أسماء نصار

من التاريخ إلى المستقبل.. عمق العلاقات بين مصر والسعودية

السبت، 19 يوليو 2025 10:26 ص


تتجسد العلاقات المصرية السعودية فى لحظة فارقة من تاريخ المنطقة كنموذج استراتيجى متين، لا تهزه المتغيرات ولا تربكه الحملات المغرضة، فهى شراكة فريدة لا تقوم على مصالح عابرة، بل على إرادة سياسية راسخة وتاريخ طويل من التنسيق المشترك ووحدة المصير، تجاوزت مجرد اللقاءات الرسمية لتصبح مشروعًا استراتيجيًا ممتدًا، يقوم على وعى عميق بالتحديات المشتركة ورؤية موحدة لحماية الأمن القومى العربى فى مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية المتزايدة.

خلف الأبعاد السياسية والاستراتيجية، تكمن علاقات تاريخية وإنسانية واجتماعية عميقة بين الشعبين المصرى والسعودى، تعد الركيزة الأساسية لمتانة هذه العلاقات، حيث تمتد هذه الروابط لقرون طويلة، تشمل تبادلًا ثقافيًا، دينيًا، واجتماعيًا، أسهم فى تشكيل نسيج فريد من الترابط الأخوى، فالتاريخ المشترك يروى حكايات من التضامن والدعم المتبادل فى أوقات الشدة والرخاء.

لقد أسهمت الحركات السكانية، سواء للحج والعمرة أو طلب العلم والعمل، فى نسج علاقات اجتماعية متشابكة، حيث اختلطت الأنساب وتشكلت صداقات وروابط عائلية تجاوزت الحدود الجغرافية، فالجاليات المصرية فى السعودية، والجالية السعودية فى مصر، تعد جسورًا بشرية حية تعزز التفاهم والمودة بين الشعبين، هذا التفاعل المستمر خلق فهمًا متبادلًا للثقافات والعادات، وعزز شعورًا بالانتماء المشترك ووحدة المصير، وهو ما يجعل هذه العلاقة ليست مجرد تحالف حكومى، بل تحالف شعبى أصيل يرتكز على المحبة والتقدير المتبادل.

على مر السنوات، أثبتت هذه العلاقة المصيرية بين القاهرة والرياض أنها أعمق من الدبلوماسية التقليدية، ويتضح ذلك فى التنسيق المتواصل بين القيادتين وتطابق مواقفهما تجاه القضايا المحورية للعالم العربى، وفى مقدمتها دعم الحقوق الفلسطينية.

ورغم تصاعد حملات التشكيك المأجورة، يبقى هذا التحالف صامدًا، مدعومًا بقوة شعبية ومؤسسية تجعله صخرة تتحطم عليها كل محاولات الفتنة، فهذه العلاقة، المتجذرة فى عمق التاريخ، مبنية على أسس راسخة من المصالح المتبادلة والرؤى المتقاربة، مما يجعلها خط الدفاع الأول فى وجه مشاريع الاختراق والهيمنة وزعزعة الاستقرار فى المنطقة.

العلاقة بين البلدين اليوم لم تعد تقتصر على التنسيق السياسى فحسب، بل تطورت إلى منظومة شاملة من التعاون المؤسسى تمتد لتشمل الدبلوماسية، الاقتصاد، الأمن، والثقافة، ويعكس هذا التطور التوافق فى الرؤى بين القيادتين.

تتميز العلاقات بين البلدين بتطابق سياسى فى أبرز الملفات الإقليمية، ففى مواجهة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وقف البلدان صفًا واحدًا، رافضين جميع أشكال التهجير أو المساس بالحقوق الفلسطينية، كما يتواصل التنسيق بشأن تطورات الأوضاع فى ليبيا والسودان، ضمن إطار دعم الدولة الوطنية، ومساندة جهود الحفاظ على وحدة المؤسسات وإنهاء النزاعات الداخلية، وفى تعبير واضح عن هذه الصلابة، أكد وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى خلال لقائه نظيره السعودى الأمير فيصل بن فرحان فى العلمين، رفض مصر القاطع لمحاولات الإساءة للعلاقات الثنائية، مشددًا على أنها علاقات أعمق من أن تهتز أمام حملات مشبوهة.

من الدلالات البارزة على عمق هذا التحالف، تأسيس مجلس الأعمال المصرى السعودى، الذى يعد ركيزة جديدة للتكامل الاقتصادى، ويشكل منصة فعالة لزيادة حجم التبادل التجارى، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، وتعزيز دور القطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات تنموية تخدم مصالح الشعبين وتفتح آفاقًا جديدة من النمو المستدام.

تدرك القاهرة والرياض جيدًا أن حماية الأمن القومى العربى لا يمكن أن تترك للمصادفات، بل تستوجب تحالفات صلبة، رؤية استراتيجية، وقرارًا سياديًا مستقلًا، لذا، فإن العلاقة بين البلدين تمثل حاجزًا متقدمًا ضد كل محاولات زعزعة الاستقرار أو إضعاف بنية الدولة فى العالم العربى.

اليوم، تدخل العلاقات المصرية السعودية مرحلة جديدة من النضج، تتجاوز الحسابات الثنائية لتشكل نموذجًا متقدمًا للعمل العربى المشترك، قائمًا على السيادة، الاستقلالية، ووحدة المصير، لأنها علاقة تدار بعقل استراتيجى وتترجم بإرادة سياسية وشعبية قوية، تحصن المنطقة من التحديات وتعيد رسم ملامح المستقبل من جديد.

وفى زمن الأزمات الكبرى، لا تقاس التحالفات بالشعارات أو التصريحات، بل بثباتها فى مواجهة العواصف، ومصر والسعودية تقدمان اليوم تحالفًا عصيًا على الابتزاز، لا ينكسر تحت الضغوط، ولا يتراجع أمام الضجيج، تحالف يكتب بحبر السيادة، وتوقعه الشعوب قبل القيادة، عنوانه.. السيادة أولًا.. والمصير واحد.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب