بوابة كأس العالم للأندية

قصة السينما في مصر.. 29 ملحوظة مهمة حول الأفلام الأولى

الإثنين، 30 يونيو 2025 09:00 ص
قصة السينما في مصر.. 29 ملحوظة مهمة حول الأفلام الأولى قصة السينما

أحمد إبراهيم الشريف

في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين صارت لدينا سينما حقيقية، حتى أن سعد الدين توفيق رصد في كتابه المهم "قصة السينما" والصادر عن دار الهلال في سنة 1969، 29 ملحوظة حول السينما الناطقة في مصر:

يقول الكتاب تحت عنوان:

تأثير الصوت

هذه كانت صورة سريعة للسنوات الأولى من حياة الفيلم المصري الناطق، أي في الفترة من 1932 إلى 1935، بَقِيَ أن نعرف نتائج دخول الصوت في أفلامنا، وهذه باختصار أهم هذه النتائج:

1 -  تحول رجال المسرح إلى السينما بعد أن أصبح المطلوب إلقاء حوار، فوجدنا يوسف وهبي، وجورج أبيض، وعبد الرحمن رشدي، وأحمد علام، وفاطمة رشدي، وزكي طليمات، وفتوح نشاطي، ونجيب الريحاني، وفوزي الجزايرلي، وعلي الكسار، وفوزي منيب، ومختار عثمان، وفؤاد شفيق، وحسين رياض، ومنسي فهمي، ومحمود المليجي، وغيرهم يلمعون على الشاشة.

2 - دخلت الأغنية إلى الفيلم، وكان هذا من عوامل الإقبال على الفيلم المصري، فالمتفرج العربي يميل بطبعه إلى الطرب، وهكذا أصبح عدد كبير من المطربين نجوماً سينمائيين مثل نادرة، ومحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، ومنيرة المهدية، ونجاة علي، وليلى مراد، ورجاء عبده، وأسمهان، وفريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، وعبد الغني السيد، ومحمد أمين، وسعد عبد الوهاب.

3 -  إنشاء الاستوديوهات، ولم يكن ذلك مهماً في عهد السينما الصامتة، أما بعد أن أصبح الحوار والمؤثرات والأغاني تُسجل في الفيلم الناطق فقد أصبح من الضروري أن يتم التصوير داخل بلاتوهات مجهزة بآلات تسجيل الصوت. وكانت الاستوديوهات الأولى التي أُنشئت في أيام السينما الصامتة هي استوديو الشركة الإيطالية - المصرية في الحضرة بالإسكندرية، ثم استوديو بيومي، فاستوديو الفيزي، فاستوديو باكوس الذي كان داراً للسينما حولها توجو مزراحي إلى استوديو في سنة 1930 لتصوير أفلامه الأولى. وكانت كل هذه الاستوديوهات بالإسكندرية. وفي سنة 1931 أنشأ يوسف وهبي استوديو رمسيس الذي تم فيه تصوير بعض مناظر فيلم "أولاد الذوات"، وفي سنة 1935 أُنشئ استوديو مصر، وبعده تعاقبت استوديوهات لاما بحدائق القبة، وناصيبيان بالفجالة، وجلال بالحدائق، واستوديو الأهرام، ومدينة السينما بشبرا، واستوديو نحاس.

4 - زاد إقبال المتفرج على الفيلم المصري بعد أن أصبح ناطقاً، فقد كسب هذا الفيلم جمهور المسرح وجمهور الطرب، علاوة على جمهور جديد كانت الأمية تقف حائلاً دون استمتاعه بالسينما، حيث كان المتفرج عندما يشاهد الفيلم الصامت المصري أو الأجنبي يضطر إلى قراءة الحوار أو ترجمته التي تُعرض على الشاشة. كما أصبح من الممكن أن يرتاد الأطفال تلاميذ المدارس الصغار دور السينما، وهكذا صارت السينما هي سهرة الأسرة كلها.

5 - زاد إنتاجنا للأفلام في كل موسم زيادة ملحوظة بعد أن أصبحت السينما ناطقة، ففي عهد السينما الصامتة كان إنتاجنا يتراوح بين ثلاثة وخمسة أفلام في الموسم، ثم زادت بعد دخول الصوت فأصبحت ستة أفلام، ثم ١٢ فيلماً، ثم ١٦ فيلماً، وهكذا.

