بعد رحلة عطاء تخطت الـ170 عملًا مسرحيًا، رحلت عن عالمنا الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، ولا يقتصر نجاح سيدة المسرح العربى على الصعيد المحلي فقط، بل وصل نجاحها إلى مختلف دول العالم، وقد أشاد بها الكثيرون من مختلف الأنحاء، ومن بينهم المفكر الفرنسي الكبير جان بول سارتر مؤلف رواية "الذباب" التي تحولت بعد ذلك إلى عمل مسرحي وأدت بطولتها الفنانة الكبيرة سميحة أيوب.
حسب ما جاء في كتاب السيرة الذاتية للفنانة سميحة أيوب والذي كان بعنوان "ذكرياتي"، تقول سيدة المسرح العربي: لم أكن أتصور أن مسرحية "الذباب" لجان بول سارتر التي أخرجها سعد أردش فطوّع الحركة الكلاسيكية فيها إلى حركة "مودرن" عصرية مع الاحتفاظ بالشكل والإيهام الكلاسيكي، ستجعل رئيس تحرير "الاوبزرفير" الفرنسية، والذي هو الآن يشغل منصبا سياسيًا كبيرُا في فرنسا، يطلب مقابلتي بعد العرض ليقول لي: لم أكن أتصوّر أن (ندم - ذباب) سارتر سوف تقدّم بهذه العظمة، بكل مفرداتها من إخراج وتمثيل وديكور وكورس.
وبعد ثلاثة أيام من انتهاء عرض مسرحية الذباب لسارتر، كنت أمثل في مسرحية من تأليف الدكتور رشاد رشدي فإذا بالسيد كلود استيه رئيس تحرير الأوبزيرفر يصافحني ويقول لي: في مسرح الأزبكية في الذباب كنت أشاهد فنانة عملاقة لها حالات من الإبداع في كل ليلة، أما الليلة فقد شاهدت (ديفيليه) عرض أزياء.
وسافر كلود استيه، وذات يوم وأنا أتصفح جريدة الجمهورية إذا برسالة موجّهة لى منه يقول فيها: أرجو إبلاغ الفنانة سميحة أيوب أنني عندما رجعت إلى فرنسا لم أجد سارتر في باريس، فهو في جولة في الاتحاد السوفييتي مع سيمون دي بوفوار، وأخبرته تليفونيًا، وقال ربّما في مخططه أن يذهب إلى مصر.
وفعلا جاء إلى مصر بدعوة من جريدة الأهرام، وكنت في ذلك الوقت أؤدي دورًا في العمل الكبير "الإنسان الطيب" لبرتولد بريخت، وكان قد مرّ على عملي في "الذباب" قرابة السنة والنصف، وإذا بالإدارة تخبرني أنّ سارتر سوف يحضر مسرحية الذباب وهي ترمز للاحتلال الألماني لفرنسا في الحرب العالمية، وكان لابد من عمل بروفات.
وقالوا لي سوف نوقف عرض مسرحية "الإنسان الطيب" في يوم مجيء سارتر، فرفضت إيقاف عرضها، وإغلاق المسرح وقلت لهم: سوف أقدّم عرض "الذباب" لسارتر في الصباح، وأذهب في المساء لتأدية دوري في مسرحية "الإنسان الطيب" وجادلني كثيرًا في هذه الجزئية أستاذنا الكبير توفيق الحكيم الذي كان يشعر ساعتها أنه أنجبني وأنني ابنته التي يفخر بها فقلت له: اعذرني أنا لا أستطيع أن أغلق ليلة في مسرح كامل العدد.
وذهبت إلى المسرح لأقوم بتمثيل دوري في مسرحية الذباب، وبعد أن انتهى العرض إذا بسارتر وسيمون دي بو فوار يصعدان إلى المسرح وسارتر يقبلني ويقول لي: أخيراً وجدت الكترا في القاهرة.