الشَّعبُ المصريُّ العظيمُ عن بَكْرة أبيه يمتلك الجاهزيَّة تجاه حماية الوطن، بل، ما نراه من صورة تؤكد على التَّضافر، والتَّماسك، والاصْطفاف خلف الوطن، والقيادة السياسيّة، يدل على أن بلادَنا محفوظةٌ بإذن ربها، ولها جبهةٌ داخليَّةٌ ذات نسيج قويٍّ، ويصعب أن يختبرها مُغْرضٍ، أو كائدٍ؛ لأن النتيجة معلومةٌ؛ حيث إن الولاء، والانتماء في صورتهما المطلقة قابعتان في قلوب كلّ مواطن؛ فهما ميراثٌ من منظومة قيميّة، نبيلة، قد آمن بها، واستقرَّت في الوجدان منذُ فجر التاريخ.
المصريون يدركون المحيط مِنْ حولهم؛ فهناك أزماتٌ، وصراعاتٌ، وحروبٌ، ونزاعاتٌ مُتجدّدةٌ، ورغم ذلك كلُّه فإنّهم يمتلكون إيمانًا راسخًا بنصر الله – تعالى -، للحق مهما طال الزمان، أو قصُر، كما أنَّه لديهم العقيدة الراسخة بأن دحْر العدوان يقوم على الرباط، واللُّحمة، لا التشرْذم، وصور التفْرقة؛ لذا تجد لماهيّة الاعتصام لدى المصريين مكانةً خاصةً، تُترْجمها المواقفُ، وتدلُّ على الأحداث المُنْصرمة منها، والجارية على السَّواء.
أعتقد أنه مهما واجهنا نحن المصريين من مُعوَّقات قد تقف حجر عثْرة تجاه التنْمية المُسْتدامة، التي نسْعى إليها بكل قُوَّة؛ إلا أن مقْدرتنا على تجاوز الأزمات، والهموم، وفكِّ شفْرة التعقيدات، قد جعلتْنا صامدين، مثابرين، قادرين على بُلوغ غاياتنا، وهذا في حدِّ ذاته يؤكد أنه لا يُوجد في قاموسنا شيءٌ يُسمَّى بالمستحيل، والمُعَايش لهذا الشَّعب الأبيِّ يُوقِنُ أن عقيدَته راسخةٌ، لا تؤثّرُ فيها متغيراتُ الدَّهر، ولا بَواتِقه؛ فالإيمانُ لدى المصريين يحضُّ على بذْل الجهود تلْو الأخرى، ولا يسْمحُ بالتَّراجع عن تحقيق الهدف.
نُوْقِنُ بأنَّ حِصْنَ الدَّوْلة يكْمن في توافر تماسك، ووحدة وطنيّة، لا تُعضّدُ فقط مقْدرتِها العسْكريَّة باعتبارها الرَّافد الرئيس لها؛ لكن الجبهة الداخليّة القويّة تُعَدُّ العتبة التي تتكسَّرُ عليها كافَّة المآرب، وسِهام السِّموم، التي تُطْلقُها الكتائبُ المُغْرضة؛ فالنَّيل من الأوْطان يبدأ بإضعاف الداخل؛ كي تتفاقم الصِّراعات، التي من شأنها أن تؤججَ لهيب النِّزاعات في الدَّاخل؛ ومن ثم تستنزف الطاقات، ويبْدو الدَّاخلُ غير قادر على تحمُّل الضغوط الخارجيّة، منها، والداخليّة، سواءً أكانت اقتصادية، أم غير ذلك.
الوعيُ المجتمعيُّ يشكِّلُ صمام الأمن القوميّ بكل أبعاده؛ حيث إدراك الجبهة الداخليّة بكافة التحديات، التي لم تُحطْ بالوطن فقط، بل، بالمنطقة بأسْرِها؛ ومن ثم تفهم ما يتوجَّبُ القيام به من أجل مساندة القيادة السِّياسيّة، ومؤسّسات الدولة الوطنيّة؛ كي تؤدي ما عليها من مهام، دون ضغوط تؤثر على أدائها من الدَّاخل؛ فتصبح المواجهة في اتِّجاه واحد، وتنطلق الرؤى وما يتْبعُها من جهود في مسار تحقيق الغايات العليا للدولة، وهذا ما يؤكد أهميّة صمود الجبهة الداخليّة في السِّلم، والحرب على السَّواء؛ فالنَّصرُ يتوقف على عزيمة، ومثابرة، وتحمُّل الداخل دون مواربةٍ.
نرصد حالة من الاصطفاف السياسيّ ببلادنا الحبيبة، حينما تحدق التحديات بمراميها، وهذا يعد إدراكًا صحيحًا لماهيّة المصلحة العامة، وأهداف الدولة العليا؛ فقد نرى تضافرًا، وتناغمًا، وتلاحمًا، واصطفافًا من الجميع؛ فلا معارضة تجاه إجراءات تُتّخذ من أجل أمننا القومي، ولا جدال حول المواجهة، عندما تحين اللّحظة الفارقة، ولا تُقْبل، أو قبول لمن يبثُّون الذُّعر عبر شائعات، تحمل سُمومًا ضد الدولة، ومؤسساتها الوطنيّة، وقيادتها السياسيّة، وهنا يؤكد الرأي العام المصريُّ بشكل جامع، وبلسان مُبينٍ أنَّ مصر فوق الجميع.
اعتباريّة الوطن تجعلنا جميعًا نفوّض القيادة السياسيّة، ومؤسسات الدولة؛ من أجل اتّخاذ كافة ما يلزم من قرارات، وإجراءات، تحافظ على أمننا القوميّ، وتُزيل كافة التهديدات، التي قد تتعرَّضُ لها ربوع البلاد، وهنا يتأكد لنا أن الثقة في القيادة الرَّشيدة من مُسلّمات قوة الجبهة الداخليّة؛ حيث إن التَّفاعل، والتَّواصل المباشر مع القيادة، قد غدت من الأمور التي تبْعثُ بالطُمأْنينة في وجدان هذا الشَّعب، الذي يتمسك بحقة، ويعي ماهيّة الدولة، ولا يقبل التفريط في شِّبْر من تُرابِها الطَّاهر.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.