"هنا القاهرة".. 91 عاما على ميلاد الإذاعة المصرية وبرامج خالدة في الذاكرة.. رفعت وعي المرأة ببرنامج "إلى ربات البيوت".. "تسالي" خطف قلوب المصريين بـ"خفة ودلع".. وأبلة فضيلة غرست القيم في الأطفال بـ"غنوة وحدوتة"

السبت، 31 مايو 2025 02:34 م
"هنا القاهرة".. 91 عاما على ميلاد الإذاعة المصرية وبرامج خالدة في الذاكرة.. رفعت وعي المرأة ببرنامج "إلى ربات البيوت".. "تسالي" خطف قلوب المصريين بـ"خفة ودلع".. وأبلة فضيلة غرست القيم في الأطفال بـ"غنوة وحدوتة" الإذاعة

كتبت سارة درويش

"يا صباح الخير يا اللي معانا.. يا اللي معانا.. الكروان غنى وصحانا".. بصوت كوكب الشرق أم كلثوم افتتح ملايين المصريين صباحاتهم، وهم يقطعون المنزل جيئة وذهابًا أثناء استعدادهم للمغادرة للعمل أو للمدرسة، فيما تزامن موعد خروج آخرين مع صوت الشيخ محمد رفعت في واحدة من تلاواته القرآنية، أما الأطفال الذين حظوا بفرصة للتغيب عن المدرسة ليوم والبقاء في المنزل، فانحفر في ذاكرتهم الصوت المميز لأبلة فضيلة وهي تمتعهم بـ"غنوة وحدوتة" بعد دقائق من استمتاع أمهاتهم غير العاملات ببرنامج "إلى ربات البيوت".

تاريخ طويل من الذكريات نسجته الإذاعة المصرية في قلوب المصريين ووجدانهم منذ أن انطلقت في اليوم الأول قبل 91 عامًا في 31 مايو 1934، لتصبح واحدة من أقدم الإذاعات في العالم وأولى الإذاعات العربية، وتحولت كلمة "هنا القاهرة" إلى رمز ليس فقط للإذاعة وإنما لمصر كـ"صوت للعرب".

في ذكرى تأسيس الإذاعة المصرية، نتذكر قائمة بأبرز البرامج الإذاعية الخالدة في ذاكرة المصريين جيلاً بعد جيل:

"ساعة لقلبك".. مدرسة الكوميديا

لم يكن "ساعة لقلبك" مجرد برنامج إذاعي، بل مدرسة خرج منها أعمدة الكوميديا المصرية، بدأ بإمكانات محدودة، لكنه استطاع في وقت قصير أن يصبح وجهة لمواهب جامعية ومجهولة آنذاك، تحوّلت لاحقًا إلى نجوم مسرح وسينما.

فمن قلب حفلات الكشافة وجماعات التمثيل الجامعي، ظهر أبو لمعة، وسرعان ما دخل أمين الهنيدي وفؤاد المهندس إلى استوديو البرنامج، وكتبوا تاريخًا جديدًا للكوميديا عبر الأثير، البرنامج كان سابقًا لعصره، لم يكتف بالنكتة، بل صاغ شخصيات لها أبعاد نفسية واجتماعية، يتذكرها الناس حتى اليوم.

"تسالي".. فاكهة الإذاعة

"غمض عينيك وامشي بخفة ودلع.. الدنيا هي الشابة وانت الجدع.. تشوف رشاقة خطوتك تعبدك.. لكن انت لو بصيت لرجليك تقع وعجبي".. كلمات صلاح جاهين التي تضاعفت خفة روحها وجمالها بالصوت المميز لملكة الميكروفون "إيناس جوهر" كانت تفتتح برنامج "تسالي" الشهير على إذاعة الشرق الأوسط والذي كتبه في بدايته العملاقان صلاح جاهين ومصطفى الشندويلي وكان برنامجًا ترفيهيًا تميز بتنوع فقراته وتعدد الأصوات المشاركة فيه، مزج بين الحكايات، والفقرات الكوميدية، والمسابقات، ليخلق حالة من البهجة خفيفة الظل خطفت الأذن والوجدان.

الإذاعة
الإذاعة

"ضيف على الفطار"

في زمن لم تكن فيه الشاشات حاضرة في كل بيت، كان صوت "ضيف على الفطار" بمثابة زائر رمضاني عزيز. البرنامج جمع بين البساطة والدفء، إذ استضاف كبار الفنانين والمفكرين والسياسيين في لحظات إنسانية قُدّمت بأسلوب خفيف ظل قريب من القلب.

"إلى ربات البيوت"

"إلى ربات البيوت" كان واحدًا من البرامج النسائية الرائدة على مدار عقود، تنوّعت فقراته بين التوعية الصحية والقانونية والتربوية، وبين قصص حقيقية من المجتمع. كان هدفه أن تكون ربة البيت أكثر وعيًا وأقرب إلى مجتمعها. وذلك من خلال أصوات لا تنسى أبرزهن صفية المهندس، هدى العجيمي، ومنى خليل.

إلى ربات البيوت
إلى ربات البيوت

أنيس منصور.. وذاكرة من 90 حلقة

في ثلاثة مواسم رمضانية، كشف أنيس منصور عن صفحات خفية من حياته وفكره، تحت عناوين مثل "شخصيات من حياتي" و"ذكرياتي مع الأماكن" و"ذكرياتي مع الكتب".

بأسلوبه الساخر والعميق، أخذ المستمعين إلى رحلات ذهنية عبر المدن التي زارها، والكتب التي شكلت وعيه، والمواقف التي صنعت شخصيته. كانت هذه الحلقات بمثابة كتاب صوتي مفتوح، تشارك فيه أنيس منصور مع جمهوره بتلقائية وتواضع لافت.

"حديث الذكريات"

"حديث الذكريات" لم يكن مجرد تسجيل لحكايات قديمة، بل منصة للإصغاء لتجارب حياة كاملة، من خلال أصوات كبار الإذاعيين مثل أمينة صبري، استضاف البرنامج رموزًا من مختلف التخصصات، نقلوا عبره شهاداتهم ومواقفهم ومشاعرهم في لحظات نادرة.

سجل البرنامج لحظات استثنائية مع الشيخ محمود الحصري، ودريد لحام، وعبد الله ونوس، وغيرهم، وجعل من الحكاية وسيلة للحفاظ على ذاكرة أمة كاملة.

"ما يطلبه المستمعون".. أكثر من مجرد برنامج

لم تعد عبارة "ما يطلبه المستمعون" مجرد اسم برنامج وإنما تخطت ذلك لتصبح مصطلحًا دارجًا في قاموسنا كمصريين بعد نجاح البرنامج الذي كان يقدم أغنيات حسب الطلب، فكان مستمعو الإذاعة يكتبون رسائلهم بخط اليد، يرسلونها إلى البرنامج الذي يُعد من أولى أشكال التفاعل الجماهيري مع الإعلام.

"أبلة فضيلة"

"يا ولاد يا ولاد.. تعالوا معانا.. عشان نسمع أبلة فضيلة.. راح تحكى لنا حكاية جميلة.. وتسلّينا وتهنينا.. وتسمّعنا كمان أسامينا.. أبلة.. أبلة فضيلة" التتر المميز القادر على بث البهجة في قلوب الملايين وإعادتهم إلى سنوات الطفولة في ثوان. تتر برنامج "غنوة وحدوتة" الذي أحيانًا ما يتوارى اسمه خلف اسم مقدمته "أبلة فضيلة" الذي اكتسب شهرة واسعة وقد تحولت إلى أيقونة إذاعية في عالم برامج الأطفال، ولم يكن مجرد برنامجًا ترفيهيًا وإنما كان بمثابة مساحة لغرس القيم في الأطفال بأسلوب بسيط وممتع.

أبلة فضيلة
أبلة فضيلة

"اعترافات ليلية".. مساحة للمشاركة قبل مواقع التواصل

قبل أن يعرف العالم مواقع التواصل الاجتماعي بسنوات طويلة، فتح برنامج "اعترافات ليلية" مساحة غير تقليدية للمشاركة الاجتماعية من خلال الإذاعة، مع الحفاظ على خصوصية المتصلين. كسر البرنامج حاجز الخوف، وجعل من الميكروفون طبيبًا نفسيًا، أو صديقًا محايدًا، فشاركوا من خلاله قصصا حقيقية عن الحب والخذلان، الحيرة والخوف، بصوت هادئ وإصغاء عميق.

"من تسجيلات الهواة".. كنز الإذاعة المخبوء

لم تعتمد الإذاعة فقط على مكتبتها، بل استمعت أيضًا إلى الجمهور. ومن خلال "من تسجيلات الهواة"، تم جمع نوادر موسيقية من مكتبات شخصية، تبرع بها هواة ومحبو الطرب، لتغدو فيما بعد جزءًا من تراث الإذاعة ذاته.

"مجلة الهواء" تسبق زمن البودكاست

قبل زمن البودكاست بسنوات طويلة، انطلقت "مجلة الهواء" من وحي عبارة واحدة قالها الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس لرئيس الإذاعة آنذاك: "أنا بعمل مجلة الناس تقراها.. اعملوا في الإذاعة مجلة الناس تسمعها". بهذه العبارة البسيطة، وُلد البرنامج الذي أصبح مرآة يومية تعكس اهتمامات المصريين الثقافية والاجتماعية حسبما ذكر الموقع الرسمي لماسبيرو.

فهمي عمر، الذي تولى تقديم البرنامج لأكثر من 30 عامًا، صنع من كل حلقة مساحة حوارية ثرية، استضاف خلالها رموز الأدب والفن والسياسة. ما ميز البرنامج أنه لم يكن مجرد نافذة ثقافية، بل كان منصة تطرح فيها القضايا بعمق وسلاسة، بلسان عفوي وجاذب، حتى أصبح جزءًا من الروتين اليومي للمستمع.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة