مجدى أحمد على

يا سينما يا غرامي.. أهمية أن نتثقف ياناس

الخميس، 21 أغسطس 2025 02:06 م


أذكر أن هذا كان عنوانا لأحد مقالات العظيم يوسف أدريس في جريدة الأهرام يصرح مطالباً بأن تأخير الثقافة بعضا من اهتمام الدولة والمجتمع مذكراً – لكل متجاهل أو فاقد للحس – أن الفن والثقافة في مجتمع يطمح للتقدم ليست رفاهية ولا يمكن وضعها – ببساطة – في ذيل أولويات الدولة وأهمال من عليها بل والحض على اعتبارهم (زوائد) يحظون بأقل الاحترام ولا تحظى الوزارة المخصصة لهم سوى بميزانيات ضئيلة وقيادات متواضعة فاقدة للرؤية والصلة (بصناعة) الثقافة ولا ترى فيها سوى وسيلة لضخ الأموال مثل أي (بضاعة) أخرى.. قيادات ليس لديها الحد الأدنى من الإدراك لقيمة الثقافة والفن في بلد اكتسب الريادة في منطقته والعالم يفضلهما ويأكد دور مصر القيادي وحتى وعيها السياسي بما قدمته للمنطقة والعالم من حضارة ووعي وإنسانية"

لكن هناك خبر – بل مانشيت – أفرحني للمرة الأولى منذ سنوات.

وبعث في امثالي الأمل بأن هناك من يدرك ويقيم ويقرر..!!

الرئيس يوجه بالاهتمام بتراث الإذاعة والتلفزيون المصري والاهتمام بما فيها من كنوز وتحويلها إلى أدوات حديثة قابلة للبقاء للأجيال القادمة.. ياالله.. هل تصدقون أن هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يخرج فيها مثل هذا التصريح والتوجيه من مؤسسة الرئاسة.. التي أدركت بالطبع أنها في مهمة إنقاذ ما بقي من تراث تعرض – وما يزال – لكافة أنواع الإهمال والتخريب والسرقة... إلخ.

في ظل غياب مش كامل للرقابة والمحاسبة فقدت شرائط وتحللت مواد واختفت كنوز معرفية لا حصر لها.. ولكن أن تبدأ متأخرا خيرا من ألا يشغلك الموضوع أصلا.. فشكر للسيد الرئيس ومستشاريه المحترمين..

والآن هل يجوز أن أروى قصتى مع عدد قليل من الزملاء والأصدقاء في محاولة إقناع المسئولين عن الدولة المصرية – عبر عدة عهود ومرورا بثورتين – بأهمية أنشاء أرشيف قومي للسينما المصرية ومتحف لتراثها المتنوع الهائل..

لدينا عشرات الآلاف من الشرائط (دراما وتسجيلي ووثائقي وغيرهم).. هي بمثابة ذاكرة للوطن وتوثيق لكفاحة من أجل الحياة.. وعبر عدة مؤسسات تراكمت الشرائط في مخازن لا يتوفر لها الحد الأدنى في ظروف الحماية والآفات من السرقة والتلف والتخريب.. في المركز القومي للسينما وفي التليفزيون وفي الهيئة العامة للإستعلامات وفي شركات السينما العامة والخاصة وفي مدينة الإنتاج الإعلامي وفي غيرهم.. لم تنتبه الدولة – المحاصرة بكل أنواع التحديات – إلى أهمية الاحتفاظ بهذه الثروة عبر صياغة قوانين تمنع بيع (الأصول).. وفي حالتنا هذه (النيجاتيف) إلى أي طرف خارجي باعتبار هذا الأصل حقاً أصلاً لمبدعه (وليس منتجه فقط) وحقا خالصا للجمهور الذي صنع من أجله العمل الفني.. ولم ينتبه أحد إلى أن هذه (الشرائط) عبارة عن وثائق وطنية تحكى (مثل رسومات المصريين القدماء على جدران المعابد) تاريخ الشعب بأفراحه وأحزانه بانتصاراته وهزائمه بإنجازاته وخسائره..

إن شعوب لا تتأمل ماضيها وتستخلص منها دروس وعبر الحياة لا يمكن أن تجد سبيلاً إلى التقدم.. وكون هذا التاريخ يرونه مبدعون تعطيه مصداقية يفتقدها السماسرة والخدم الذين يكتبون ما يرون لحكامهم وأولياء نعمتهم..

وللأسف وفي ظل حالة من السيولة والرخاوة سادت مثل قبيل ثورة يناير ثم التفريط في (نيجاتيف) ألوف الأفلام المصرية.. وتم (البيع) بطريقة تخلوا من أي تمييز بين (الفن) و(البطاطس) وبثمن بخس استغل رغبة (الملاك) في الاستفادة من أفلام رأوها مكرسه لا تدر عليهم أي ربح بل ويتعرض للهلاك رغم تحملهم مصاريف (صيانتها)..

فباع من باع وأشترط من له مصلحة.. وأي مصلحة مازالت تدر ربحا طائلا كبيضة من ذهب تجدد قيمتها وتعلو كلما مر عليها الزمان..
وقبل أن استكمل على للإنصاف أن أعترف بحقيقة أن المحبة في هذه الأفلام التي جازها شركاء عرب قد تم ترميمها على أفضل وجه وتم عرضها بأفضل طرق العرض (ما عدا طبعاً خضوعها لرقابة هؤلاء الأصدقاء طبقاً لعاداتهم وهو أمر كان يحدث أيضاً لو بقيت هذه الأفلام في مصر)..
أكثر من ثلاثة أرباع أصول السينما المصرية ليس في حوزة مصر وحتى الباقي لا يتم مراجعته أو ترميمه (إلا أقل القليل وبطريقة انتقائية وعشوائية).. ولم تشكل أن لجنة محايدة خبيرة لبحث وتدقيق أصول هذا التراث وأين ذهب؟! هنا موضعنا القادم..




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب