أكرم القصاص

بعض الجمهور وكاركترات «التريند» شركاء فى النميمة والهيافة والتشهير!

الإثنين، 01 سبتمبر 2025 10:07 ص


كنت أتابع برنامجا إذاعيا عن السوشيال ميديا، وكان مقدم البرنامج يحاول الإجابة عن سؤال لمستمع يسأل بحماس عن إمكانية إغلاق مواقع التواصل بسبب ما تقدمه من مواد سيئة ومسيئة وتافهة، وضرب أمثلة بحجم الإفرازات على مواقع التواصل، وتحديدا التيك توك، ومن تم القبض عليهم وعليهن من مشاهير المواقع.


المعترضون على هذه المنتجات يرفضون التشهير والاعتداء على الخصوصية، ويرون أن هذه المواقع أسقطت الحدود بين الطبيعى والصناعى والافتراضى، وأصبح هناك خلط بين تسويق الرذيلة وغسيل الأموال، ومثلما تروج «الدارك ويب» لتجارة الأعضاء، أو مواقع تصوير الجريمة، هناك من يسعى لصناعة محتوى جاذب حتى ولو من خلال تصوير ولد ميت وتفاصيل جنازته وغسله ودفنه، بجانب أنواع أخرى تروج لخناقات وتفاهات «الفلوجرز والفود فلوجرز والتيك توكر والإنفلونسر ونصف الإنسان وربع أميبا وثلاثة أرباع زواحف وذباب وصراصير»، وأى محتوى يمكن أن يجد لنفسه زبائن ومشاهدين بالمدح أو الذم، وللإجابة عن سؤال المستمع، فإن الإغلاق ربما لا يكون حلا، بل الحل فى القانون، وحتى هذا فإن لدينا قوانين لكن أغلبيها قديم ويتعامل مع تفاصيل ووقائع يمكن الإمساك بها، لكن العالم الافتراضى فيه من التفاصيل ما يختلف عن الواقع ويصعب إمساكه، بل ويمكن للمحامين أن يجدوا ثغرات للنفاذ منها.


قد يكون المحتوى السطحى أو الهايف أو التافه غير ضار مباشرة، وإن كان يساهم فى صناعة «مثل أعلى»، للكسب الرخيص التافه، لكن الخطر يبدأ باختراق الخصوصية من تشهير وأكاذيب وقذف وسب وإساءة لأموات وأحياء وعائلات بشكل يتجاوز كل الحدود، والهدف الظاهر هو جمع المال وزيادة نسب المشاهدة، وهى حجة تختفى وراؤها عمليات اختراق وتشهير وتوظيف لمجرمى الشبكة للإساءة ونشر الشائعات بشكل غير مسبوق، وهو أمر يتضاعف مع شعور المجرمين بأنهم بعيدون عن العقاب، ثم إن المنع ربما لا يجدى مع هذا الهراء، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك محتوى مفيدا جدا على نفس المواقع، فنون وكتب وثقافة وموسيقى، وإن كانت لا تجد نفس الشهرة إلا لو كان هناك تصرف «لافت ودوشة»، فمثلا عازف جيتار صوره زميله وهو يغنى «بشحت بالجيتار» فأصبح نجما بحثت عنه مواقع وشاشات وانتقل التريند من السوشيال ميديا إلى عالم الإعلام، وهنا الشاب لا يشحت بل ينتج موسيقى، وبالتالى فهو غير ضار، لكنه اشتهر بتصرف «غير طبيعى»، وهذه الحالة تنقلنا إلى شركاء صناعة التريند التافه، التى أصبح بعض الإعلاميين والمذيعين يصنعوها عمدا عندما تغيب عنهم الأضواء، تماما مثل «مشتمة المذيع والكاركتر»، والواقع أن كلاهما كاراكتر يسعى لجذب الأضواء من خلال افتعال معركة كلامية يتبادل فيها الطرفان الشتم واللعن، ليصنعا التريند، ويتبادلان التهديدات الفارغة، «هحبسك هسجنك»، مثل خناقات الفشارين، لينتهى الأمر بلا نتيجة. 


وهنا لا يمكن تبرئة الإعلامى والكاركتر من البحث عن «فضيحة التريند» لجذب بعض الأضواء، ومعهم بعض الجمهور المتعطش للنميمة، حتى ولو كان من مدعى الأخلاق، لأنه يتغذى على دماء الخصوصية والتشهير، ويعيد الشير واللايكات أو حتى يهاجمها بينما ينشرها، ربما لا يكون الجميع مشاركين لكن  العدد الكافى من راغبى النميمة ومستهلكى التشهير، والجمهور نفسه الذى يهاجم الإعلام، لا يجد فيما يفعله جريمة، حتى لو لم يكن لها عقاب، فى الماضى كان الاتهام يتوجه للإعلام، لكونه وراء نشر النميمة والفضائح، الآن أصبح أطراف العلاقة هم من يقدمون المادة الخصبة للنميمة، ويحرصون على «الفضيحة» من أجل الربح، والتشهير من أجل الشهرة، والجمهور يساعد فى إشعال الحرائق ونمو الفضائح، بالرغم من أنه يوما ما سيكون ضحية لهذا التشهير.

p
المقال فى العدد اليومى



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب