رجل سلام ويريد الحصول على جائزة نوبل حتى ولو بالادعاءات، وكأنه يتحدث عن شراء شقة فى برج ترامب، ولهذا يبذل كل جهده فى الدعوة لمؤتمر مع قادة عرب ومسلمين يتحدث عن مشروع لإنهاء الحرب، لا يختلف عن عشرات المشروعات التى قال إنه يطرحها.
بل إن قادة عرب قالوا إنهم يراهنون على تدخل ترامب، لكنه فى الواقع لا يتدخل، ولا يبدو قادرا على التدخل، فقط يطلق تصريحات وتناقضات.
وكل هذا فى الواقع منعكس بالدخل الأمريكى، لدرجة أن أغلبية من شاركوا فى استطلاعات رأى قالوا إنه لا يستحقها، بل إنه داخليا أمام تناقضات بدأها بالاستعانة لفترة من حكمه بالملياردير إيلون ماسك وأسند له مهمة قيادة وزارة «كفاءة الحكومة»، حيث طرد العاملين فى الحكومة الفيدرالية ودعم حالة من عدم اليقين، ووصلت الفوضى إلى البيت الأبيض، وظهر فى العلن الخلاف بين إيلون ماسك، و ماركو روبيو، فى اجتماع مجلس الوزراء، بسبب تخفيضات وزارة الخارجية، بعد إعلان وزير الخارجية اعتراضه على إلغاء هيئة المعونة الأمريكية التى تتبعه.
كل هذا يضاعف من المواقف، حتى فيما يتعلق بسياسات الهجرة، فقد أصاب كثيرا من المقيمين بالولايات المتحدة بالخوف والقلق من أن يغادروا ولا يستطيعون العودة، وهو ما أوقف سفر كثيرين.
بجانب سياسات الرئيس ترامب فيما يتعلق بالحرب فى غزة، والتى تأتى على عكس كل دول العالم، والشعوب وحتى داخل الولايات المتحدة، حيث يبدو الرئيس ترامب شريكا لنتنياهو فى الإبادة، الأمر الذى يجعل من الصعب تصور حصوله على جائزة نوبل، والوحيد الذى يدعم حصول ترامب على نوبل هو مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، ربما يظن أن نوبل تمنح لمن يرتكبون جرائم حرب، وليس لصناع السلام الذى لا يعرفه بنيامين.
لكن المفارقات لا تتوقف مع الرئيس دونالد ترامب، الذى خرج بتصريحات غريبة، ليست فى السياسة، ولكن فى الطب هذه المرة، عندما حذر فيها من تناول «الباراسيتامول»، وهو مسكن خفيف يعتبر مثل الأسبرين، وزعم ترامب أن تناول الحوامل لبارسيتا مول تنتج أطفالا مصابين بالتوحد، كما تحدث الرئيس ترامب بإسهاب عن اللقاحات أيضا، داعيا إلى تغييرات فى جدول تطعيم الأطفال، ومؤكدا أن الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم أو يتناولوا هذه الأدوية لا يصابون بالتوحد، وهو ما أثار رد فعل من منظمة الصحة العالمية وقال الناطق باسمها إن «اللقاحات تنقذ الأرواح، نحن نعلم ذلك، اللقاحات لا تسبب التوحد»، وأنها أنقذت أرواحا لا تحصى، هذا أمر أثبته العلم ولا ينبغى التشكيك فيه»، ورفض وزير الصحة البريطانى ويس ستريتينج، تصريحات ترامب، وقال: «لا يجب الانتباه إطلاقا لما يقوله عن الطب»..لا توجد أى دلالات تربط استخدام النساء الحوامل للباراسيتامول بالتوحد لدى أطفالهن».. ولا يتوقف الرئيس الأمريكى عن إثارة القلق والجدل بتصريحات فى السياسة، وأخيرا فى الطب، ربما يراهن على جائزة نوبل فى الطب والنسا والولادة والتوحد، باعتبار أنه يمكن أن يطلق أى تصريحات يزعم فيها أنه صنع سلاما بينما يدعم الحرب والصراع.
