قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية إن أشرف مروان لم يكن "الملاك" الذي خدع الدول العربية في حرب أكتوبر 1973، مؤكدة انه كان رأس الحـربة في خطة الخداع الاستراتيجي للجانب المصري قبل نصر أكتوبر.
ونقلت الصحيفة عن الخبير والصحفي الاسرائيلي رونين بيرجمان، تحقيقا شاملا بملحق عدد "7 أيام"، يعترف فيه بأن اشرف مروان ضلل الجانب الاسرائيلي حيث كانت جزءا من الخطة المصرية المحكمة في حرب اكتوبر 1973.
وسلط فيلم "جاى ناتيف" الذى يحكى قصة حياة رئيسة وزراء إسرائيل الراحلة جولدا مائير، الضوء على جهود "الجاسوس الكبير" الذى كانت إسرائيل وظفته فى محيط الرئيس المصرى السادات – فى إشارة للعميل أشرف مروان – والذى حذر من حرب ستندلع يوم كيبور "أى يوم الغفران"، رغم أنه قال لهم إن الحرب ستندلع فى السادسة مساء، وليس الساعة الثانية بعد الظهر كما اندلعت بالفعل، وهو بمثابة خدعة كبيرة لتل أبيب.
وكشف موقع "مكور راشون" الإخبارى الإسرائيلى، عن أضخم إنتاج سينمائى لفيلم جديد عن رئيسة وزراء إسرائيل الراحلة جولدا مائير، وتفاصيل جديدة تسرد لأول مرة عن حياتها خلال حرب السادس من أكتوبر وعن دور أشرف مروان.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا معلومات تؤكد وجود تضارب لدى الجانب الإسرائيلى حول الرواية الحقيقية لأهم قضية تجسس فى القرن العشرين وهى قضية أشرف مروان صهر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وسكرتير الرئيس الأسبق محمد أنور السادات لشئون المعلومات، وباتت قصة حياة مروان مادة خصبة للإعلام الإسرائيلى خلال الخمسين عاما الماضية مع ترديد روايات متضاربة حول الرجل.
وترفض إسرائيل الاعتراف بأن أشرف مروان كان يعمل لصالح المخابرات المصرية وأنه ساعد فى عملية الخداع الاستراتيجى التى سبقت حرب أكتوبر 1973.
وتحاول إسرائيل خلال السنوات الماضية تقديم رواية مغايرة لطبيعة الدور الذى لعبه أشرف مروان من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية بتسريب معلومات مضللة تحت عنوان "وثائق سرية"، وذلك فى إطار استراتيجية الحرب المعلوماتية التى تقوم بها إسرائيل لنقل صورة مغايرة للجيل الحالى بأن جهاز الموساد وقيادة الجيش الإسرائيلى لا يمكن خداعهم أبدا أو تضليلهم، وبالتالى تعمل تل أبيب على استراتيجية لى الحقائق وتزييفها لتفنيد حقيقة مؤكدة حدثت فى 1973 وهى هزيمة وسقوط إسرائيل وقيادتها السياسية والعسكرية سقوطا مدويا.
كشف المؤرخ الإسرائيلى أهارون بيرجمان أول من كشف عن اسم أشرف مروان صراحة فى كتابه "تاريخ إسرائيل" الذى صدر عام 2002، وأكد فيه كذلك أن "مروان" كان "بطلًا قوميًا مصريًا" ساهم بقوة فى خداع إسرائيل وجعل من جهاز الموساد أضحوكة.
الكتاب الوثائقى الذى كتبه "أهارون بريجمان"، خبير التجسس، أثبت فيه بالوقائع أن أشرف مروان خدع الموساد الإسرائيلى وأنه كان يعمل لصالح المخابرات المصرية، وتطرق إلى حجب مروان لمعلومات أهم بكثير مما كانت تسربه المخابرات المصرية للموساد بهدف تضلليهم عبر أشرف مروان.
وتحرص إسرائيل الرسمية عبر وسائل إعلامها المكتوبة والمسموعة والمرئية على تضلل الشارع الإسرائيلى بإظهار أشرف مروان فى صورة الخائن لوطنه كى تتغافل عن أهم عملية تجسس نفذها عميل مصرى فى القرن العشرين، الأمر بالنسبة لإسرائيل فى الوقت الحالى هى نقل رسالة للجيل الجديد بأن جهاز الموساد منذ نشأته لم يتعرض لأى خداع أو هزيمة وهى الصورة النمطية التى تعمل تل أبيب على ترسيخها فى جيل الشباب.
فيما اعترف مؤلف كتاب "أشرف مروان.. الملاك الذى أنقذ إسرائيل" أورى بار يوسف بأن المعلومات التى نقله أشرف مروان لقيادة الموساد أثرت بشكل حاسم على سير المعارك على الجبهة المصرية، وقال نصًا فى أحد الأفلام الوثائقية عن حرب أكتوبر "نعم.. نعم، أثر ذلك على سير المعارك، حيث أصدر شموئيل جونين قائد المنطقة الجنوبية أوامره لأطقم الدبابات الإسرائيلية بعدم التحرك من مرابطها فى سيناء إلى حافة القناة إلا فى الساعة الرابعة عصرًا أى قبل الموعد الذى أخبرنا به مروان بساعتين حتى لا يعرف المصريون أن موعد الحرب قد سرب".
وأما تضارب الروايات الإسرائيلية، تفشل القيادة الإسرائيلية مجدداً فى اثبات المزاعم التى نقلتها حول أشرف مروان أو الإجابة على أسئلة محددة: لماذا لم تصدق تل أبيب الرواية التى نقلها لهم أشرف مروان رغم المزاعم بأنه عميل للموساد ؟، والأهم من ذلك بأى منطق صدقت تل أبيب أشرف مروان الذى اتصل بالسفارة الإسرائيلية فى لندن طالبا التجسس لصالحهم ؟، والأهم من ذلك ما الذى يدفع إسرائيل للكشف عن هوية واسم أشرف مروان إذا كان فعلا عميل للموساد وفق مزاعمهم وهو ما يتعرض مع أهم قواعد العمل الاستخباراتي؟، سيأتى يوم وتخرج للنور القصة الكاملة للدور البطولى الذى لعبه أشرف مروان وهى الرواية التى تخشى تل أبيب من روايته والتى ستؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن القيادة المصرية حققت نصرا استراتيجيا واستخباريا ساحقا ضد إسرائيل فى ملحمة أكتوبر 1973.