انقلابات الإخوان الفاشلة.. كتاب جديد يناقش عقيدة الفوضى عند الجماعة الإرهابية

الأحد، 17 أغسطس 2025 10:00 ص
انقلابات الإخوان الفاشلة.. كتاب جديد يناقش عقيدة الفوضى عند الجماعة الإرهابية غلاف الكتاب

كتب عبد الرحمن حبيب

ناقش كتاب انقلابات الإخوان الفاشلة (1948-2024) الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، عقيدة الفوضى وتنظيمات العنف والذى يعدد وسائل تنظيم الإخوان للوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات، بدءًا من عهد حسن البنا، مع تنفيذ انقلاب اليمن عام 1948، مرورًا بتنظيمات العنف الانقلابية في مصر وتونس وتهيئة التنظيم وواجهاته الأحوال الداخلية للانقلابات، عبر الخلايا النائمة، ويرصد الكتاب الأفكار الانقلابية التي يتبناها الصحويون باستغلال التحولات الجديدة في الإقليم، بعد سقوط نظام الأسد.

وقد افتتح الباحث المصري طارق أبو السعد الدراسات بأول انقلاب خططه الإخوان ونفذوه بمشاركة حسن البنا، ضد الإمام يحيى حميد الدين في اليمن، سنة 1948، تظاهر البنّا وجماعته بدعم الإمام يحيى حاكم اليمن آنذاك، وأظهروا ولاءً علنيًا له ولولي عهده، وقاموا بمهاداته وتسمية أبنائهم باسمه، ومن جهة أخرى نسجوا في الخفاء خيوط مؤامرة مع معارضي الإمام لتحويل معارضتهم إلى تمرد معبأ إعلاميًّا وعسكريًّا لتنفيذ انقلابٍ دموي؛ بتحريضٍ وتمويل ٍوتسليحٍ من الجماعة، بل وتخطيط مباشر من البنا؛ الذي وجد في اليمن طبيعةً واقتصادًا وتدينًا بيئة مثالية يمكن أن يقيم فيها نظامه المتخيل للدولة الإسلاموية الأولى.

بالعودة إلى مصر، تتبعت دراسة الباحث المصري حسين حمودة مصطفى، سلسلة الانقلابات الإخوانية التي بدأت بمحاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر الأول، ثم سلسلة من المحاولات الانقلابية المسلحة تورطت فيها الجماعة.

بدوره يستعرض الباحث المصري سامح فايز الانقلابات الداخلية داخل جماعة الإخوان منذ مزاعم انقلاب حسن البنا على رفاق دربه في البدايات، أو بالأحرى محاولته إقصاء المؤسسين الآخرين وتفرده بقيادة الجماعة وتوجهها، مما زرع بذور الشقاق الأولى.

ويتناول المفكر والأكاديمي التونسي محمد الحدّاد تجربة الحركة الإسلاموية في تونس ممثلةً بشكل أساسي في حركة النهضة، كاشفًا عن خيط انقلابي مزدوج: أحدهما مسلّح والآخر ناعم.

ولشرح فكرة التحريض على التغيير وتبريره عبر آليات الثورة والانقلاب، قدّم الأكاديمي المصري عماد الدين إبراهيم عبد الرازق إطارًا فلسفيًا لمفهوم الانقلاب بوصفه ظاهرة فكرية تؤسس للفعل السياسي وتسبقه في آنٍ واحد، وانطلق الباحث من توضيح دلالة مصطلح الثورة (Revolution) التي انتقلت من حقل العلوم الطبيعية (منذ ثورة كوبرنيكوس العلميّة والإبستمولوجيّة) إلى الحقل السياسي والاجتماعي، فأخذ المفهوم بُعدًا استعاريًا يعكس فكرة التغيير الجذري والانقلاب على القديم المستقر.

كما أشار إلى استخدام المفهوم الهيغلي «النفي الجدلي» أو «التجاوز» مبيّنًا أن الثورة الفلسفية عند هيغل ليست انقلابًا تامًا يلغي القديم كليًا، بل هي حركة جدلية تحتفظ بعناصر من الماضي في البنية الجديدة. أوضح الباحث سعي بعض المفكرين والجماعات السياسية، مثل الإخوان المسلمين، توظيف هذه المفاهيم بشكل جزئي ومبتسر، محولين «التجاوز الهيغلي» إلى انقلاب عنيف على الواقع الاجتماعي والسياسي المستقر. وشرحَ البحث مساهمات مدرسة فرانكفورت، بدءًا من ماكس هوركهايمر (Max Horkheimer) ونظريته النقدية الرامية إلى مساءلة البداهات والمسلمات الاجتماعية، وإعادة تقييم الأنساق المعرفية، ثم تيودورأدورنو (Theodor Adorno) الذي وسّع هذه النظرية إلى ما عُرف بـالديالكتيك السلبي منتقدًا العقل الأداتي وهيمنة العقلانية الأداتية، وصولًا إلى حنة آرندت (Hannah Arendt) التي قدّمت تحليلًا نقديًا للعنف بوصفه أداة سياسية، محذرةً من مخاطر الاعتماد عليه، ومبيّنة أن العنف لا يؤسس مسارات سياسية مستقرة، بل هو دليل على فشل السياسة في إيجاد حلول سلمية لأزماتها، حتى لو استُخدم كشرط ثوري مؤقت، إلا أنّ القراءات المبتسرة عكست رؤاها، ووظفتها لتمجيد فعل الثورة. تناول الباحث تحولات النظرية النقدية بعد الثورة الطلابية في فرنسا العام 1968، حين جرى مراجعة وتعقيل الكثير من الطروحات المتطرفة، لتصل إلى نضج فكري يعلي من قيمة الاستقرار السياسي والاجتماعي. وانتقد الباحث كيف أن الجماعات المتطرفة تجاهلت هذه العقلانية، مستفيدةً من الانتقائية الفلسفية لتبرير الفوضى والعنف بوصفهما وسيلتين أوليتين للتغيير، بدلًا من استيعاب قيمة الاستقرار بوصفه شرطًا لاستدامة التحولات الاجتماعية والسياسية.

وقدمت الباحثة الجزائرية عبير شليغم في دراستها ملامح التجربة الجزائرية فشرحت عوامل انتشار الفكر الإسلاموي الجزائري وتغلغله شعبيًا، ثم الأسباب المؤدية إلى تراجع المد الإسلاموي بعد صدامه مع الدولة وتطرق الباحث التونسي عبيد الخليفي في دراسته إلى الخلايا النائمة في التنظيمات الإرهابية.

يُختتم الكتاب بدراسة الباحث والأكاديمي المصري، محمود الطباخ حول جيل الصحويين المعاصر؛ المنبعث من الشام، تحت عنوان «استيراد الثورة وتصدير السخط». يشرح فيها نشاط مجموعة من الناشطين؛ لتكدير جيلٍ عريض في دولٍ عربية عديدة؛ قابل للسخط، يربط بين رموزه الصحوية الراهنة وجذور مشايخهم القطبية، التي تمر عبر القنطرة الصحوية. يستخدم الجيل الثورة والانقلاب ويؤصل لخلايا نائمة؛ تبث باسم العلم الشرعي، ويضع نتيجة نهائية أشبه بالانقلاب، حسب الدراسة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب