مها عبد القادر

الإعلام المصري.. دعم رئاسى لبناء الإنسان والوطن

الأربعاء، 13 أغسطس 2025 02:14 ص


يمثل الإعلام الوطنى فى أى دولة المرآة الصافية التى تنعكس عليها ملامح وعيها الجمعى، وأحد أهم أدوات قوتها الناعمة، وجسرًا حضاريًا يربط بين الدولة ومواطنيها من جهة، وبينها وبين العالم من جهة أخرى، وفى الحالة المصرية، لم يعد الإعلام يكتفى بدوره التقليدى فى نقل الخبر أو صناعة الرأى العام، فقد ارتقى ليصبح شريكًا أصيلًا فى مشروع وطنى شامل، تتحرك ملامحه فى ضوء دعم رئاسى واعٍ ومباشر، ويستند إلى منظومة راسخة من المهنية والمعيارية، ويعمل على تحقيق معادلة متوازنة تجمع بين بناء الإنسان الواعى القادر على النهوض بوطنه، وبناء البنيان المادى الذى يشكل قاعدة التنمية الشاملة، وكل ذلك فى إطار من الحرية المسؤولة التى توازن بين حق المجتمع فى المعرفة، وواجب الحفاظ على أمنه واستقراره وهويته.

ولا يمكن قراءة خارطة الإعلام الوطنى المصرى قراءة صحيحة دون استحضار البعد الاستراتيجى الذى توليه القيادة السياسية لهذا القطاع الحيوى، باعتباره أحد أعمدة الأمن القومى وأدوات القوة الناعمة للدولة، فالدعم الرئاسى للإعلام لم يعد محصورًا فى توفير الإمكانات أو تهيئة البيئة التشريعية، بل تجاوز ذلك ليجسد رؤية شاملة ترى فى الإعلام شريكًا أصيلًا فى مشروع بناء الدولة الحديثة، وحارسًا يقظًا لثوابتها، وصوتًا واعيًا لضمير الأمة، ودرعًا واقيًا لوعى شعبها فى مواجهة محاولات التضليل والتشويه، ومن خلال هذا الدعم الممنهج، تتشكل سياسات إعلامية متكاملة تحافظ على الهوية الوطنية، وتتصدى للشائعات وحروب الجيل الرابع والخامس التى تستهدف استقرار الدول من الداخل، وتعمل على تقديم الصورة الحقيقية لمصر بما يعكس إنجازاتها وريادتها، ويعيد تقديمها للعالم بوصفها دولة حضارة وتاريخ، لا كما تحاول بعض المنصات المغرضة رسمها من خلال التحريف والتزييف.

وفى الوقت الذى تتكاثر فيه المنصات الإعلامية وتتسارع فيه تدفقات المعلومات، وتتداخل فيه الحقائق بالشائعات، وتتنافس فيه الرسائل على عقول الناس وقلوبهم، تبرز المهنية والمعيارية كركيزتين أساسيتين لضمان بقاء الإعلام الوطنى فى موقع الصدارة والريادة، فالمهنية هى التزام صارم بالتحقق من المعلومة قبل نشرها، والحرص على الدقة فى عرضها، والتوازن فى تناولها، بما يضمن تقديم الصورة الكاملة بعيدًا عن الانتقائية أو التهويل، أما المعيارية، فهى العمل فى إطار مواثيق شرف إعلامى راسخة، ومنظومة من القوانين والأعراف المهنية التى تصون للمهنة مكانتها وتحميها من الابتذال أو الاستغلال، وتعد هذه القواعد صمام الأمان الذى يحول دون انزلاق الإعلام نحو الإثارة أو الانحياز غير المبرر، وهى الضمانة لأن تبقى الرسالة الإعلامية على مستوى التحديات الوطنية، قادرة على حماية الوعى العام، وترسيخ ثقة الجمهور، وتقديم نموذج يحتذى فى النزاهة والمصداقية.

