أجاب الدكتور غانم السعيد، الأستاذ بجامعة الأزهر، على سؤال حول بعض الألفاظ والتعبيرات المصرية الشائعة في التحية اليومية، موضحًا أنها في أصلها عبارات عربية فصيحة لكنها جاءت في صياغة مختصرة ومحببة، تعبر عن روح المصري البسيطة وسرعته في التعبير عن مشاعره.
وأشار السعيد، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، إلى أن مثلًا عبارة "العواف عليكم" أصلها "العافية لكم"، وهي دعاء بالصحة والسلامة اختُزلت في كلمة مألوفة على ألسنة الناس في القرى والأحياء الشعبية، لكنها تحمل في جوهرها معنى أصيلًا من الفصاحة والدعاء.
وأضاف أن المصري بطبعه يحب التيسير وسرعة التواصل، لذلك ابتكر صيغًا قريبة تجمع بين الفصحى والدارج مثل عبارة "مساء النور" التي اختصر فيها تمني الخير إلى صياغة خفيفة، تحمل معنى الدعاء بالخير والنقاء وصفاء السريرة.
كما أوضح الأستاذ بجامعة الأزهر أن تعبير "صباح الفل" أو "صباح الورد" ليس بعيدًا عن الفصحى، بل هو اختيار راقٍ من معجم اللغة العربية، حيث ارتبط الصباح بالورود والزهور التي تحمل معاني التفاؤل والسرور والجمال النفسي.
وأكد السعيد أن هذه الأمثلة وغيرها تكشف عن الذكاء اللغوي للمصريين، حيث يجمعون بين الفصاحة واليسر، ويختصرون الدعاء والتحية في ألفاظ موجزة تفيض بالمعنى، ما يعكس نقاء المشاعر وصدق التواصل في الثقافة المصرية اليومية.
كما أجاب الدكتور غانم السعيد، على سؤال حول طبيعة العبارات الشعبية المستخدمة في الأفراح والمناسبات المصرية، مبينًا أن هذه العبارات تحمل في طياتها قيمًا إنسانية وإسلامية راسخة.
وأوضح السعيد، أن المصريين يستخدمون في الأفراح عبارات مثل: "ربنا يتمم بخير" في حال الخطبة أو عقد القران، وهي دعاء صريح بأن يكمل الله على العروسين نعمته بالخير والسعادة، كما يقال في الزواج: "بالرفاء والبنين"، تعبيرًا عن التمني بالاستقرار والذرية الصالحة.
وأضاف أن من أبرز التهاني المتداولة قولهم: "عقبال عندكم"، وهي عبارة تحمل معنى المشاركة الوجدانية وتمني الفرح والسرور للآخرين، بما يعزز الروابط الاجتماعية ويقوي مشاعر المودة.
وأشار السعيد إلى أن هذه اللغة الشعبية لم تفقد هويتها، ولم تضعف أمام محاولات الغزو الثقافي أو إدخال مفردات أجنبية، بل حافظ المصريون على جذورها العربية الأصيلة.
وأكد أن هذه المفردات الشعبية ليست مجرد كلمات، بل هي مزيج من الدعاء، والتفاؤل، والمودة، تكشف عن طبيعة الشخصية المصرية التي تتميز بالمحبة والإنسانية والتمسك بالقيم.
وقال: "هذه اللغة الشعبية تحمل في جوهرها البعد النفسي والأخلاقي والديني، وهي مرآة حقيقية للشخصية المصرية التي صمدت أمام كل التحديات الثقافية عبر التاريخ".