قال الشيخ أحمد الطلحى، الداعية الإسلامى، إن الصلاة المشيشية للإمام عبد السلام بن مشيش تعد من أرفع صيغ الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، لما تحمله من مضامين عرفانية عالية، واستغراقٍ روحى فى شهود جمال المصطفى ﷺ ومقامه الرباني.
وأضاف الشيخ الطلحى، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن هذه الصلاة الجليلة تبدأ بقوله: اللهمَّ صلِّ على منْ منهُ انشقتِ الأسرارُ، وانفلقتِ الأنوارُ، وفيهِ ارتقتِ الحقائقُ، وتنـزلتْ علومُ آدمَ عليهِ السلامُ فأعجزَ الخلائق".
وأشار إلى أن هذه الصلاة تمثل رؤية العارف بالله ابن مشيش لمقام النبى ﷺ، بوصفه الواسطة الكبرى بين الخلق والحق، وأن كل تجليات العلم والنور والسر الإلهى متفرعة عن حضرته النبوية، مؤكدًا أن هذه المعانى مستمدة من قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ".
وأوضح الطلحى أن قول الإمام: وأغرقنى فى عينِ بحرِ الوحدةِ حتى لا أرى ولا أسمعَ ولا أجدَ ولا أحسَّ إلا بها"، هو طلب فناء تام فى توحيد الله تعالى، وأن لا يبقى للمريد شهودٌ لسوى الله، لا فى ذاته ولا فى صفاته، مبينًا أن هذه المرتبة العالية هى ما تحدّث عنها الحديث القدسى الذى رواه البخاري: "كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به".
وأكد الشيخ أحمد الطلحى أن مثل هذه الصلوات تنشّط القلب، وتغذّى الروح، وتربط المحب بحضرة النبى ﷺ ارتباطًا وجدانيًا وشهوديًا، داعيًا المسلمين إلى الإكثار من الصلاة والسلام عليه، كما أمرهم الله فى قوله: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِى ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
قال الشيخ أحمد الطلحى، الداعية الإسلامى، أن وصف السيدة عاتكة بنت خالد الخزاعية، المعروفة بأم معبد، لحضرة سيدنا ومولانا رسول الله ﷺ عند مروره بخيمتها أثناء الهجرة من مكة إلى المدينة، هو من أبلغ ما قيل فى الجمال النبوى الشريف، وكأن الإنسان يراه رأى العين.
وتلا الشيخ الطلحى وصف أم معبد قائلًا: "رأيتُ رجلًا ظاهرَ الوضاءة، مُتبَلِّجَ الوجه، حسَنَ الخُلُق، لم تَعبْهُ نُحْلة، ولم تُزْرِ به صُقْلَة، وَسِيمًا قَسِيمًا، فى عَينيْهِ دَعَج، وفى أَشفارِهِ غَطَف، وفى صَوتِهِ صَحَل، وفى عُنقِهِ سَطَع، وفى لحيتِه كثافَة، أزجَّ أقرَن، أن صَمَت علاه الوقار، وإن تَكلَّم سما وَعَلاهُ البهاء، أجملُ الناسِ وأبهاهُ مِن بَعيد، وأحسنُه وأحلاهُ مِن قريب، حلوُ المنطق، فَصْل، لا نَزْرٌ ولا هَذَر، كأنَّ مَنطقَه خرزات نَظْمٍ يَتحدّرْن، رَبْعَةٌ، لا يَأْسَ من طول، ولا تَقتحمُه عينٌ مِن قِصَر، غُصنٌ بيْنَ غصنَيْن، فهو أنْضَرُ الثلاثةِ منظرًا، وأحسنُهُم قَدرًا، له رفقاءُ يَحفّونَ به، أن قالَ أنصتوا لقوله، وإن أمَرَ تبادروا إلى أمرِهِ، محفودٌ، محشودٌ، لا عابسٌ ولا مُفنَّد".
وأوضح الطلحى أن قولها "غُصنٌ بيْنَ غصنَيْن" فيه تشبيه بديع؛ إذ تقصد أن رفيقيه صلى الله عليه وسلم، سيدنا أبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة رضى الله عنهما، كانا كالغصنين الملازمين لغصن ثالث – هو النبى ﷺ – فى صورة متناسقة من المهابة والرفقة.
وأشار إلى أن قولها: "فهو أنْضَرُ الثلاثةِ منظرًا، وأحسنُهُم قَدرًا"، يعبّر عن تفوّق النبى صلى الله عليه وسلم فى الحُسن والهيبة والمنزلة، حتى على من حوله من أفضل الصحابة.
وأكد الشيخ أحمد الطلحى أن هذا الوصف ليس إلا بعضًا من نور جماله ﷺ، مضيفًا: "فيَا أيها المشتاقون لنور جماله، صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا".