قال الدكتور هيثم شعبان، الباحث المصرى بمركز "أغورا" العالمى لأبحاث السرطان وقائد مجموعة بحثية بكلية طب جامعة جنيف، إن ما يُعرف علميًا بـ"الخلايا الشائخة" أو "خلايا الزومبي" باتت تمثل محورًا رئيسيًا فى الأبحاث الحديثة المتعلقة بمكافحة السرطان والشيخوخة.
وأوضح شعبان، خلال لقائه مع الإعلامى أحمد فايق برنامج "مصر تستطيع" الذى يذاع عبر قناة dmc، أن هذه الخلايا التى تُعرف علميًا بـ Senescent Cells تظل حيّة ولكنها غير نشطة، وتفقد القدرة على الانقسام أو التفاعل مع البيئة المحيطة، لكنها فى الوقت نفسه تفرز مواد كيميائية تؤدى إلى التهابات مزمنة تُمهد للإصابة بالسرطان، خاصة فى المراحل المتقدمة من العمر.
وأضاف، أن المفارقة فى هذه الخلايا تكمن فى أنها فى بدايتها تساعد على منع السرطان، لكنها بمرور الوقت تتحول إلى أحد أسبابه، مؤكدًا أن وجودها بكثافة فى أنسجة الجسم هو أحد مؤشرات التقدم البيولوجى فى العمر.
وأشار الدكتور هيثم شعبان، إلى أن أحدث التوجهات فى العلاج ترتكز على العلاج المناعى، الذى يعتمد على تقوية الجهاز المناعى وتمكينه من التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها، مضيفًا أن وجود الخلايا المسنة يُضعف كفاءة هذا النوع من العلاج، لذا فإن التخلص منها أصبح ضرورة لرفع فعالية الاستجابة المناعية.
وتابع أن عقار الميتفورمين، المعروف كمركب لعلاج مرض السكرى، أثبت فى دراسات حديثة قدرته العالية على تقليل وجود الخلايا المسنة، مشيرًا إلى أن هذا العقار المستخرج من نبات طبيعى، بات أحد الأمل الواعد فى الوقاية من الشيخوخة المبكرة وبعض أنواع السرطان، وهو ما أثبتته دراسات نُشرت فى دوريات كبرى مثل Cell.
وأشار إلى أن التحدى الأكبر فى هذا المجال هو التمييز الدقيق بين الخلايا الشائخة المفيدة والمضرة، إذ أن الجسم يحتاج لبعض هذه الخلايا فى مراحله الدفاعية، مؤكدًا أن التقدم فى أدوات تحليل الجينوم ساعد مؤخرًا فى فهم طريقة "إعادة تنظيم" المادة الوراثية داخل هذه الخلايا، وهو ما قد يفتح الباب لعلاجات أكثر دقة فى المستقبل.
فى السياق ذاته، أكد الدكتور هيثم شعبان على أهمية دعم البحث العلمى طويل المدى، قائلًا إن "السرطان ليس مرضًا واحدًا، بل مجموعة معقدة من الحالات البيولوجية، وأى اختراق علمى يحتاج إلى وقت وجهد وتعاون دولى واسع".