تتسارع وتيرة التحركات الدولية لكبح جماح آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، في ظل تصاعد الإدانات والاستنكارات بعد القصف الذي طال الكنيسة الكاثوليكية في القطاع. أعلنت دول مجموعة لاهاي، بقيادة كولومبيا وجنوب أفريقيا، التزامها بوقف تصدير السلاح لإسرائيل قبل 20 سبتمبر، بينما تستعد فرنسا لقيادة مؤتمر دولي يرمي إلى تنفيذ حل الدولتين، وتطالب إسبانيا وأيرلندا بمراجعة الاتفاقية الأوروبية مع تل أبيب، في حين دعت إيطاليا إلى وقف العمليات العسكرية فورًا.
التحركات لا تقتصر على التصريحات، بل تمتد إلى إجراءات ملموسة شملت تجميد صفقات السلاح، ودعم إجراءات قانونية دولية، ومشاريع تشريعية تحظر التعامل التجاري مع المستوطنات الإسرائيلية. هذا الزخم الدولي المتنامي يعكس تحولاً في المزاج السياسي العالمي، ويدفع باتجاه عزلة غير مسبوقة لإسرائيل على الصعيدين القانوني والدبلوماسي، وسط مطالب متزايدة بوقف العدوان وضمان العدالة للشعب الفلسطيني.
وقف توريد الأسلحة
وشارك فى اجتماع دول مجموعة لاهاي، الذى عقد على مدى يومين في بوجوتا، أكثر من 30 دولة، بينها إسبانيا كمراقب ، في حين وقعت 12 دولة، منها ، بوليفيا وكوبا وليبيا وماليزيا وناميبيا والعراق وإندونيسيا ونيكاراجوا وعمان، على بيان رسمي يتهم إسرائيل بتقويض أمن واستقرار الشرق الأوسط.
وأوضحت الصحيفة أنه تم الموافقة على بعض القرارات ، منها وقف توريد الأسلحة والذخيرة والمعدات ذات الاستخدام المزدوج، و حظر تمويل الأنشطة العسكرية الإسرائيلية، و دعم تحقيقات دولية في الجرائم الجسيمة بموجب القانون الدولي، و ضمان العدالة لجميع الضحايا الفلسطينيين، بالإضافة إلى ذلك، تعزيز المساءلة أمام المحاكم الدولية.
ووصف الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو ، ما يحدث في غزة بأنه "تجربة وحشية من الأغنياء لإخضاع شعوب العالم"، مؤكدًا أن الحرية هي السبيل الوحيد لإيقاف الحروب.
دعوات إيطالية لوقف العمليات العسكرية
وفى السياق نفسه ، دعا نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجانى ، الجمعة، إسرائيل إلى وقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة"، وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيطالية، فقد كشف تاجانى عن عزم الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، رئيس أساقفة اللاتين في القدس، دخول قطاع غزة "برفقة البطريرك ثيوفيلوس بشحنة تبلغ 500 طن من المساعدات للسكان المدنيين".
وجاء في البيان: "تدعو الحكومة الإيطالية إسرائيل إلى وقف العمل العسكري وضمان سلامة المبعوثين بشكل كامل في مهمتهما المهمة. يجب على إسرائيل وحماس التوصل إلى وقف إطلاق نار، ويجب أن تنتهي الحرب في غزة، ويجب أن نختار بشكل حاسم مسار المفاوضات الدبلوماسية لوقف الهجمات التي تستهدف المدنيين، وتحرير جميع الرهائن الإسرائيليين، والسماح بدخول المساعدات اللازمة في أسرع وقت ممكن.
وكان تاجانى أعرب مرارا وتكرار عن غضبه من استمرار سقوط قتلى فى قطاع غزة على أيدى إسرائيل ، وقال فى تقرير له قدمه لمجلس الأمن ، قائلا إن هذه الوفيات البريئة تجرح قيمنا وتهين ضمائرنا.
وأكد وزير الخارجية الإيطالي: "إن رد الفعل المشروع للحكومة الإسرائيلية على هذا العمل الإرهابي المروع والعبثي يتخذ أشكالًا دراماتيكية وغير مقبولة على الإطلاق"، مشيرة إلى ضرورة "وقف القصف، واستئناف المساعدات الإنسانية في أسرع وقت ممكن، واستعادة احترام القانون الإنساني الدولي".
