هيثم الحاج على

لماذا نحتاج إلى الثقافة (27) المشروع القومى للألعاب التراثية

الجمعة، 19 سبتمبر 2025 06:00 م


لم تعد الألعاب مجرد وسائل للتسلية أو قضاء وقت الفراغ، لكنها أصبحت وسائل للتعبير عن الهويات الثقافية، وربما أيضا هى إحدى وسائل الغزو الثقافى الحديثة وتوجيه الاهتمامات نحو اتجاهات بعينها، كما أصبح اللعب موردا مهما لدخل عديد من الشركات التي طورت مفهوم اللعب إلى نوع من العمل والتجارة والدعاية والانتشار الثقافي.

في الوقت ذاته تملك ثقافتنا كثيرا من الألعاب التي لعبناها في طفولتنا ولم تعد سوى مجرد ذكريات في وقتنا الراهن، وهي ألعاب تجمع بين الحركية والذهنية وتعبر عن رؤية هويتنا للعالم، وتجمع بين التكافلية والتنافسية واستغلال كل العناصر البيئية الموجودة حولنا، فقد كنا نلعب بكل شيء وبأي شيء.

منذ سنوات جمع الصديق الشاعر أحمد توفيق في كتاب صدر عن المركز القومي لثقافة الطفل عام 2009 حوالي مائة وخمسين لعبة شعبية مصرية، جمعها ووثقها بالصورة والوصف والفيديو، مع شرح لطريقة اللعب وقوانين كل لعبة، وقد أعيد نشره مزيدا بهيئة الكتاب في جزأين بعدها بعدة سنوات، وهو ما دفعني حين كنت أعد لدورة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2017 إلى الاستعانة بمؤلف الكتاب ليعد فقرة يومية للأطفال داخل الجناح الذي خصص لكتب الأطفال للمرة الأولى داخل المعرض، وكانت الفقرة عبارة عن تدريب الأطفال من رواد المعرض على بعض هذه الألعاب.

وقد كان ما أرجوه من هذه الفقرة أن يتم الربط بين الأجيال الجديدة ولعبنا المتوارث منذ القدم، وهو الأمر الذي تكرر في المعارض التالية وفي بعض الأنشطة التي نظمتها وزارة الثقافية فيما بعد.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققته الفكرة مع أولئك الأطفال الذين عايشوها فعليا فإن الأمر لم يتطور عن هذا الحد فيما بعد، غير أني ما زلت أحلم بمشروع على المستوى القومي تتبناه وزارة الثقافة ممثلة في المركز القومي للثقافة الطفل مع وزارة التربية والتعليم، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الاتصالات، من أجل تشكيل لجنة علمية لدراسة هذه الألعاب واختيار مجموعة منها تناسب اهتمامات الجيل الجديد من أبنائنا تحت سن العشرين ثم التعريف بهذه الألعاب المختارة على نطاق واسع عن طريق برامج مرئية يتم بثها عبر الوسائط الحديثة ووضع خطة لتطبيق هذه الألعاب على الهواتف المحمولة مع الترويج لها والحث على اللعب بها فعليا وافتراضيا.

إن هذه الألعاب هي ثروة حقيقية لو حسن استغلالها كما أنها تمثل جزءا مهما من تاريخنا وهويتنا بل إنها إحدى وسائل بناء القيم المجتمعية التي أصبحنا في أمس الحاجة إليها خاصة مع الغزو الرقمي الحالي الذي لا يمكن مواجهته إلا بمحتوى جاذب وشيق ومساير للتقنية الحديثة.

سيظل اللعب إذن إحدى عناصر تاريخنا ومقومات ثقافتنا وهويتنا التي يجب علينا أن نتمسك بها للحفاظ على شخصيتنا النابعة من عمق هذا التراث الإنساني الذي سيظل جذابا ومبهجا لو حاولنا اكتشاف عناصر الفائدة فيه، وبناء شخصيتنا الحديثة التي نرجوها على أساس منه.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب