عند الحديث عن الاعتداء الإسرائيلى على إيران من ناحية المكسب والخسارة، لابد أن نضع قواعد محايدة فى التحليل.. وهنا كباحث أكاديمى لا تحكمنى العواطف، فنجد أن إسرائيل تحاول أن توهم نفسها والعالم بأنها القوة المهيمنة فى منطقة الشرق الأوسط، وتعطى لنفسها الحق فى استهداف دول المنطقة بعد إضعافها بعدة طرق ووسائل.. أبرزها الخيانة والحروب الأهلية، نموذج سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة واليمن والعراق، وأخيرا إيران، ورغم صلابه الجبهة الداخلية فى إيران، لكن الخيانة والاختراق الأمنى كان على مستوى الصفوة وصمدت إيران.
وفى ظاهرة تعبر عن ازدواجية المعايير الدولية أعطت إسرائيل لنفسها الحق فى امتلاك أسلحة نووية، وهاجمت إيران من أجل منعها من استكمال برنامجها السلمى بالرغم من كونه تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وانكشفت القوة العسكرية الإسرائيلية وأصيب العمق الإسرائيلى فى مقتل، فإسرائيل لم تخض حربا حقيقية منذ هزيمتها فى حرب أكتوبر عام 1973 غير تلك الحرب مع إيران، وباقى الحروب مع مليشيات وطوائف متناحرة.
فإسرائيل نمر من ورق بدون الحماية الأمريكية، تنهار، وقد وضح ذلك للعالم أجمع بعد هجومها على إيران، وفشل القبة الحديدية فى منع الصواريخ الإيرانية من الوصول إلى الأراضى الإسرائيلية فى فلسطين المحتلة.
ولولا التدخل الأمريكى المباشر لانهارت الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فالهجوم الإسرائيلى على إيران تم بتخطيط وتنسيق أمريكى فى ظل حكومة إسرائيلية متطرف رئيس وزرائها، يعمل على إشعال الحروب فى المنطقة من أجل تماسك حكومته وضمان بقائها أطول فترة ممكنة فى الحكم لانتظاره هو شخصيا قضايا فساد.
وعند تحليل توقيت الهجوم الإسرائيلى على إيران نجدة ينتهج فكر ومنهج الولايات المتحدة فى هجومها على العراق فى حرب احتلال العراق، وفى هجومها على الموقع النووى الإيرانى فوردو، بحيث يكون توقيت الهجوم متزامنا مع إجازة البورصات العالمية والمحلية ليلة جمعه أو ليلة السبت، لتعطى لنفسها فرصة تحقيق انتصار سريع، يمكنها من الحفاظ على استثماراتها من الانهيار ويمنع أزمة اقتصادية عالمية.
وبتحليل بسيط للعمليات العسكرية نجد أن إسرائيل نجحت فى اعتدائها على إيران فى تحقيق مكاسب كبيره واغتيالات لعلماء فى مجال الطاقة النووية وقادة عسكريين بواسطة الخونة والعملاء من داخل إيران، وهذا درس مستفاد وتطور فى أنماط الحروب، واستفادة من الهجمات الأوكرانية على روسيا، وهذا يدل على أن التخطيط تم تنسيقه مع قوى دولية وأجهزة مخابرات عالمية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد استوعبت إيران الضربة وقامت بالرد الصاروخى الذى أحدث زلزالا فى الأوساط الإسرائيلية، وكادت تتعرى إسرائيل لولا التدخل المباشر للولايات المتحدة الأمريكية، وفشلت إسرائيل فى تدمير المفاعلات النووية الإيرانية، وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بضربة مباشرة.
وقامت إيران بتنسيق مع قوى إقليمية ودولية بالرد على الهجوم الأمريكى بمهاجمة قاعدة أمريكية فى قطر، لحفظ ماء الوجه.
وأعلن الرئيس الإمريكى عن تحقيق هدف الحرب وهو القضاء على البرنامج النووى الإيرانى وعن الوصول لتسوية بين إيران وإسرائيل لوقف الحرب.
وهنا لابد أن نعلم أن الرئيس الأمريكى لا يريد توريط الولايات المتحدة فى حرب من الممكن أن تتحول إلى حرب إقليمية ودولية هو فقط أراد أن يحقق أهدافه المعلنة وأهمها منع إيران من امتلاك سلاح نووى وحماية إسرائيل.
وسواء تحقق الهدف الأمريكى أم لم يتحقق فى تدمير البرنامج النووى الإيرانى، نجد بالمنطق والعقل أن المنطقة تقف على برميل بارود ولا تحتمل المزيد من الصراعات.. والأيام القادمة كاشفة عن العديد من السيناريوهات الإيجابية والسلبية.