أزمة المطورين العقاريين في مصر.. حينما يتم تعجيز الطبقة الوسطى

ذهبت وزارة الإسكان إلى نهج رأسمالي بحت يقوم على منح الأراضي في المجتمعات العمرانية الجديدة للمطورين العقاريين، الذين بدورهم يقومون بترفيق الأرض ثم البناء عليها، والبيع بأسعار بلغت حدًا لم تعهده مصر من ذي قبل، فبعد أن كانت في متناول يد الطبقة الوسطى ومثلت حدًا معقولًا، وصلت المبالغات في القاهرة الجديدة إلى حد غير منطقي، إذ صار المتر المربع يُباع من 26 ألف جنيه كحد أدنى إلى 160 ألف جنيه كحد أقصى، وهذا كله يقود إلى مبالغة في الأسعار تفوق قدرات غالبية المصريين، ويرى البعض أن هذا عادل، في حين أن أي رفع للأسعار ينعكس على أسعار باقي المناطق في القاهرة.

المطور العقاري في مصر له مشكلات، بالرغم من أنه جرى تدخل من الدولة لحلها، إلا أن محكمة القاهرة الجديدة تشهد عددًا كبيرًا من القضايا؛ مثل رفض المطور دفع غرامات التأخير، أو رفضه تسليم الوحدة، أو عدم قيامه بالالتزام بمواصفات التشطيب، إلخ. ولم نسمع إلى اليوم أن أحد أجهزة المدن الجديدة اتخذ إجراءات جدية ضد أي مطور عقاري، وهذه الإجراءات كانت ستحدّ من مشكلات هؤلاء، الذين يفتخرون بعلاقاتهم القوية بأجهزة المدن.

ففي مول طبي بالقاهرة الجديدة رأى المطور أن له الحق في أي شيء، حتى في تجاوز القانون. من هنا يأتي دور جمعيات المطورين العقاريين، فعلاقة المطور بالمواطن يجب أن تكون عادلة؛ لذا فتدخلها لا بد أن يكون إيجابيًا، وليس دورها الصمت، مما يهدد سمعة قطاع العقارات في مصر. فلو تدخلت جمعية المطورين العقاريين في القاهرة الجديدة لحل المشكلات بين المطورين والمشترين، لا شك أن هذا سيكون إيجابيًا. ولم يدرك المطورون أن توازنهم وحسن معاملاتهم وبناء مصداقية هو مفتاح لهم للانتشار وللمزيد من الازدهار داخل مصر وخارجها.

لماذا هذه المشكلات؟

إن على وزارة التعمير والإسكان أن تراجع سياساتها؛ فالأولى بالأراضي هم الطبقة الوسطى، وكانت سياسات طرح الأراضي قطعًا صغيرة للأفراد بالقرعة سليمة، فقد مكنت الطبقة الوسطى من البناء على مراحل وامتلاك منزل بأقل تكلفة، وهو ما كان يحدّ من رفع المطورين الأسعار إلى حد خيالي. كما أن منح الأراضي للجمعيات التعاونية والنقابات كان مثاليًا مع الطبقة الوسطى في مصر، وهو ما يحدّ من المبالغة من قبل المطورين في الأسعار.

وهذا ما ينعكس على جذب المناطق الجديدة للسكان، وهو الهدف الأساسي من المدن الجديدة، ويتيح للمواطن منزلًا له ولأولاده، فالحق في سكن مناسب أحد حقوق الإنسان في هذا الوطن، كما أن معادلة الأرض مقابل المال هي معادلة رأسمالية تخلق فجوات في قدرة المصريين على السكن.