تمر، اليوم، ذكرى توقيع معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا فى لندن، وقد وقعت فى 26 أغسطس 1936، وجاءت المعاهدة بعد إصدار بيان الحكومة بوفاة الملك فؤاد وارتقاء ابنه الملك فاروق على العرش، وتم تعيين مجلس وصاية نظرا لصغر سنه ثم شكل حزب الوفد الوزارة نظرا لفوزه فى الانتخابات البرلمانية وطالب بإجراء مفاوضات مع بريطانيا بشأن التحفظات الأربعة.
حسب ما جاء في كتاب "مصطفى النحاس ودوره في السياسة" من تأليف صلاح عبود العامري في فصل بعنوان "دور مصطفى النحاس في توقيع معاهدة 1936": ابتدأت المحادثات السياسية بين مصر وبريطانيا قبل إجراء الانتخابات النيابية في مصر، إلا أن ما ترتب عن وفاة الملك فؤاد، وانعقاد البرلمان الجديد للنظر في تأليف مجلس وصاية لكون الملك فاروق كان صغيراً لم يبلغ سن الرشد، فتوقفت المحادثات حتى تشكيل الوزارة الجديدة والتي تشكلت بالفعل برئاسة مصطفى النحاس فطلب استئناف المحادثات مع بريطانيا، وترأس الوفد البريطاني السير "مايلز لابسون" المندوب السامي البريطاني في مصر وعن الجانب المصري مصطفى النحاس رئيس الوزراء، وممثلي الأحزاب المصرية كلها ما عدا الحزب الوطني الذي رفع شعاره القائل "لا مفاوضة إلا بعد الجلاء".
وأسفرت المفاوضات بين الجانبين عن توقيع معاهدة السادس والعشرين من أغسطس 1936 التي حققت لبريطانيا كثيراً من مبادئ سياستها التقليدية التي تمسكت بها في وادي النيل، فمع أن المادة الأولى من المعاهدة نصت على انتهاء احتلال مصر عسكرياً، إلا أن المعاهدة كرست الاحتلال من الناحيتين الفعلية والقانونية، فقد اعترفت مصر لأول مرة منذ أربعة وخمسين عاماً بالوجود البريطاني في أرضها، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة على أنه "من المتفق عليه أن أي تغيير في معاهدة عند إعادة نظره يكفل استمرار التحالف بين الطرفين المتعاقدين طبقاً للمبادئ التي تنطوي عليها...".
وأعطت المعاهدة لبريطانيا الحق فى الاحتفاظ بقوة عسكرية فى قناة السويس وبسلاح الطيران، على أن يزداد عدد هذه القوات في حالة الحرب وحالة الطوارئ في العالم كما احتفظت بريطانيا بحقها فى السودان.
وأنهت المعاهدة بنودها بالرغبة المشتركة بين الجانبين المصري والبريطاني في التعاون المنظم دائماً، وازدادت هذه الرغبة عند بروز التهديد الإيطالي بالعدوان على مصر إثر عدوانها على الحبشة.