أثار الحادث المأساوي الذي شهده الطريق الإقليمي في المنوفية منذ أيام قليلة وأسفر عن وفاة 19 فتاة في عمر الزهور حالة حزن شديدة في المجتمع المصري، على فتيات قاصرات صغيرات في السن لم تتجاوزن سن الطفولة وتتحملن المسئولية وكل يوم تخرج كل فتاة منهن للعمل من أجل لقمة العيش، إلا أن القدر كان له رأي آخر بأن تتعرض 19 فتاة في في سن الطفولة ما بين 13 أو 14 عاماً حتى 18 سنة لحادث كارثي يودي بحياتهن، لتعتصر قلوب الشعب المصري ألما وحزناً على هؤلاء البطلات.
فكل منهن بمثابة بطلة ونموذج وقدوة لأطفالنا وشبابنا، جمعن بين النجاح والتفوق العلمي والعمل والكفاح في نفس الوقت لمساعدة أسرهن وذلك نتيجة الفقر، بنات كالملائكة خطفهن الموت؛ ليستمر شبح نزيف الأرواح في حوادث الطرق فكل يوم نسمع عن أرواح تزهق ومصابين في حوادث الطرق، مع الاعتراف بأن مصر شهدت في السنوات العشرة الأخيرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي طفرة كبيرة في شبكات الطرق والمحاور وتطوير البنية التحتية وتعزيز الأمان والسلامة في الطرق مما أدى إلى انخفاض معدل الحوادث في مصر ، إلا أن الأمر لا زال يحتاج إلى تكثيف الجهود لتعزيز وتطبيق مع السلامة والأمان على الطرق.
كانت هناك توجيهات سريعة وعاجلة من الرئيس السيسي للحكومة بمتابعة صيانة وإصلاح الطرق بكل دقة، وخاصة الطريق الدائرى الإقليمى وسرعة الانتهاء منها والتأكد من وجود الإرشادات في مناطق الإصلاح وتعديل مسار الطريق بصورة واضحة، والعمل على إزالة العوائق التي ينجم عنها الحوادث على هذه الطرق بشكل فورى بالإضافة إلى مراقبة السرعة عليها، وعلى الحكومة أن تنفذ توجيهات القيادة السياسية في أسرع وقت وتكون على نفس مستوى السرعة في الأداء.
كما يجب أن تكون هناك رقابة مشددة على الطرق ومتابعة تطبيق قواعد ومعايير السلامة والأمان، وإجراء تحليل مخدرات بشكل دوري ومفاجئ للسائقين، وأن تكون هناك صيانة دورية للطرق للحد من الحوادث والحفاظ على أرواح المواطنين، وأرجو أن تسرع الحكومة في إنهاء صيانة وإصلاح الطريق الدائري الإقليمي والطرق الأخرى التي تحتاج إلى تأهيل ورفع كفاءة.
كما أتطلع إلى أن تكثف وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع المجتمع المدني والأهلي من جهودهم المشتركة لدعم الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية في القرى ومختلف المناطق على مستوى الجمهورية وأن يتم توفير دعم مادي ومعنوي لهذه الأسر وتوفير فرص عمل لهم وإقامة مشروعات صغيرة لتوفير فرص عمل لهم تخفف عنهم الأعباء وتوفر لهم حياة كريمة، وحتى تستطيع تلك الأسر أن تعلم أبنائها بشكل جيد ويتم منح الفرصة للأبناء أن يعيشوا طفولتهم وينجحوا ويكتسبون مهارات متعددة.
ومن هذا المنطلق، هناك ضرورة ملحة للحد من عمالة الأطفال التي تؤدي إلى زيادة حالات التسرب من التعليم في كثير من الأحيان، فضلاً عما يتعرض له الأطفال من مخاطر أثناء العمل، حيث يعملون في بعض الأوقاف في أماكن تشكل خطورة وضرر عليهم دون توفير الحماية اللازمة لهم؛ الأمر الذي يدفع إلى ضرورة التصدي لهذه الحالات ومنع انتشار عمالة الأطفال، مع التأكيد على حصر عدد الأطفال الذين يعملون في سن طفولتهم ويتحملون المسئولية بأن يتم توفير أجر مناسب لهم وتوفير حماية تأمينية وصحية وتشجيعهم على عدم التسرب من التعليم.
والحقيقة فتيات حادث الطريق الدائري الإقليمي كانوا متميزات ومتفوقات في التعليم لكنهم كافحن وتعبن كثيرا في العمل في هذه السن الصغيرة، عمل بلا حماية ولا تأمين ولا أجر مناسب، فكل بنت منهن كانت تخرج وتعمل طوال اليوم بيومية 130 جنيها رغم أنها تستحق ثلاثة أضعاف المبلغ أو أكثر أيضاً، بالتالي تعرضن للجور على حقهن في الأجور المناسبة، ولكن لا توجد رقابة حقيقية للتصدي لمشكلة عمالة الأطفال ومخاطرها، فيجب سرعة العمل على تطبيق قانون العمل الجديد وتفعيل الضمانات الهامة التي تضمنها القانون لتنظيم عمالة وتشغيل الأطفال والضمانات الهامة لحمايتهم.
الأمر الآخر في تداعيات مثل هذه الحوادث الأليمة هو العمالة غير المنتظمة سواء العمالة اليومية والموسمية وغيرها، إذ تتأكد كل اليوم مدى الحاجة الملحة إلى دعم واحتواء هذه العمالة التي تقدر بالملايين والتي تعاني أشد المعاناة اجتماعياً واقتصادياً وصحيا، مما يتطلب ضرورة تكثيف الجهود لدعم هذه العمالة وتوفير مظلة حماية قانونية وتأمينية لها من خلال التأمين الصحي والاجتماعي عليهم، لتوفير حقهم في العلاج المناسب وحقهم في الحصول على معاش، وحمايتهم حال الإصابة أثناء وبسبب العمل وحال التعرض العجز أو الوفاة فيحصلون على معاش ودعم مادي ويتم توفير معاش لأسرهم.
لذلك يجب أن يكون هناك حصر شامل للعمالة غير المنتظمة في كل المحافظات على مستوى الجمهورية وتسهيل إجراءات تسجيل العمالة للتمتع بالمزايا التأمينية والمادية التي منحها لها القانون سواء في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات أو قانون العمل، مع ضرورة إطلاق حملة مكثفة لتوعية العمالة غير المنتظمة بأهمية التسجيل لدى وزارة العمل والاشتراك في التأمينات الاجتماعية للتأمين على أنفسهم، كما يجب تفعيل صندوق الطوارئ وصندوق حماية العمالة غير المنتظمة الذي أنشأه قانون العمل، لاستفادة العمالة بمزاياهما .
وهناك ضرورة لتنفيذ التوجيهات الرئاسية بسرعة الحصر والتوسع فى قاعدة بيانات العمالة غير المنتظمة، والحقيقة أن الرئيس السيسي منذ توليه الحكم وهو يولي اهتماماً كبيراً بالعمال بشكل عام والعمالة غير المنتظمة بشكل خاص، وعلى وزارة العمل أن تتوسع في عملية الحصر والتسجيل، فمسئوليتنا جميعا في مؤسسات الدولة أن نوفر حماية وحياة كريمة لهذه العمالة.