وأضاف الوزير الإيطالى: "أود أن أؤكد مجدداً وبوضوح أن الأمل الوحيد المُمكن للسلام، والهدف الأساسي، لا يزال يتمثل في بدء عملية سياسية تُفضي إلى دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن"،
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن "ضربات إسرائيلية أصابت كنيسة كاثوليكية في غزة"، وأضافت أن "الغارات الإسرائيلية على غزة والتي ضربت كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية غير مقبولة"، موضحة "الهجمات التي تشنها إسرائيل على المدنيين منذ أشهر غير مقبولة. ولا يمكن لأي عمل عسكري أن يبرر هذا السلوك".
استعدادات فرنسا لمؤتمر حل الدولتين
بالإضافة إلى ذلك ، فقد تترأس فرنسا مؤتمرا حول تنفيذ حل الدولتين، برعاية الأمم المتحدة، يومى 28 و29 يوليو فى نيويورك، والذى سيشارك فيه وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو، ويهدف إلى رسم مسار نحو حل الدولتين من خلال تدابير ملموسة اقترحتها مجموعات العمل الثماني، التى أجرت مشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة والمجتمع المدني، كما سيركز المؤتمر على تعزيز الاعتراف بفلسطين، والتكامل الإقليمي، وإصلاح الحكم الفلسطيني.
أيرلندا وإسبانيا يؤكدان وف اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
وفى السياق نفسه ، أكدت أيرلندا على ضرورة مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبى وإسرائيل، وسط نقاشات حول الإمدادات الإنسانية في غزة ، ورئيس وزراء أيرلندا، سيمون هاريس، إنه سيواصل "الضغط" على رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي لمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي الموقف الذي تتقاسمه مع إسبانيا.
وأضاف رئيس الحكومة الأيرلندية أنه سيواصل الضغط على نظرائه في المجلس الأوروبي ، والذي يتضمن جدول أعماله الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، وأضاف السياسي المنتمي إلى حزب "فاين جايل" "سأواصل الدفاع عن أنه، وفقا لرأي محكمة العدل الدولية في يوليو ، فإن الدول الأعضاء ملزمة بالعمل من خلال مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل"، وفقا لصحيفة الباييس الإسبانية.
وأشار هاريس إلى قرار تلك المحكمة ومقرها لاهاي، والتي اعتبرت قبل ثلاثة أشهر أن سياسات الاستيطان الإسرائيلية "تنتهك القانون الدولي" وأن "استمرار وجودها" في فلسطين "غير قانوني"، وقال "سأواصل الضغط على هذه القضية واستكشاف السبل الرسمية للمضي بها قدما في الأيام والأسابيع المقبلة، لأنه يجب حل هذه القضية".
ويشارك رئيس الوزراء الأيرلندي رأيه حول هذا الموضوع مع رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، لكنه تحدث علنًا عن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم الاثنين الماضي. وذلك عندما حث المفوضية الأوروبية على الاستجابة "بشكل نهائي" لطلب مدريد ودبلن بمراجعة الاتفاقية المذكورة، المعمول بها منذ عام 2000.
وكانت أعربت حكومة أيرلندا عن عزمها تقديم مشروع قانون يفرض قيوداً على التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعدما أشارت إلى أن محكمة العدل الدولية، أصدرت رأياً استشارياً يعطيها الحق في اتخاذ قرارات تجارية بصورة مستقلة عن الاتحاد الأوروبي.
وأضاف مارتن في بيان، أن "التجارة هي اختصاص حصري للاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن الحكومة كانت تركز على اتخاذ الإجراء على مستوى الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن "المدعي العام أوضح أنه إذا لم يكن ذلك ممكناً، فهناك أسس في قانون الاتحاد الأوروبي تسمح للدول باتخاذ إجراءات على المستوى الوطني. وفي هذا السياق، ستنظر الحكومة الآن مجدداً في مشروع قانون الأراضي المحتلة".
وتستمر إسبانيا في دعمها لغزة ، وأكدت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارجريتا روبلز ، أن بلادها جمدت اتفاقيات الأسلحة مع إسرائيل سواء البيع أو الشراء ، وأنه على الرغم من أنه لا تزال هناك اتفاقيات والتي بدأت قبل حرب غزة ، إلا أن إسبانيا أوقفت اتفاقيات الأسلحة مع إسرائيل بدءا من 7 أكتوبر العام الماضى، حسبما قالت صحيفة الباييس الإسبانية.