ويعد الإعلام الوطنى فاعل أساسى ومحرك مؤثر فى عملية بناء الإنسان وصياغة وعيه الجمعى، فهو الوسيلة التى تزرع فى النفوس القيم الإيجابية، وتغذى روح الانتماء، وتدعم الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن، كما يغرس فى العقول روح المبادرة والعمل الجاد والإبداع الخلاق، ومن خلال برامجه وخطابه، يشجع الإعلام على تبنى سلوكيات حضارية، ويعزز ثقافة الحوار واحترام الاختلاف، ويرفع سقف الطموحات الفردية والجماعية، وفى الوقت نفسه، لا ينفصل دوره عن بناء البنيان المادى للدولة، إذ يسهم فى دعم خطط التنمية المستدامة، ويبرز المشروعات القومية الكبرى بوصفها نماذج ملهمة لطاقات الشعب وقدرته على الإنجاز، ويوفر مناخًا من الوعى العام الداعم للاستقرار والنهوض، فإن معادلة بناء الإنسان هى حجر الزاوية فى قوة الدولة المتوازنة؛ حيث يشكل وعى المواطن الراسخ وطاقاته الخلاقة القاعدة البشرية الصلبة، فيما تمثل المؤسسات والبنى التحتية القاعدة المادية القادرة على حماية الإنجاز ومواصلة التطوير، وبهذا التكامل، يصبح الإعلام الوطنى شريكًا حقيقيًا فى صناعة المستقبل.

لا يمكن للإعلام أن يضطلع بدوره الحقيقى أو يؤدى رسالته الحضارية من دون مساحة كافية من الحرية، فحرية الكلمة هى الهواء الذى يتنفسه الإعلام، والمجال الذى يمنحه القدرة على التعبير والتأثير، غير أن هذه الحرية، حتى تحافظ على قيمتها وتستمر فى أداء دورها البناء، لا بد أن تكون حرية مسؤولة، فهى التى تجعل الكلمة أداة للبناء ومنبرًا للحقائق لا منصة للشائعات، وصوتًا للعقل والحكمة لا صدىً للانفعال والفوضى، وهى الحرية التى تراعى المصلحة الوطنية العليا، وتحترم القيم الأخلاقية والمهنية، وتوازن بوعى بين حق الجمهور فى المعرفة، وواجب الحفاظ على الأمن القومى والسلم الاجتماعى، فالحرية المنفلتة من كل ضابط أخلاقى أو وطنى سرعان ما تتحول إلى أداة لإشاعة الفوضى وتقويض الثقة، أما الحرية التى تمارس بوعى ومسؤولية، فإنها تصبح ركيزة للاستقرار والتنمية، وقوة دافعة لنهضة الأمة، وجسرًا بين الدولة والمجتمع على أساس من الثقة والاحترام المتبادل.

ونؤكد أن خارطة الإعلام الوطنى فى مصر، وفق رؤى السيد الرئيس ووضعه لهذا التصور المتكامل، يعد مشروع وطنى جامع يقوم على شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع، تتلاقى فيه الإرادة السياسية الواعية مع المشاركة المجتمعية الفاعلة فى صناعة الحاضر وبناء المستقبل، وتنطلق هذه الخارطة من رؤية رئاسية مدركة لقيمة الإعلام ودوره المحورى فى تشكيل الوعى وحماية الهوية، وتتأسس على منظومة مهنية صارمة، تلتزم بالمعايير الدولية وتتفاعل بذكاء مع خصوصية الشخصية المصرية وعمقها الحضاري.

وتحمل هذه الخارطة فى جوهرها رسالة شاملة تشكل جسرًا يربط بين بناء الإنسان، بما يختزنه من وعى وإيمان راسخ وانتماء أصيل وقدرة متجددة على العطاء، وبين بناء الوطن بكل ما يمثله من بنية تحتية متينة، ومؤسسات قوية راسخة، ومكانة إقليمية ودولية رفيعة، وفى إطار من الحرية المسؤولة، يتجسد الإعلام الوطنى بوصفه حارسًا يقظًا للحاضر، وصانعًا بصيرًا للمستقبل، وضامنًا لاستمرارية الهوية الثقافية والقيمية للأمة، فهو مصنع متجدد للوعى الجمعى، وبنيان راسخ للهوية الوطنية، وحافظ أمين للذاكرة التاريخية، يعيد وصل الحاضر بجذور الماضى، ويصوغ من هذا الامتداد رؤية واضحة لمستقبل أكثر رسوخًا، وأعمق وعيًا، وأشد ازدهارًا، حيث تتكامل فيه عناصر القوة المادية والمعنوية، ويترسخ فيه الوعى الجمعى كخط الدفاع الأول عن الوطن وهويته.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب