أخبار الزمان.. قصة النبى إدريس كما يرويها المسعودى

الأربعاء، 11 يونيو 2025 07:00 ص
أخبار الزمان.. قصة النبى إدريس كما يرويها المسعودى أخبار الزمان

أحمد إبراهيم الشريف

المعرفة ليست مضرة، وليس من الضرورى أن نصدق كل ما نعرفه، لكنه بصورة ما يفيدنا ذلك فى فهم طرق التفكير، لذا أحب العودة لقراءة كتب التراث وتأمل ما فيها، خاصة كتب التاريخ، التى تلقى الضوء على الحياة بداية حياة الإنسان على الأرض، ومن هذا المنطلق نقرأ معا ما كتبه المسعودى فى كتابه أخبار الزمان:

 

يقول المسعودى تحت عنوان.. ذكر شىء من أخبار ولده

كان قابيل ولد آدم عليه السلام، وأول من عصا وقتل وكفر ولما قتل أخاه هرب عن ذلك الجبل بأخته وبنى قرية يقال لها خلوا وسكنها، وقابيل أول من عبد النار، وقيل إنه أشقى البرية وإن عليه نصف عذاب الخلق، وقيل إنه متى سفك دم بغير وجه حق كان شريكاً لصاحبه فيه.

شيث بن آدم بعثه الله إلى ولد أبيه وأنزل سبعاً وعشرين صحيفة عليه وعلى أبيه، وأمره ببناء البيت هو وولده بالحجاز، وأمره بالحج والعمرة، وكان أول من اعتمر، وأمر بجهاد ولد قابيل إلا أنه لا يبرح بين تهامة ومكة.

وولد الأنوش بن شيث عليها السلام وهو بكره ووصيه، ومن ولد أتركين ابن شيث يغوث ويعوق ونسر وسواع وود، فكان هؤلاء النفر قوماً صالحين، فلما ماتوا حزن عليهم أبناؤهم حزنا شديداً فتمثل لهم إبليس وصور لهم صورهم من المرمر، وجعلها في بيوتهم ليتذكروا بها ويتآنسوا ويخف حزنهم عليهم، فلما ملكوا ونشأ غيرهم صور عندهم إبليس أنها آلهة وأن آباءهم كان يعبدونها واستهواهم فعبدوها، وكان عمر شيث سبعمائة سنه واثنا عشرة سنة، وولد له وهو ابن مائة وخمسين سنة.

وأوصى الى ابنه قينان وقد كان علمه الصحف وبين له قسمة الأرض، وما يكون فيها، وأمره بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج، وبجهاد ولد قابيل ففعل ما أمره به أبوه، ومات قينان وله سبعمائة سنة وعشرون سنة.

وأوصى الى ابنه مهلايل ووصاه بما أوصاه به، وكان عمر مهلايل ثمانمائة سنة وخمسة وسبعين سنة.

وأوصى الى ابنه بوارد وعلمه الصحف وعلمه قسمة الأرض، وما يحدث في العالم ودفع إليه كتاب سر الملكوت الذي علمه مهلاييل  الملك لآدم عليهما السلام وكانوا يتوارثونه مختوماً لا ينظرون فيه.

وولد لبوادر وهو ابن مائة سنة ابنه خنوخ، ويقول بعض أهل التاريخ إنه تم للعالم في وقته ألفان وستمائة سنة وأربع سنين.

وخنوخ هو إدريس النبي عليه السلام ونبأه الله تعالى وسمي إدريس لكثرة درسه لكتاب الله عز وجل، وسنن الدين وأنزل الله سبحانه وتعالى عليه ثلاثين صحيفة فكملت الصحف المنزلة يومئذ ثلاثين صحيفة، وعهد بوارد إلى خنوخ ورفع إليه وصية أبيه وعلمه العلوم التي كانت عنده ودفع اليه مصحف السر فلم يدفعه بعد شيث غير إدريس عليهما السلام.

وفي بعض الأخبار أنه أول من كتب [من ولد] آدم عليه السلام.

