حازم الجندى

الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي.. مواكبة التطور وحماية الملكية الفكرية

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 12:39 م


أصبحنا الآن أكثر من أي وقت مضى في أمس الحاجة لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة وخاصة الذكاء الاصطناعي الذي أصبح استخدامه في معظم مجالات الحياة أمر واقعيا، مما يتطلب التصدي لهذا الموضوع ومعالجته بشكل أكثر حكمة، معالجة تقودنا للاستفادة من إيجابياته وتحجيم سلبياته وتجنبها باتخاذ الإجراءات اللازمة لتقنين استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنياته وحماية القيم وأخلاقيات المجتمع وحقوق الملكية الفكرية وغيرها من تأثيراته.

وفي هذا الصدد، جاء اجتماع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، مؤخرا، ليعكس أهمية هذا الملف وأن الدولة تدرك جيدا مدى خطورته رغم إيجابياته، ويعكس ذلك أن الدولة تدرك أهمية التخطيط والاستعداد في جميع الملفات وخاصة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، الذي يمثل المستقبل.

فأهم ما شهده الاجتماع هو توجيه الرئيس السيسي بوضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لتطبيق الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على البحث والتطوير والتدريب، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتعظيم الاستفادة منها، وكذلك دعم الدولة الكامل لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مشددًا على أهمية إطلاق المبادرات وإنشاء مراكز متخصصة لإعداد كوادر مؤهلة، مع ضرورة الالتزام بالموضوعية التامة في اختيار أفضل العناصر وتوفير تدريب عالي المستوى لها.

وهنا نؤكد على اتفاقنا مع توجيهات رئيس الجمهورية بأن هناك حاجة ملحة لوضع استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، فالدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي تولى أهمية كبيرة لمجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لذلك أنشأت في عام 2019 المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي وتهتم بوضع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، والتي يجب أن تهدف إلى استغلال تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى لدعم تحقيق أهداف مصر للتنمية المستدامة، حيث إنه في ظل التطور التكنولوجي الهائل وعصر التحول الرقمي أصبح الذكاء الاصطناعي تحدى كبير أمام الأمم للحاق بركب التقدم والتطور التكنولوجي، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي يستخدم في كل المجالات ويساهم في إحداث التنمية الاقتصادية وتقديم الخدمات بل ويهدد العديد الوظائف البشرية.

وذلك يوجب علينا أن نسارع في تهيئة البيئة في مصر لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي واستغلالها في تحقيق التنمية المستدامة ودفع عجلة الإنتاج والنمو الاقتصادي، ومن المهم أن تستثمر الحكومة في البنية التحتية الرقمية وتعزيز الاقتصاد الرقمي، كما علينا أن نواجه تحديات ملف الذكاء الاصطناعي ومنها نقص المهارات والخبرات وما يتطلبه ذلك من الاهتمام بالتدريب والتأهيل، والحاجة إلى تأهيل البنية التحتية الرقمية والتكنولوجية لتكون مهيئة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب بعض المخاوف الأخلاقية التي تتعلق بفقدان الوظائف، وحماية البيانات وحقوق الملكية الفكرية، وغيرها.

 

     ولذلك يجب التأكيد على حوكمة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى من خلال التنسيق بين الجهات ذات الصلة للخروج باستراتيجية موحدة تعكس أولويات الحكومة وكافة الجهات المعنية باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى، على النحو الذي يتواكب مع التطورات المتسارعة فى مجال الذكاء الاصطناعى التوليدى وخاصة نماذج البيانات الكبيرة وتطبيقاتها المختلفة.

وهناك ضرورة لإنشاء إطار قانوني وتشريعي لحوكمة الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتغلب على التحديات التنموية، لذلك هناك أهمية كبيرة لجهود الدولة المصرية في العمل على عدة محاور تشمل؛ الحوكمة، والنظام البيئى، والبنية المعلوماتية، والبيانات، والموارد البشرية، والتكنولوجيا؛ وتعزيز نطاق الاستثمار، ورفع مستوى الوعى العام بالذكاء الاصطناعى، وجذب الاستثمارات فى مجال مراكز البيانات، وتمكين إدارة مراحل دورة حياة البيانات المحلية، والاستمرار فى تنمية القدرات فى مجال الذكاء الاصطناعى، وبناء منصة تكنولوجية اعتماداً على تطوير تكنولوجيا نماذج البيانات الكبيرة واستخدامها فى الخدمات الحكومية وقطاعات السياحة والصحة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف زيادة الناتج المحلى الإجمالى، اعتماداً على مساهمة نماذج البيانات الكبيرة وباقى تقنيات الذكاء الاصطناعى الواعدة.

وفي هذا الصدد، أدعو إلى تطوير وتنمية المهارات التكنولوجية للشباب وتدريبهم على تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وتشجيع وتحفيز الطلاب على الالتحاق بالمدارس والكليات المتعلقة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتعليم الرقمي، لخلق كوادر مدربة ومؤهلة في هذه المجالات، بجانب تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بالتوسع في مجالات تعليم التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في الجامعات ومراحل التعليم المختلفة، فضلاً عن تشجيع الاستثمار في هذا قطاع التحول الرقمي والصناعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وأن تكون الأولوية لوضع أساس قوي من خلال الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية وتوافر الكفاءات في مجال العمل الرقمي، ومشروعات ريادة الأعمال والابتكار.

ومن هذا المنطلق، يجب أن تعمل الحكومة على وضع حوافز تشريعية وتنظيمية وتشجيعية لدعم الإبداع والابتكار، وتعزيز آليات الاقتصاد الرقمي، وتشجيع الاستثمار الرقمي، وإصدار تشريع للذكاء الاصطناعي في مصر؛ ينظم إنتاج وتطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ لمواجهة التحديات القانونية التي تفرضها هذه التطبيقات، ويتضمن نصوص تنظم المسئوليات المدنية والجنائية الناشئة عن استخدام هذه التطبيقات، فضلا عن توفير برامج تعليميةٍ وتدريبيةٍ شاملةٍ للشباب في مجال الذكاء الاصطناعي، لتمكينهم من اكتساب المهارات والخبرات اللازمة، وتقديم الدعم المالي والفني للشباب لريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشجيعهم على تأسيس شركات ناشئة مبتكرة، وأيضا تشجيع إنشاء الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مجال تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أن هناك ضرورة لتعديل قانون حماية الملكية الفكرية بإضافة نصوص تنظم الحقوق الأدبية والمالية؛ الخاصة بمخرجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ووضع ميثاق شرف أخلاقي للذكاء الاصطناعي يحدد المبادئ الأخلاقية لاستخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتصدي لجرائم الذكاء الاصطناعي خاصة فيما يتعلق بالتحريف والتضليل والتزييف في الصور والفيديوهات وغيرها، وضرورة نشر ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية، وجذب الاستثمارات فى الاقتصاد الرقمي ومجال مراكز البيانات، والاهتمام بدعم الصناعات الإبداعية والثقافية، كما أن هناك ضرورة ملحة لتأهيل الكوادر البشرية وإنشاء قواعد للبيانات الخاصة بالمطورين والمستخدمين.

ختاماً.. نحتاج إلى تحديث وتطوير مستمر للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي؛ بما يلبي الاحتياجات ويراعي التطورات المتجددة والمتغيرة في هذا المجال.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة