في صباح 21 سبتمبر 1911 ودعت القاهرة احمد عرابي، الفلاح الذي صار ضابطا وقائدا لثورة حاولت ان تعيد تعريف معنى السيادة والتمثيل. رحل الرجل بينما كانت مصر تقف عند مفترق طرق: احتلال يتشدد إداريا، وحكومة محدودة النفوذ، وحياة سياسية وصحافة حزبية تبحثان عن لغة جديدة للإصلاح، واقتصاد قطني مرهون بأسواق العالم.
المشهد السياسي
كانت البلاد تحت قبضة الاحتلال البريطاني بنظام حماية مستترة، والخديوي عباس حلمي الثاني حاكما اسميا منذ 1892، وفي ذلك العام نفسه كانت العاصمة تطوي صفحة السير الدن جورست الذي توفي في يوليو، ليستلم اللورد كتشنر دفة النفوذ البريطاني، إيذانا بيد أشد قبضا على المجال العام.
السلطة التنفيذية
تولت وزارة محمد سعيد باشا المسؤولية منذ 22 فبراير 1910 عقب اغتيال بطرس غالي، هز الاغتيال المجتمع وفتح نقاشا مريرا حول العنف وحدود الوطنية، وظلت وزارة سعيد الإطار الحاكم حتى 1914، وهي الوزارة القائمة يوم غاب عرابي.
المجتمع والحوار العام
شهد عام 1911 توترا طائفيا عكسه مؤتمر قبطي في أسيوط تبعه مؤتمر مصري في هليوبوليس ردا عليه، حمل المؤتمران مطالب تمثيلية وإصلاحية، ودخلا بالبلاد في نقاش صاخب حول المواطنة والدستور والحقوق، وهو نقاش سيواصل تشكيل الخريطة السياسية وصولا إلى ما بعد الحرب الكبرى.
الاقتصاد والقطن
كان القطن عصب الحياة المصرية: محصولا، وتمويلا، وشبكة تجارة. تحدد الأسعار حركة الريف والعمل، وتظل دورة الزراعة رهينة الطلب الخارجي ورأس المال الأجنبي، في اقتصاد يزداد اندماجا ولا يمتلك أدوات توجيهه.
الحياة الحزبية
توزع المشهد بين الحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل واستكمله محمد فريد، وحزب الأمة الليبرالي المعتدل، صنعت هاتان المدرستان مع الصحافة فضاء نقاش سيستمر حتى يفيض غضبا وتنظيما في ثورة 1919.