وقال آخرون إنه لم يخل قط جيل ولا أمة من الكتابة لأن ادريس بدت فيه النبوة وعلم عدة خطوط وأمر بجمع المصاحف وتركها في الهيكل وأمر بني آدم وغيرهم بدرسها، وفي بعض الأخبار أنهم كانوا يلبسون القمص من فاخر الحرير والخز وغيرهما من الملونات والمنسوجات بالذهب والمنظومات بالجوهر ويلبسون التيجان.

وقد كانت حواء أمرت بالنسج والمغزل، فغزلت القطن والكتان والوبر ونسجت وكست أولادها، وقد لبس آدم عليه السلام من غزل حواء.

ويقال إنه لما ولد إدريس عليه السلام ضعف أمر عبادة الأصنام من أولاد قابيل، وسقط عظيم من أصنامهم الذين كانوا يعبدونه ويعتكفون عليه ويذبحون، وكان ملكهم يومئذ يمحويل، فاجتمعوا اليه ليتداولوا فيما ظهر لهم، فجاءهم إبليس في صورة شيخ قد كثر شيبه، وكان الشيب عندهم عجيباً لأنهم لم يكونوا رأوه، إذ لم يكن قبل ذلك شيب ولا ظهر لهم إلا بعد نوح عليه السلام بعد الطوفان.

وقيل أول من شاب إبراهيم عليه السلام، فقال يا رب ما هذا؟ قال وقار، قال اللهم زدني وقاراً.

ويقال إنه أتاهم ابليس في صورة روحاني له جناحان، فقال لملكهم يمحويل إنه قد ولد الآن لمهلاييل ولد يكون عدواً للآلهة وعدواً للملك، وسبب فسادها ولذلك أصابكم ما أنتم به مشغولون، فقال يمحويل فهل تقدر على هلاكه؟ قال سأحرص على ذلك.

فوكل الله بإدريس ملائكة يحفظونه، فاذا أتاهم إبليس ومن معه من جنوده منعوهم منه وظهر في وقته كوكب من كواكب الذوائب أقام ظاهراً نيفاً وثلاثين يوماً، فجعله أبوه سالماً الهيكل، وعلمه الصحف، وكان حريصا على دراستها وعلى الصوم والصلاة حتى شب فنبأه الله عزوجل على رأس أربعين سنة، فأتاه وراييل الملك يعلمه علم الفلك والكواكب وسعودها ونحوسها وصور الدرج والبروج.
وقيل أنه أول من نظر في النجوم بعد آدم عليه السلام.
وفي التوارة ان إدريس عليه السلام أحسن خدمة الله فرفعه الله تعالى إليه.
ولما رأى إدريس بني قابيل في المعاصي وعبادة الأصنام سأل الله ان يرفعه إليه، وأن يطهره من خطاياه فأجابه إلى ذلك، وأوحى الله اليه أن يلازم الهيكل هو وشيعته أربعين يوماً وأوصى إدريس الى ابنه متوشلخ لأن الله أوحى اليه أن اجعل الوصية في ابنك متوشلخ فإني سأخرج من ظهره نبياً يرتضي فعله.

فقيل أنه رفع الى السماء السابعة، وقيل إنه كانت له قصة مع ملك الموت، وقد سأل الله ان يذيقه طعم الموت، ثم سأل الله أن يريه رضواناً ويدخله الجنة، ففعل.

ولم يخرج من الجنة، ورفعه الله وهو ابن مائة وخمسين سنة.

وأما متوشلخ فأقام مع أخوته وبني أخيه، أمام الهيكل يعبدون الله تعالى والنقباء السبعون معهم ولما رفع الله تعالى إدريس عليه السلام كثر الاختلاف بعده والتنازع وأشاع عليه إبليس أنه هلك، وأنه كان كاهناً أراد الصعود إلى الفلك فأحرق، وحزن عليه ولد آدم المتمسكون بدينه حزناً شديداً، وأظهر أن صنمهم الأكبر أهلكه فزاد في عبادة الأصنام وتحليتها والذبائح لها، وعملوا عيداً لم يبق أحد إلا حضره وكانت لهم يومئذ سبعة أصنام يغوث ويعوق ونسر  وود وسواع ومزية وضمر.

وانقطع الوحي بعد إدريس عليه السلام، ومات أولئك النقباء، فكلما مات واحد منهم صور بنوه وأهله صورته في بيت لهم ليذكروه .




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة