كتب فريد شوقي ومثل وأنتج أكثر من 400 فيلم غير المسرح والتليفزيون، وبذلك يحتكر أوسع مساهمة في تاريخ السينما المصرية وتعامل مع أكثر من 90 مخرجا وكاتبا وبعضهم أتراك.. وحكاية (بخل) فريد شوقي شائعة في الوسط ولكن الملاحظ المحايد لا بد أن يلحظ أن كل أموال فريد – بعيدا عن تربية الملاحظ المحايد لا بد أن يلحظ أن كل أموال فريد – بعيدا عن تربية أولاده – أنفقت على صناعة السينما، وهو ما لا نراه اليوم إلا نادرا حيث يتجه النجوم إلى استثمار مكاسبهم الخرافية من التمثيل في اقتناء العقارات والسيارات والمطاعم والكافيهات... إلخ ونادرا ما نراهم ينفقون مليما في تطوير الصناعة أو الإنتاج أو حتى دور العرض.
عندما حدث اعتصام السينمائيين المصريين في مقر النقابة احتجاجا على صدور القانون 103 الذي يطلق مدد الرئاسة للنقابة تفصيلا على شخص سعد الدين وهبة (الذي كنت وما زلت أحترمه).. كلفني المعتصمون بأن أتولي الشئون الإدارية للاعتصام من مأكل ومشرب وخلافه، وكان ذلك بالطبع يتم تمويله من الفنانين المشاركين في الاعتصام وحتى من منعهم (الحرج) السياسي وأكل العيش عن المشاركة الفعلية في الاعتصام وكان من بين هؤلاء عادل إمام وفريد شوقي وسعاد حسني وغيرهم.
وكان من المهام التي كُلفت بها الذهاب إلى هؤلاء بطلب الدعم للمعتصمين الفقراء داخل النقابة (والمناسبة قالت لي فردوس عبد الحميد عند لقائها مع بعض الفنانين مع الرئيس مبارك أنه قال لها ساخراً: كنت بتاكلوا تفاح في الاعتصام يافردوس؟ وهو بالطبع ما كان يعكس رؤية الرئيس للمعتصمين الذين كان يتصورهم لا يأكلون غير المش ولا يشربون تسوى الماء).
المهم اقترح علىّ المرحوم الصديق حسين عبد القادر أن أبدأ بمن اشتُهروا بالبخل في طلب التبرعات، وبدأت بعادل إمام الذي أشهد أنه كان كريما في تبرعه كما شارك عادل أيضاً في ارتداء تي شيرت الاعتصام تحت الملابس الرسمية في افتتاح مهرجان القاهرة للسينما الذي كان يرأسه سعد الدين وهبة.. وكان التالي في جولة التبرعات هو فريد شوقي.
استقبلني فريد بروح طيبة فق أغرقت اخبار الاعتصام المجال الإعلام كله ورغم صداقة المعروفة بسعد وهبة وما كان يشاع فقد لمنى مبلغاً لا بأس به.. ولكن عند مغادرتي شاكرا فوجئت به يستوقفني قائلاً:
- قولي يا مجدي هو لو مش سعد هيبقي نقيب السينمائيين انتو عايزين مين يبقي النقيب؟
- يا ملك المعركة شيء شخصي المهم لا تكبر من موضع بقاء أي قيادة في منصبها للأبد ونعيد موضوع مراكز القوى، وخاصة أن القيادات دي بتزود كل شوية أسماء الأعضاء الممولين لهم وإعطائهم العضوية دون تدقيق، لدرجة أن كل موظفين التليفزيون بقوا أعضاء من نقابة السينمائيين.. وعضو النقابة المفروض يكون محرمش موظف ينتخب رئيسه في الشغل أو اللي يقول عليه رئيسة.
- تمام.. عندك حق.. غلط صحيح.. بس برضه قولي من اللي انتو عايزينه يبقي نقيب؟
- مفيش حد بالتحديد إنما أعضاء كثير عايزين يرشحوا على بدرخان.
- مين..
- فوجئت بالملك يقترب مني وبسرعة اختطف المبلغ الذي كان في يدي والذي وقعت له إيصالا به قائلا بعصبية وخيبة أمل:
- بلاش كلام فارغ.. على خليه مع الكلب بتاعه في الفيلا في الهرم سعد هيبة وشخصية.. بلاش كلام فارغ.. هي حصلت؟ ورغم ذهولي الشديد فقد (قلب) الموقف معي بضحك صاخب ساهم فوراً في تهدئة الملك.. ولكني عدت للجلوس وبداية مناقشة طويلة في أن ما يحدث هو مجرد تمهيد لفتح مدد الرئاسة مع البدء في النقابات التي لا تثير مشالك وأن موقفنا سوف يدفع الدولة إلى مراجعة موقفها.. ده.
- والكلام ده لو صحيح إنتو هاتغيروا رأي الدولة يعني؟
- أهو بنحاول يا ملك.. وأنا معاك إن سعد وهبة راجل محترم وكان يستحق من زمان يبقي وزير ثقافة..
- وبعد ساعة تقريبا.. أعاد لي الملك المبلغ وهو يؤكد أن تبرعه ليس معناه أي (عداء) للحكومة.. فاهم يا عم مجدي؟
- فاهم يا ملك.. فاهم جدا جدا..