في الأيام الأخيرة، انتقل المزاج العام في الشارع المصري من دائرة الشكوى إلى مساحة الرضا والثقة، والسبب صفحة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعى وهى "الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية."
هذه الصفحة لم تكتفِ بنشر بيانات رسمية، بل تحولت إلى منصة تُجسد عمليًا سياسة "الردع في المجتمع" عبر عرض تفاصيل ملاحقة الخارجين عن القانون ومخالفي الآداب العامة، ونشر صور ووقائع ضبطهم في أوقات قياسية.
المثير أن المواطن، الذي كان في السابق يتعامل بسلبية أو لا يبالي، أصبح اليوم شريكًا فاعلًا في حفظ الأمن، يرسل شكواه للصفحة ويجد استجابة فورية، بل ويشهد القبض على المخالفين قبل أن يغيّروا حتى ملامحهم أو ملابسهم.
النتيجة كانت واضحة حيث انكمشت مساحة الجريمة بمعدلات ملموسة، فضلا عن ردع المجرمين قبل أن يفكروا في الفعل، خشية أن تتحول صورهم وأسماؤهم إلى مادة منشورة أمام ملايين المتابعين.
هذا النموذج، الذي أعاد بناء جسر الثقة بين المواطن ورجال الأمن، يجب ألا يظل حكرًا على وزارة الداخلية، بل ينبغي أن تتبناه كل الوزارات والهيئات الحكومية، ليصبح التفاعل المباشر مع شكاوى المواطنين جزءًا من ثقافة العمل العام.
فالتحقيق الجاد في البلاغات، والرد السريع على الرسائل، لا يردع الجريمة فحسب، بل يزرع شعورًا بالانتماء والمسؤولية، ويضع حجر الأساس لبناء مصر الجديدة التى يرى فيه المواطن أن صوته مسموع وأن العدل حاضر.