يستعد بيت الشعر العربى، بإدارة الشاعر سامح محجوب، على مدار يومى 17 و18 مايو لتقديم (ملتقى بيت الشعر العربى الأول.. للنص الجديد)، ويدعو فيه 50 شاعرًا، تحت سن الأربعين من جميع ربوع مصر، وذلك للمشاركة فى الملتقى، وسيقوم "اليوم السابع" بنشر قصائد الشعراء تباعًا..
قِطَارٌ لَا يَصِل لـ محمد الصيفي
مَحَطَّاتٌ مَحَطَّاتٌ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
فَلَا تَأْوِي إِلَى رُكْنٍ حَقَائِبُنَا،
وَلَا تَتَقَلَّصُ الْقُضْبَانْ.
عَلَى لَيْلٍ طَوِيلٍ، تَفْتَحُ الْأَحْزَانُ شُبَّاكًا،
فتُطْفَأُ شَمْعَةُ الْإِنْسَانْ
سَيُولَدُ مِثْلَنَا جِيلٌ،
وَيَخْطُو نَفْسَ خُطْوَتِنَا،
تُؤَرِّقُهُ نِهَايَتُنَا،
وَيَقْتُلُ مِثْلَ قِتْلَتِنَا،
وَلَا تَتَغَيَّرُ الْأَزْمَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
سَيُولَدُ شَاعِرٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى،
سَتَهْجُرُهُ حَبِيبَتُهُ،
وَتُخْزِيهِ قَبِيلَتُهُ،
يُغَنِّي قَدْرَ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَوْتٍ،
وَيَقْرِضُ ظُفْرَهُ قَلَقًا،
يُدَخِّنُ تَبْغَهُ حُرْقًا،
يُعَوِّدُ قَلْبَهُ أَبَدًا عَلَى الْفُقْدَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
عَلَى امْرَأَةٍ تُجَهِّزُ نَفْسَهَا لِلَّيْلِ،
أَنْ تَهَبَ النَّهَارَ الْفُرْصَةَ الْأُخْرَى،
تُعِدُّ فُطُورَهَا الْيَوْمِيَّ،
لَمْ تَأْكُلْ مِنَ الذِّكْرَى،
وَيَرْجِعُ غَائِبٌ عَزَّتْ زِيَارَتُهُ،
فَلَا تَجْنِي ثِمَارَ الدَّمِ ثَوْرَتُهُ،
وَلَا تَتَحَرَّرُ الْأَوْطَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
سَيَكْبُرُ طِفْلُنَا،
وَالْبَيْتُ مَمْلُوكٌ لِجِيرَانٍ مِنَ الْأَوْغَادْ
سَيَمْشِي خَائِفًا وَجِلًا،
وَأيضًا زُمْرَةُ الْأَوْلَادْ
إِذَا اتَّسَعَ الْفَضَاءُ لَهُمْ،
تُزَرُّ عَلَيْهِمُ الْأَصْفَادْ
فَلَا فِي شَارِعِ الْأَوْطَانِ تَجْرِي بَيْنَهُمْ كُرَةٌ،
وَلَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى
تُخَفِّفُ وَطْأَهَا الْأَحْزَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
سَيَرْجِعُ ذَلِكَ الْجُنْدِيُّ،
مُنْتَصِرًا وَمَهْزُومًا،
يُؤَرِّقُهُ احْمِرَارُ الشَّايِ،
طَعْمُ الْقَهْوَةِ الْمُرَّةْ،
وَصَوْتُ بَنَادِقِ الْأَطْفَالِ،
لَوْنُ حِذَائِهِ الْأَسْوَدْ
وَأَصْحَابٌ عَلَى الْمَقْهَى
يَجْمَعُهُمْ حَنِينٌ لِلْغَدِ الْمَجْهُولْ
مَضَتْ أَيَّامُهُ الْأُولَى،
وَلَمْ تَبْقَ الْبَرَاوِيز
عَلَى الْجُدْرَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
أَنَا يَا بِنْتَ أَحْزَانِي،
مَرِيضٌ يَرْحَمُ الْمَرْضَى،
خَلَاصِي مِنْ خَلَاصِ النَّاسِ،
أُرْضِيهِمْ لِكَيْ أَرْضَى،
مَلَأْتُ سَكِينَتِي قَلَقًا،
وَتَأْكُلُ رُوحِيَ الْفَوْضَى،
إِذَا جَاعَتْ بِلَادٌ خَارِجَ الدُّنْيَا
رَكَلْتُ الْقَمْحَ وَالْأَرْضَا
هُوَ الْإِنْسَانُ مُعْضِلَتِي وَمَسْأَلَتِي،
لَهُ غَنَّيْتُ ثُمَّ كَسَرْتُ حَنْجَرَتِي،
هُوَ الشَّطُّ الَّذِي تَرْسُو عَلَى مِرْسَاتِهِ لُغَتِي،
وَحِينَ أُسَطِّرُ الْأَنْسَامَ تَكْشِفُ نَابَهَا النِّيرَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
وَفِي بَلَدٍ لَكَمْ غَنَّيْتُ مَهْمُومًا وَرَاءَ الْبَابْ،
أُوَاسِي صَرْخَةَ الْأَزْهَارِ،
أَمْسَحُ دَمْعَةَ اللَّبْلَابْ،
فَأَرْجِعُ جَائِعًا وَحْدِي،
وَيَأْكُلُ خُبْزِيَ الْأَغْرَابْ
عَلَى الشُّرُفَاتِ مُنْتَظِرًا وَمُنْتَبِها
وَأَشْبَهُهَا وَتُشْبِهُنِي،
وَغَيْرِي يَطْمِسُ الشَّبَهَ.
إِذَا انْفَضَّتْ جُمُوعُ النَّاسِ كُنْتُ لَهَا
فَيَدْخُلُ كُلُّ مَنْ مَرَّ،
وَأُخْطِئُ وَحْدِيَ الْعُنْوَانْ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارُ إِلَى مَكَانْ
مَتَى يَفْنَى خَرِيفٌ ضَيَّعَ الْأَشْجَارْ؟
سَتَأْكُلُنَا مَحَطَّاتٌ
وَلَا يَصِلُ الْقِطَارْ
عَلَى جَمْرٍ نُعَلِّمُ رُوحَنَا الْمَشْيَ
وَنَخْشَى أَنْ نُجَرَّحَ شَوْكَةً فِي النَّارْ
فَيَا إِنْسَانُ، يَا إِنْسَانْ
لَكَ أُبْتُكِرَ الوُجُودُ الحُرُّ
وَأَصْطَفَّتْ أَمَامَكَ زُمْرَةُ الأَشْيَاءِ
أَنْتَ الفَارِسُ الأَوْحَدْ
وَخَلْفَكَ مَعْشَرُ الرُّكْبَانْ
لِمَاذَا كُلَّمَا حَنَّتْ إِلَى تَرْتِيبِكَ اللُّغَةُ الَّتِي تُعْلِيكَ
تَقْرَأُ سُورَةَ الكِتْمَانْ
بَنَتْ أُمَمٌ سِوَاكَ بُيُوتَهَا فِي الرِّيحِ
تَقْصِدُ أَمْنَهَا الأَبَدِيْ
وَأَنْتَ تُهَدِّمُ البُنْيَانْ
سَتَرْكُضُ ثُمَّ تَرْكُضُ وَالطَّرِيقُ إِلَى الضَّيَاعْ
فَلَا تَتَقَلَّصُ القُضْبَانْ
وَلَا يَصِلُ القِطَارُ إِلَى مَكَانْ

محمد الصيفي
محمد الصيفي
شاعر، خريج كلية الهندسة المدنية، له ديوان تحت الطبع ( من أوراق الفتى الضائع)