6 - اقتنعت دور العرض - وكان معظم أصحابها من الأجانب - بأن الجمهور يُقبل على الفيلم المصري. وكانت قبل ذلك تبدي شكها في إقبال الناس عليه. وكما رأينا أن منتجي الأفلام الأولى لعزيزة أمير اضطروا إزاء ذلك إلى استئجار دور العرض على حسابهم حتى يتحملوا بأنفسهم الخسارة إن كانت هناك خسارة. أما بعد أن أصبح الفيلم المصري ناطقاً فقد فتحت دور العرض أبوابها له. بل إن بعض هذه الأفلام كـ "الوردة البيضاء" حققت إيرادات تفوق بمراحل إيرادات أحسن الأفلام الأجنبية في ذلك الحين.

7 -  انتشرت دور العرض في مدن الوجهين البحري والقبلي. وكان ذلك يرجع إلى أسباب عديدة منها عدم وجود مسارح بالأقاليم، وارتفاع ثمن جهاز الراديو في أوائل الثلاثينيات، وتطور المجتمع، وخروج المرأة المصرية.

8 - انتقل النشاط السينمائي من الإسكندرية إلى القاهرة بعد إنشاء الاستوديوهات فيها، هذا بالإضافة إلى أن الممثلين أصبحوا يجدون فرصًا أكثر في القاهرة، فلم يعد في مقدورهم البقاء في الإسكندرية طول مدة تصوير الفيلم كما كان يحدث في الماضي.

9 - ظهور شركات توزيع الأفلام. وكان المنتج قبل ذلك يقوم بنفسه بمفاوضة أصحاب دور العرض، أما بعد أن قامت شركات للتوزيع فقد تولت هذه العملية نظير نسبة من الإيرادات، ثم بدأت شركات التوزيع تتنافس على التعاقد مع المنتجين. بل إن هذه الشركات كانت تدفع للمنتج سلفة قبل تصوير الفيلم تستردها عند عرض الفيلم.

10 -  بدأ الفيلم المصري يغزو العالم العربي وينافس الفيلم الأجنبي. وأصبحت بعض دور العرض في البلاد العربية تُفضل الفيلم المصري على الفيلم الأجنبي.

11 - انتشرت اللهجة المصرية في العالم العربي بفضل الفيلم المصري. وأصبح المتفرج اللبناني والسوري والعراقي يفهم الحوار المصري ويردد الأغاني المصرية.

12 -  اندفع منتجو الأفلام المصرية إلى تصوير مشاهد من أفلامهم في البلاد العربية. فقام كريم في عام ١٩٣٥ بتصوير بعض مناظر فيلم عبد الوهاب الثاني "دموع الحب" في سوريا، ثم صوّر أحمد جلال بعض مناظر فيلم "زوجة بالنيابة" في سوريا ولبنان. واستمر بعد ذلك تصوير مناظر من أفلام مصرية كثيرة في العراق وغيرها من البلاد العربية.

13 -  بدأ كثيرون من الممثلين والمطربين في البلاد العربية يظهرون في الأفلام المصرية، وكان هذا يساعد على رواج الأفلام عند عرضها هناك. وبعد سنوات أصبح الموزع يشترط ظهور ممثلين عرب في الفيلم المصري لكي يدفع سلفة التوزيع.

14 - ظهرت المجلات الفنية، وأبرزها "الكواكب" في سنة 1933، و"فن السينما" التي أصدرتها رابطة النقاد السينمائيين المصريين في 1933، كما اهتمت الجرائد اليومية بتخصيص صفحة أسبوعية للسينما. كذلك أصبح للسينما باب ثابت في معظم مجلاتها الأسبوعية. وليس من شك في أن السبب الرئيسي في ذلك كان الإعلانات. ومما يدل على ذلك أن الجرائد اليومية لم تكن تُخصص صفحة أسبوعية مماثلة للمسرح أو للموسيقى أو للفنون التشكيلية!

15 -  ظهر المؤلف السينمائي المصري، حتى أن بعض الكُتاب اللامعين كتبوا قصصاً للسينما. ومنهم فكري أباظة الذي قدمت له الشاشة فيلم "خلف الحبايب" الذي أخرجه فؤاد الجزايرلي، وقام ببطولته فوزي الجزايرلي وابنته إحسان. وكان هذا الفيلم يُعالج مشكلة تنظيم النسل. كما كتب أيضاً قصة فيلم "الضحايا" الذي أنتجته وأخرجته بهيجة حافظ.

16 -  تأثر المسرح المصري بسبب إقبال الجمهور على الأفلام المصرية بعد أن أصبحت ناطقة، واضطرت فرق تمثيلية كثيرة إلى إغلاق أبوابها بعد أن تحول أصحابها وأعضاؤها إلى السينما، فقد حلّ فوزي الجزايرلي، وعلي الكسار، ومنير وعلي الكمال فر، ويوسف وهبي فرقهم. ولهذا أنشأت الدولة فرقة مسرحية هي "الفرقة القومية" في سنة 1935، كما أنشأت "معهد التمثيل" لكي ترعى فن التمثيل وتدعم المسرح وتحميه من منافسة السينما.

17 - تحولت المسارح إلى دور عرض سينمائي، وهكذا اختفى النشاط المسرحي في شارع عماد الدين، الذي كان شارع المسرح، وتحول إلى شارع السينما.

18- ظهر الناقد السينمائي المصري بعد أن فتحت الجرائد أبوابها أمامه. وأصبح في معظم جرائدنا ومجلاتنا نقاد تخصصوا في نقد الأفلام. وأنشأ بعض النقاد الجادين المثقفين جماعة أطلقوا عليها اسم "جماعة النقاد السينمائيين"، ومنهم السيد حسن جمعة، ومحمد كامل مصطفى، ومحمد توفيق غريب، وأحمد بدرخان، وحسن عبد الوهاب، ونيازي مصطفى، وكمال سليم. وأصدروا مجلة "فن السينما"، وظهر العدد الأول منها في 15 أكتوبر 1933، ورأس أولهم تحريرها.

19 -  أصبحت الترجمة في الأفلام الأجنبية تُطبع على الفيلم نفسه بعد أن كانت تظهر في الماضي على شاشة صغيرة مستقلة إلى يمين الشاشة الكبيرة، وكانت هذه عملية متعبة لعينَي المتفرج لأنه كان يُضطر طول الوقت إلى نقل عينيه من شاشة الصورة إلى شاشة الترجمة.

20 -  بدأت الصحف الأجنبية التي تصدر في مصر تكتب عن الفيلم المصري، كما بدأ الاهتمام في صحافة العالم بالإشادة بصناعة السينما المصرية، وكان جورج سادول، الناقد والمؤرخ السينمائي الكبير، أول من تحدث عن الفيلم المصري في مقالاته وكتبه.

21 -  بدأ الفيلم المصري يشق طريقه إلى مهرجانات السينما الدولية. وكان فيلم "وداد" هو أول فيلم مصري يُعرض في مهرجان البندقية، وذلك في سنة 1936.

22 -  بدأت دبلجة بعض الأفلام الأجنبية لتصبح ناطقة باللغة العربية. وكانت أول تجربة في هذا الميدان هي دبلجة فيلم "مستر ديدز الشاذ"، الذي أخرجه فرانك كابرا، وقام ببطولته جاري كوبر. وقام بتحقيق هذا المشروع أحمد سالم، وأشرف على عملية الدوبلاج، وقام بالترجمة العربية المخرج أحمد كامل مرسي. وقام محمود المليجي (بصوته) بتمثيل دور جاري كوبر.

23 - ظهر الفيلم التاريخي المصري بعد أن أصبحت السينما ناطقة، وبعد أن أُنشئت الاستوديوهات، وكان ذلك متعذرًا قبل ذلك بسبب حاجة مثل هذا النوع من الأفلام إلى ديكورات كبيرة. ومن أول أفلامنا التاريخية: شجرة الدر، وليلى بنت الصحراء، ووداد، ولاشين.

24 - بدأت شركات السينما العالمية تُصور بعض مناظر أفلامها في مصر. وأول هذه الأفلام كان الفيلم الإنجليزي تاجر الملح، الذي قام ببطولته المغني الزنجي المعروف بول روبسون، واشتركت في هذا الفيلم الممثلة المصرية كوكا.

25 - ظهر لأول مرة الفيلم القصير. وفي بداية عهد السينما الناطقة، زاد إنتاج هذا النوع من الأفلام زيادة هائلة. وكانت هذه الأفلام تُعرض لتكملة برنامج السينما إلى جانب الفيلم الطويل.

وفي 22 مايو 1933 عرضت سينما فؤاد بالقاهرة أول برنامج مصري ناطق كامل، وكان يتألف من فيلم طويل: مخزن العشاق، وهو أول فيلم كوميدي ناطق، وقد قام ببطولته محمد كمال (شرفنطح)، ونادية، وعزت الجاهلي، ومن ثلاثة أفلام قصيرة كانت عبارة عن اسكتشات غنائية، وهي:

• نشيد النصر، ويصوّر معركة المماليك ونابليون في سفح الهرم، وقام جميل عزت بدور رئيس المماليك،
• أنشودة البحر، وتمثل معركة بين القراصنة في البحر، واشتركت فيه بالغناء المطربة آمال،
• القلب داب، وهو اسكتش غنائي.

وفي هذه السنة، 1933، ظهر حسين المليجي في مونولوج "مصر سنة ألفين"، وأحمد شريف، وسيدة حسن في اسكتش "نبين زين"، ونعمات المليجي في "أنشودة النيل"، وماري منصور، وكريمة أحمد، وجميلة توفيق، وحكمت كامل في اسكتش "البوليس النسائي"، ونادرة في أغنية "صبح الصباح"، وسامي الشوا في فاصل موسيقي "على ضفاف النيل"، وبديعة مصابني وفرقتها في سلسلة اسكتشات غنائية راقصة منها: "آه ياني"، و"تحية مصر"، و"عروس النيل"، و"رقصة يلدز".

ثم قدّم استوديو مصر عددًا كبيرًا من الأفلام القصيرة، منها:

• سوق الملاح،
• أفراح البدو،
• جزيرة الأمل،
• عبد الهادي أفندي،
• الرياضة في الجيش،
• الحج،
• الخيول العربية،
• المصارعة اليابانية،
• أفلام لوزارة الصحة.

26 - ظهرت لأول مرة بشكل منتظم الجريدة السينمائية العربية. وكانت هناك محاولات كثيرة من شركات الإنتاج المصري لتقديم جرائد سينمائية، إلا أن أهمها كانت "جريدة مصر الناطقة" التي أنتجها استوديو مصر، ولا تزال هذه الجريدة تصدر حتى الآن بعد أن أصبح اسمها "الجريدة السينمائية العربية".

27 - ظهرت مكاتب الريجيسير، وهي التي تتولى تقديم ممثلي الأدوار الثانوية والوجوه الجديدة والمجاميع في الأفلام. وكان أول مكتب ريجيسير هو ذلك الذي أنشأه قاسم وجدي.

28 - اهتمت الدولة بإقامة مسابقات للسينما تُوزع فيها جوائز على المتفوقين من السينمائيين.
وفي يناير 1933 وُزعت أول جوائز سينمائية، وكانت قيمتها مائتي جنيه. وقد منحتها لجنة مراقبة التمثيل بوزارة المعارف للسينمائيين لأول مرة، بعد أن كانت الجوائز في السنوات السابقة تُعطى لرجال المسرح فقط. وجاء في تقرير اللجنة أنها "قررت أن تمتد الإعانة فتشمل بعض الجهود البارزة في الفن السينمائي المصري".

وكانت نتيجة المسابقة:
• 50 جنيهًا لعزيزة أمير عن فيلم "كفِّر عن خطيئتك"
• 50 جنيهًا لفاطمة رشدي عن فيلم "الزواج"
• 50 جنيهًا لبهيجة حافظ عن فيلم "الضحايا"
• 50 جنيهًا لآسيا داغر عن فيلم "عندما تحب المرأة"
أما جوائز المسرح فكانت - كما جاء في تقرير اللجنة الذي نشرته مجلة "الصباح" في مايو 1933 - تبلغ 625 جنيهًا.

29 - انتشرت موجة الاقتباس في السينما المصرية، وذلك لتغطية العدد الكبير الذي أصبحنا ننتجه من الأفلام. ومن أول الأفلام المصرية التي اقتُبست قصصها عن أصل أجنبي فيلم "ياقوت"، الذي قام ببطولته نجيب الريحاني، وصُوِّرت مناظره كلها في باريس في سنة 1933، وقصته مأخوذة عن "توباز" لمارسيل بانيول. واستمرت هذه الظاهرة تزيد زيادة مطردة حتى أصبحت نسبة كبيرة من قصص أفلامنا مقتبسة.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب





الرجوع الى أعلى الصفحة