تمر اليوم ذكرى ميلاد الكاتب البولندي هنريك سينكيفيتش، إذ ولد في مثل هذا اليوم 5 مايو 1846، والذي يعد أبرز وأغزر كاتب بولندي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، اشتهر سينكيفيتش برواية كوو فاديس، وقد أمضى أول حياته بالقرب من الطبيعة مما زرع في قلبه حبا لتراب وطنه وجماله، حصل على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1905 لأفضل عمل أدبي ذا نزعة مثالية.
قالت عنه جائزة نوبل حسب ما جاء على الموقع الرسمي للجائزة في خطاب توزيع جائزة نوبل للآداب عام 1905: أينما كان أدب شعبٍ غنيًا لا ينضب، كان وجوده مضمونًا، فزهرة الحضارة لا تنبت على أرضٍ قاحلة، لكن في كل أمةٍ عباقرةٌ نادرون يُركّزون في أنفسهم روح الأمة؛ إنهم يُمثّلون الشخصية الوطنية للعالم. ومع أنهم يُقدّرون ذكريات ماضي ذلك الشعب، فإنهم يفعلون ذلك فقط لتعزيز أمله في المستقبل، إلهامهم متجذرٌ بعمق في الماضي، كشجرة بلوط بابليس في صحراء ليتوانيا، لكن أغصانها تتمايل مع رياح النهار. إن هذا الرجل الذي منحته الأكاديمية السويدية جائزة نوبل هذا العام، مُمثّلٌ لأدب وثقافة شعبٍ بأكمله. إنه هنا، واسمه هنريك سينكيفيتش.
وُلد هنريك سينكيفيتش في فولا أوكرزيسكا، بولندا، لعائلة بولندية نبيلة فقيرة، انخرطت عائلة والده بنشاط في النضالات الثورية من أجل استقلال بولندا، مما يُفسر الطابع الوطني القوي في أعمال سينكيفيتش، من ناحية أخرى، امتدت المعرفة التاريخية في عائلة والدته، درس الأدب والتاريخ وعلم اللغة في جامعة وارسو، لكنه لم يحصل على شهادة، وبدلاً من ذلك، بدأ العمل كصحفي وكاتب، أصبحت قصصه القصيرة ومذكرات رحلاته المبكرة أساس شهرته التي استمرت في النمو، مع مطلع القرن العشرين، أصبح أشهر كاتب في بولندا، في عام 1900، جمع اشتراك وطني ما يكفي من المال لشراء القلعة التي عاش فيها أسلافه.
اشتهر هنريك سينكيفيتش برواياته التاريخية الملحمية، بدأ كتابتها في ثمانينيات القرن التاسع عشر، ونشرها على شكل حلقات متسلسلة في الصحف البولندية، وشكلت دراساته التاريخية الشاملة أساس ثلاثيته العظيمة التي تناولت الحياة البولندية في منتصف القرن السابع عشر: "بالنار والسيف"، و"الطوفان"، و"بان فولوديوفسكي"، تتشابك في الثلاثية الحقائق والخيال، مع لمسة وطنية قوية، أما أشهر رواياته فهي "كو فاديس" (1895)، التي تدور أحداثها في روما في عهد الإمبراطور نيرون.