محمود عبدالراضى

رحم لا يُقطع

الإثنين، 25 أغسطس 2025 10:07 ص


في زمنٍ ضجّت فيه الهواتف، وسكتت القلوب، تراجعنا خطوة.. لا..، بل خطوات، عن صلة الرحم، صار الأقرب بعيدًا، وصار اللقاء مناسبة موسمية، وصار السؤال رسالة صوتية تُرسَل على عجل، يُنهيها "إيموجي" باهت، وقلوب لا تنبض بالمحبة كما كانت.

لقد انشغل البعض بجمع المال، فانفرط عقد الود، وضاعت تفاصيل الملامح خلف شاشات باردة، لم تعد مجالس العائلة عامرة بالأحاديث، بل صارت الصور تُؤخذ لنثبت أننا اجتمعنا، لا لأننا اشتقنا، لم تعد الأرحام تُوصل بالأقدام، بل تُدار من خلف الشاشات، وكأن صلة الرحم تطبيق نُفعّله وقت الفراغ.

صلة الرحم ليست مكالمة، بل ملامسة قلب بقلب، ليست تعليقًا على صورة، بل جلوسًا صادقًا وتفقدًا لحال الأحباب، من نسيَ عمّته، ومن تجاهل خاله، ومن لا يعرف أبناء خاله وخالته، هو فقير ولو ملأ خزائنه ذهبًا، فالرزق الحقيقي في الود، والعافية في الدعاء، والبركة في محبة لا تُشترى ولا تُباع.

علموا أبناءكم أن صلة الرحم تطيل العمر، وتزرع في القلوب بذور محبة لا تذبل، اخبروهم أن صلة الرحم لا تحتاج مناسبة، بل نية طيبة وخطوة أولى، ازرعوا فيهم أن الأقارب ليسوا مجرد أسماء في سجل العائلة، بل جسور تعبر عليها الرحمة، وتغمرها المودة، وتظللها شجرة اسمها "الرحم".

تُرى كم بيتًا أنقذته زيارة؟ وكم خلافًا أذابه عناق؟ وكم دمعة مسحها لقاء؟ صلة الرحم ليست رفاهية، بل فريضة مهجورة، إن أحييناها أحيينا فينا إنسانيتنا.

فلنمد أيدينا قبل أن تُمد علينا، ولنفتح قلوبنا قبل أبواب بيوتنا، فما أجمل أن نُعيد للرحم معناها، وللقرب طعمه، وللعائلة روحها. فإن ماتت المودة، فكيف نحيا؟
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب