التاريخ مليء بالشخصيات ذات بعد تاريخي، التى اختلف الناس على حبهم وعداوتهم لهم، لكن المؤرخين اتفقوا على حب الناس وتقديرهم لسليمان بن عبد الملك الخليفة السابع من خلفاء بنى أمية، كما أحبوا عمر بن عبد العزيز، ورغم قِصر حياة سليمان بن عبد الملك، لكنها كانت مليئة بالإنجازات، فحصار القسطنطينية مثلاً، كانت خطوة جريئة لم يقم بها أحد - بعد معاوية بن أبى سفيان-، وفى السطور التالية، نستعرض معًا لقطات من حياته۔
المولد والنشأة
وُلِد سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأمويِّ، فى المدينة المنورة، عام 54 هـ، الموافق لعام 674 م۔۔ ونشأ فى البادية مع أخواله من بنى عبس۔۔ وحين عاد إلى الشام، أوكل أبوه تأديبه إلى اثنين من أعلام أئمة الشام، هما عامر بن شراحيل الشعبي، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري۔
سليمان واليًا
ولاّه أبوه على فلسطين عام 81 هـ، وأقام فى اللد عاصمة الولاية، ثم أقام مدينة الرملة فيما بعد، كنوع من التوسيع الإداري، خاصة أن معظم أراضى المدينة كانت ملكًا لسكانها، وليس من حقه أخذها منهم، وسرعان ما استحوذت الرملة على مكانة سياسية واقتصادية كبيرتين، وقد أحبها سليمان واهتمَّ بها كثيرًا، فبنى فيها دار الإمارة، والمسجد الأبيض، وتمنى ألاّ يبرحها وأن يحول دار الخلافة إلى بيت المقدس۔
خلاف الوليد وسليمان
كان سليمان يكره الحجّاج بن يوسف الثقفيَّ، لكونه حصل على نفوذ وسلطة لا يستحقها، كما أنه كان يبطش بالناس، ويتصرف وكأنه أمير المؤمنين، ولما هرب يزيد بن المهلب من السجن ولجأ إلى الشام، ذهب إلى سليمان بن عبد الملك، وأجاره سليمان وأحسن إليه، فأرسل الحجاج إلى الوليد يُخبِره بهروب يزيد، ووجوده عند أخيه، فأرسل الوليد يستطلع الخبر، فأكد له سليمان وأخبره أنه أجاره لأن يزيد وإخوته وأبيه يحبون بنى أمية منذ عهد أبيهما، فأمره الوليد بإحضار يزيد مقيدًا إليه، فأرسل سليمان ابنه أيوب مقيدًا مع يزيد بن المهلب فى قيد واحد، فلما رآهما الوليد قال: "لقد أسأنا إلى أبى أيوب إذ أبلغناه هذا المبلغ"، وعفا عن يزيد وأحسن إلى الرجلَيْن، ونهى الحجاج أن يحدثه فى أمره ثانية۔
خلافته وفتوحاته
تولى الخلافة بعد أخيه الوليد بن عبد الملك فى عام 96 هـ، وكان يميل إلى الوداعة ولين الجانب، ولا يعجل إلى سفك الدماء، واتخذ سياسة الشورى، كما استعان بالعلماء وأهل الثقة، فاتخذ من التابعى رجاء بن حيوة وعمر بن عبد العزيز مستشارَيْن له، وقد اعتبر الناس عهده عهد عدل وسلام، إذ أطلق السجناء المظلومين، وعزل الولاة الذين يكرههم الناس، وكان من بينهم ولاة عيّنهم الحجاج بن يوسف۔
ورغم قلة الحروب فى عهده، لكنه حاصر القسطنطينية، وأقسم ألا يرجع حتى يفتحها أو يموت، وقد اختلفت المصادر فى عدد الجيش، لكنهم أجمعوا على أنه لا يزيد على 240000 جندي، تحت قيادة مسلمة بن عبد الملك۔
وفاته
اختلفت المصادر فى تحديد تاريخ دقيق لوفاته، فهناك مصادر تذكر أنه توفى فى الـ17 من سبتمبر، وهناك أخرى تؤكد أنه مات فى الـ22 من سبتمبر، لكن الثابت لنا أنه مات عام 99 هـ، الموافق لعام 717 م، بعد وفاة ابنه وولى عهده أيوب بشهر ونصف۔