ننشر قصيدة جديدة للشاعر نادر عيسي بعنوان إلى كل مجانين هذا العصر الحجرى..
في ليلة هذا العيد
لو كانَ الأمرُ بيدي...
لَصَهَرتُ كلَّ البنادقِ والقنابلِ
والسُّفُنِ الحربية،
وصنعتُ منها أُرْجُوحَةً عظيمةً
تدورُ في خان يونس...
لو كانَ الأمرُ بيدي...
لجعلتُ كلَّ المُسَيَّراتِ الطنّانةِ
تَرمي فُقاعاتِ الصابونِ الملوَّنة
في سماءِ ديرِ البلحِ وبيتِ حانون،
وتُوَزِّعُ قِطَعَ السُّكّرِ والعِرقْسوسِ والبرتقالِ
خيمةً وراءَ خيمةٍ
من جباليا حتى طولكرم.
فالصغارُ...
يَعرفونَ كيفَ لهذا العالَمِ أنْ يكونَ
على قَدْرِ أحلامِهِم...
قبلَ أنْ تَرتجَّ الأرضُ تحتَ أقدامِهِم الصغيرة،
قبلَ أنْ يَصرخوا... لا مِنَ الألم،
لكنْ لِيَتأكَّدوا أنَّهُم لا يزالونَ هنا،
رَهينةَ قَيْدِ الحياة...
قبلَ أنْ يَتأكَّدوا أنَّهُم لا يزالونَ قِطعةً واحدة،
لَمْ يَجمَعْهُم المُسْعِفونَ في أكياسٍ بلاستيكية،
قبلَ أنْ يَتأكَّدوا أنَّ وراءَ الأفقِ
ثُعبانًا لا نهائيَّ الرؤوس،
قبلَ أنْ يَشيبوا على حكاياتِ ما قبلَ الم*وت،
والجوعِ...
والفقد...
لو كانَ الأمرُ بيدي...
لَشَكَلتُ من الدباباتِ أعشاشًا للدجاجاتِ والأرانب،
وفي الأعيادِ تُطلقُ المدافعُ قُصاصاتِ أوراقٍ صغيرةٍ
حمراءَ وزرقاءَ وقِرْنفلية،
وتَطيرُ البالوناتُ في سماءِ رفح،
تَحْجُبُ نورَ الشمس،
وتُلقي الظلَّ المُلوَّنَ على الأمواج...
إلى كلِّ مَجانينَ العصرِ الحجريِّ
سيَقتصُّ الصغارُ منكم...
بالفرحِ،
وتَهُويداتِ الليل،
سَيَلعبونَ الاستِغْمَايَةَ مع القذائف،
ويَتَزاحمونَ حولَ كراسيَ القَدَرِ الموسيقية،
لِتَث*أرَ تلكَ الأكُفُّ الصغيرة
من كلِّ مُدمني الم*وت والفيتو...
بالحياة.