احمد عبد الهادى

المصطبة.. ذاكرة الحكاوي الأصيلة والأمثال الشعبية العميقة

الخميس، 28 أغسطس 2025 12:00 ص


في قلب القرى المصرية القديمة، كانت المصطبة أكثر من مجرد بناء حجري أمام البيوت، بل كانت رمز اجتماعي وملتقى يجمع أهل القرية وضيوفه، فهناك تمتزج رائحة الشاي على "الجمر" بأحاديث المساء، دارت الحكايات وتوارثت الأجيال الأمثال الشعبية.

على المصطبة، كان يجلس الجد يحكي عن أيام الحصاد والغزو، ويرددن أمثالًا تحمل حكمة الزمان: “الجار قبل الدار”، “إكرام الضيف واجب ولو كان غريب”، و“اللي مالوش كبير يشتري له كبير”، تلك الأمثال لم تكن مجرد كلمات، بل قوانين غير مكتوبة ترسم العلاقات بين الناس وتحدد معاني الكرم والمروءة التي تبرى عليها ذلك الجيل العظيم.

كان يقول جدي أن الضيف الذي يمر أمام البيت لم يكن يغادر قبل أن يُكرم بشاي أو رغيف طازج، في مشهد يختصر روح الضيافة المصرية الريفية الأصيلة، وكان المصطبة أيضًا منصة للحكي والسمر، حيث يتبادل الشباب أحلامهم، ويتشاور الكبار في شؤون الأرض والمواسم والأفراح وحل أكبر المشاكل التي تحدث دون سوشيال ميديا وقتها.

لكن مع الأسف اليوم، تراجعت المصاطب أمام صعود الأبراج والكافيهات، لكن حضورها ما زال راسخًا في ذاكرة القرى، كرمز لبساطة الحياة ودفء العلاقات الإنسانية، ورغم تغير الزمن، يبقى الحنين للمصطبة شاهدًا على مجتمع عرف قيمة الجيرة والحديث الطيب والجار الصديق والأخ، وأدرك أن الحكاوي ليست للتسلية فقط، بل مدرسة تنقل القيم وتوثق التاريخ الشعبي.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب