يحل اليوم عيد ميلاد الشاعر اللبناني وديع سعادة (6 يوليو 1948) الذى بدأ مسيرته الشعرية في الثمانينات من القرن الماضى بديوانه الأول ليس للمساء إخوة، وهو الديوان الذى قال عنه وديع سعادة إنه وقف يوزع بنفسه ديوانه الأول في لبنان قبل الهجرة إلى أستراليا.
وضع وديع سعادة أسلوبا خاصا به ميزه ووضعه في مرتبة مختلفة ومحل خاص به فإن قرأت له تعرفه على الفور بأسلوبه الخاص الذى يضيف اللعب إلى الشعر والشعر إلى اللعب فينتج ألعابه العقلية المسلية والمؤججة للوعي والمحفزة على التفكير.
لنتأمل سويا قصيدته محاولة وصل ضفتين بصوت:
كنتَ تريد شيئًا يطير، طلبتَ تبغاً وأضفتَ أخَوات إلى الحمامات في فضاء الغرفة. كنتَ تريد شيئًا يطير شيئًا يخرج من النافذة، فرميتَ نفسك عبر الزجاج. لكنَّ نقطة الدم التي خرجت منك، ظلَّتْ في الداخل.
أنت الذي الآن في مكان آخر وثلاثُ بطَّات تنام أمام بيتك، كنتَ تحدّق طويلاً في الجدران كي تسمع أصوات آبائك المعلَّقين. دعني إذن أتحدَّث إليك، اسمعْ صوتي، صوتي من هذا المكان، الذي هو صوتك من المكان الآخر.
ساعةَ عرفوا ناحَ بعضُهم وبعضُهم ظلَّ صامتًا وهم يرافقوننا إلى مكاننا الأخير. أخذونا في صندوق، محمولَين بثماني أيد وبنظرات كثيرة. كنتَ تنظر إليَّ أنا الحيُّ فيك، وأنظر إليك أنت الميت فيَّ. تريد أن تبتسم لي، وأريد أن أبكيك. لكننا صمتنا، وتركناهم يدفنوننا هناك.
نحن اللذين يتكلمان مع نفسيهما الآن، أنت من هناك وأنا من هنا، نحن الواحد: الحيُّ المتحدّث مع ذاته الميتة، ماذا لدينا بَعْدُ غيرُ الذكرى؟
لم يكن عند أهلنا بطّ. غير أننا، من كثرة ما حلمنا به، جاء أخيرًا ونام على بابنا.
لكنك كنت تغادر.