سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..11يونيو 1967جمال عبدالناصر يسأل الفريق محمد فوزى عمن يرشحه رئيسا لأركان الجيش فيجيب دون انتظار للتفكير «عبدالمنعم رياض».. والرئيس يندهش من سرعة الرد ويوافق

الأربعاء، 11 يونيو 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..11يونيو 1967جمال عبدالناصر يسأل الفريق محمد فوزى عمن يرشحه رئيسا لأركان الجيش فيجيب دون انتظار للتفكير «عبدالمنعم رياض».. والرئيس يندهش من سرعة الرد ويوافق عبدالمنعم رياض

كانت الساعة السابعة مساء 11 يونيو، مثل هذا اليوم، 1967، حين استقبل الرئيس جمال عبدالناصر، الفريق أول محمد فوزى بعد خمس ساعات من قرار تعيينه قائدا عاما للقوات المسلحة، حسبما يذكر «فوزى» فى مذكراته «حرب الثلاث سنوات 1967 - 1970»، مضيفا أن الرئيس عبدالناصر سأله عن مدى تحمله لمثل هذه المسؤولية الآن بعد الهزيمة من إسرائيل يوم 5 يونيو 1967، فأجاب فوزى بموافقته على تحمل هذه المسؤولية، فأخطره الرئيس بأن هذا أول قرار يصدره، بعد عودته من التنحى يوم 10 يونيو 1967، وأنه سيعلن القرار فى الإذاعة فى الساعة الثانية والنصف بعد ظهر نفس اليوم.


كان لقاء الساعة السابعة مساء هو الأول على انفراد بين الرئيس والفريق فوزى بعد توليه مهام منصبه، ويذكر «فوزى» أنه كان يحمل معه تقريرا عاما عن الموقف، وآخر كشف معدل عن ضباط القوات المسلحة، ويؤكد أنهما تناولا قضية إعادة بناء القوات المسلحة على أسس جديدة، وأن الرئيس سأله عمن يرشحه ليكون رئيسا للأركان، فذكر فوزى اسم الفريق عبدالمنعم رياض، دون تردد، أو انتظار فى التفكير، ويتذكر فوزى: «اندهش الرئيس من سرعة الرد، واستفسر عن علاقتى به وصفاته، ثم وافق على تعيينه طالبا منى استدعاءه فورا من عمان، حيث كان يشغل منصب قائد مركز متقدم لنائب القائد الأعلى فى عمان ابتداء من يوم 2 يونيو 1967».


كان «رياض» يبلغ من العمر وقتئذ سبعة وأربعين عاما وشهور قليلة «مواليد 22 أكتوبر 1919»، وهو وفقا للكاتب الصحفى محمود عوض فى كتابه «اليوم السابع، الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف»: «كان عاشقا للعسكرية المصرية، مؤمنا بأنه لا حياة لمصر بغير جيش قوى يحميها، والجيش القوى الذى يستعد لحرب قادمة وليس لحرب سابقة، يعنى التبحر فى العلم العسكرى، وفى المزيد من المعرفة، يعنى أن يطلب قائد من جنوده بقدر ما يعطيه لهم، يعنى أن يصبح القائد قدوة بسلوكه وليس بكلماته، يعنى أن نتعلم دائما حتى من العدو».


يضرب «عوض» مثلا على شغف «رياض» بالمعرفة، قائلا: «تخصص فى الدفاع الجوى، وفى إحدى المرات عاد العقيد محمد على فهمى «أصبح مشيرا فيما بعد ورئيسا لأركان الحرب» من بعثة تدريبية فاتصل به اللواء - وقتها - عبدالمنعم رياض يسأله: عندك وقت أشوفك لأعرف منك الجديد الذى خرجت به؟ رد عليه «فهمى» بود ومحبة: دقائق سيادة اللواء، وأكون فى مكتبك، لكن عبدالمنعم رياض قاطعه قائلا: أنا الذى سأجئ إليك يا أخى فى مكتبك لأتعلم، فالمعرفة ليس فيها عقيد ولواء، فيها معلم ومتعلم وأنا يا محمد أريد أن أتعلم.


هذا التفوق، وتلك الجدية فى طلب العلم عند «رياض» تشهد بهما سجلات الكلية الحربية التى تخرج منها فى 21 فبراير 1938، وكان ترتيبه أول الدفعة، وفقا لعبدالتواب عبدالحى فى كتابه «نسر مصر عبدالمنعم رياض، حيا وشهيدا»، ويذكر: «كان أول تقرير عنه حفظ فى ملف خدمته، تقرير من الأميرالاى محمد فتوح بك «باشا فيما بعد» كبير المعلمين بالكلية الحربية يقول عنه: «طالب جيد جدا من كل الوجوه، دائما يبذل كل جهده ويمكن باطمئنان الاعتماد عليه»، وفى 23 ديسمبر 1944 حصل من كلية أركان الحرب على درجة الماجستير فى العلوم العسكرية، بترتيب أول الدفعة، وفى تقرير الكلية عنه: «يوصى به كضابط أركان حرب، مجد جدا، ذو غيرة، وشخصية قوية، يعمل باقتدار، ويتمتع بروح الابتكار، نشط، يدرس كثيرا، ويبحث بطريقة منهجية عن الحقائق العلمية المجردة، له أفكاره الخاصة، وعنده الشجاعة الكافية لإبداء رأيه دائما».


كان يستجيب لأشواقه إلى المعرفة، بتعبير عبدالتواب عبدالحى، مضيفا: «هو يعرف الإنجليزية فقط، ولدرجة الإجادة حتى سنة 1951، وسنة 1952 يجيد الفرنسية على يد مدرس خاص، والألمانية سنة 1953، وفى 1954 يتعلم الروسية على يد مدرس روسى أبيض اسمه «زانكوفيتش» فى ضاحية مصر الجديدة».


ويتوقف الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، أمام سمات شخصية عديدة لرياض أهمها «تقديره للعلم فى أى معركة»، يذكر فى مقاله «الجنود القدامى لا يموتون» المنشور بالأهرام «14 مارس 1969 بعد استشهاد رياض بخمسة أيام «9 مارس 1969»: «من المؤكد أن عبدالمنعم رياض ظل إلى آخر يوم فى حياته طالب علم، وذلك أعظم ما يمكن أن يكونه أى إنسان مهما علا قدره وارتفع مقامه، وربما ساعده على حسن تقديره لأهمية العلم فى المعركة، إنه كان بحكم عمله فى المدفعية المضادة للطائرات، على اتصال مباشر بتطورات علمية واسعة الأثر، فالمدفعية المضادة للطائرات أصبحت تعتمد على الصواريخ، والتعامل بالصواريخ فى حد ذاته مقدرة على الانطلاق إلى بعيد، كذلك فإن تعدد مصادر دراساته فى بريطانيا والاتحاد السوفيتى، واستعداده لأكثر من لغة، الإنجليزية والفرنسية والروسية كلها بطلاقة، إلى جانب العربية بالطبع، أتاح له فرصة رحبة غير مقيدة».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة