عثر مجموعة من الباحثين على رأس رخامي في أنقاض مدينة خيرسونيسوس اليونانية القديمة ،في شبه جزيرة القرم، تصور لاوديس، وهي امرأة بارزة من عائلة محلية قوية.
وقال الباحثون إن المنحوتة من رخام باروس المستخرج من اليونان ، تُعد من أفضل نماذج النحت الروماني المحفوظة في منطقة البحر الأسود، نُشرت الدراسة، التي قادتها إيلينا كلينينا، في مجلة "npj Heritage Science".
اكتشاف داخل أحد مساكن خيرسونيسوس
اكتُشف الرأس الرخامي أثناء حفريات في مسكن كبير بالقرب من أغورا ومسرح خيرسونيسوس، الواقعة في سيفاستوبول الحديثة، تأسست المدينة نفسها على يد الإغريق الدوريين في القرن الخامس قبل الميلاد، قبل أن تصبح حليفة للرومان بوقت طويل.
شُيّد المنزل في القرن الرابع قبل الميلاد، واستُخدم حتى القرن الثالث الميلادي، اكتشف علماء الآثار الرأس في غرفة قبو رميت خلال أعمال ترميم في القرن الثاني الميلادي، وأكدت العملات المعدنية والسيراميك وأشياء أخرى من نفس الطبقة هذا التأريخ.
على الرغم من بعض الأضرار التي لحقت بالأنف والعينين، ظل الرأس سليمًا بشكل ملحوظ، ويشير حجمه إلى أنه كان ينتمي سابقًا إلى تمثال بالحجم الطبيعي أو أكبر وُضع في مكان عام.
الاختبارات العلمية تكشف عن أصول الرخام
أجرى فريق كلينينا سلسلة من الاختبارات العلمية، شملت التأريخ بالكربون المشع، وتحليل النظائر، والفحوصات المجهرية للرخام وطبقاته الخارجية. وأظهرت النتائج أن الحجر جاء من محاجر باروس اليونانية الشهيرة، وهي مصدر للرخام الأبيض الفاخر الذي عُرف منذ العصور القديمة.
كشفت دراسات آثار الأدوات أن النحات استخدم الأزاميل والمبارد والمواد الكاشطة لتشكيل الملامح وتشير أدلة الإصلاحات إلى أن الفنان تكيف مع عيوب الحجر، وهي ممارسة شائعة في الورش القديمة، وتشير آثار الصبغة الحمراء والفحم إلى أن الرأس ربما يكون قد طُلي أو تعرض للنار في السابق.
كما روت السمات الأسلوبية قصة، اتّبع الشعر تسريحة "ميلونينفريسور"، وهي تسريحة شعر ظهرت لأول مرة في النحت اليوناني الكلاسيكي، ثم اعتمدتها النساء الرومانيات، جمع الوجه بين الواقعية الرومانية، التي تتجلى في التجاعيد وترهل الجلد، والسمات الناعمة والمثالية للتقاليد اليونانية.
وكان على إحدى القواعد مرسومٌ شرفيّ لامرأة تُدعى لاوديس، ابنة هيركسينوس وزوجة تيتوس فلافيوس بارثينوكليس، كان زوجها ينتمي إلى عائلة ثرية تحمل الجنسية الرومانية وتشغل منصبًا رفيعًا في المدينة.
قاعدة رخامية لتمثال عليها نقش باللغة اليونانية
استنتج الباحثون أن الرأس الرخامي يُرجّح أنه يُمثّل لاوديس، التي كان تمثالها منتصبًا في مكان بارز كالأغورا، وقد دعمت جودة النحت، والرخام الثمين، والتعبير الجليل فكرة أن صاحبة الرأس كانت سيدة نخبوية مُكرّمة لدورها العام.
تشير السجلات التاريخية إلى أن خيرسونيسوس نالت وضعًا خاصًا كمدينة حرة، أو ما يُعرف بـ "إليوثيريا"، في عهد أنطونيوس بيوس في منتصف القرن الثاني الميلادي. ويشير كلينينا إلى أن لاوديس ربما نالت التقدير لدورها في الجهود المدنية أو الدبلوماسية المرتبطة بهذا الإنجاز.
لمحة نادرة عن تأثير المرأة
يُضيف هذا الاكتشاف صورةً نادرةً ونابضةً بالحياة لتاريخ خيرسونيسوس، المدينة التي أسسها الإغريق الدوريون في القرن الخامس قبل الميلاد، ثم اندمجت بعد ذلك في فلك روما، لم يُعثر في الموقع إلا على عددٍ قليلٍ من شظايا اللوحات الرخامية، ولا يوجد منها ما يُضاهي وضوح سياقها.