رفع حد الإعفاء من الضريبة علي الوحدات السكنية و50 % من الضريبة تؤول للمحافظة ورفع الغرامة على تقديم مستندات غير صحيحة
يناقش مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة يوم غدٍ الأحد، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار ومكتب لجنة الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، عن الدراسة المقدمة من النائب أكمـل نجـاتي، بشأن دراسة الأثـر التشريعي لقانون الضريبة علــى الـعقــارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 بشأن الضريبة العقارية.
وأشار تقرير اللجنة إلى أن قانون الضريبة على العقارات المبنية صدر ليحقق العدالة الضريبية والمساواة في الضريبة المفروضة على جميع العقارات دون استثناء، وتوحيد سعر الضريبة ليكون 10% من القيمة الإيجارية المحددة وفقاً لأحكام القانون، وأن تكون مدة الحصر والتقدير للقيمة الإيجارية للعقارات المبنية خمس سنوات بدلًا من عشر سنوات، على أن يتم الشروع في إجراءات إعادة التقدير قبل نهاية كل فترة بسنة على الأقل وثلاث سنوات على الأكثر بدلًا من سنتين في القانون السابق.
وتضمن أيضًا تخفيض مدة تقديم التظلم من قرارات لجان التقدير إلى ستين يومًا بدلًا من ستة أشهر من تاريخ الإعلان ونشر التقديرات، مع تقرير تأمين لضمان جدية الطعن قدره خمسون جنيهًا بدلًا من عشرين جنيهًا بحد أقصى في القانون السابق، بالإضافة إلى تشكيل لجان الطعن وإعادة تنظيم أعمالها لضمان الحيادية التامة.
ومنح القانون إعفاء الوحدة المستغلة كسكن خاص بواقع 24,000 جنيه في السنة (معدله عام 2014)، كما نص على تحمل الدولة أعباء الضريبة نيابةً عن غير القادرين.
المشكلات التي تواجه التطبيق
يواجه القانون بعض المشكلات، وقد أُجري على هذا القانون بعض الإصلاحات الجزئية، وكان آخرها عام 2020، وذلك لمعالجة بعض المشكلات العملية. ومن أهم تلك الإصلاحات، معالجة المشكلات التي كانت تواجه أرباب الصناعات عند تطبيق الضريبة على المصانع، فيما يخص تحديد المساحات المستغلة فعليًا التي تدخل في حساب الضريبة. وبالتالي، تم استصدار القانون رقم 23 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية، وذلك بقصر احتساب الضريبة على الأراضي الفضاء المستغلة فعليًا، سواء كانت ملحقة بالمباني أو مستقلة عنها، مسورة أو غير مسورة، وذلك استجابةً للمشكلات التي أثارها المستثمرون، وعلى وجه الخصوص القطاع الصناعي.
كما استحدث القانون مادة جديدة برقم (18 مكررًا)، والتي أجازت، بقرار من مجلس الوزراء بناءً على عرض وزير المالية بالتنسيق مع الوزير المختص، إعفاء العقارات المستخدمة فعليًا في الأنشطة الإنتاجية والخدمية التي يحددها مجلس الوزراء من الضريبة على العقارات المبنية، على أن يتضمن القرار نسبة الإعفاء ومدته بالنسبة لكل نشاط إنتاجي أو خدمي.
وعلى الرغم من أن الحصيلة من الضريبة العقارية ارتفعت في السنوات الأخيرة لتصل إلى نحو 6 مليارات جنيه، إلا أنها مع ذلك تظل متدنية، ويثير القانون عديد المشكلات والمنازعات التي لا تحقق العدالة، أهمها ما يلي:
اختلاف لجان الحصر والتقدير في منهجها للوصول إلى وعاء الضريبة، فمنهم من يلجأ إلى تحديد القيمة الإيجارية الحُكمية أو الاسترشاد بالقيم الإيجارية الفعلية المدرجة بعقود الإيجار التي قد تكون صورية في بعض الأحيان، ومنهم من يلجأ إلى تحديد القيمة السوقية للوحدة وصولاً إلى القيمة الإيجارية بعد إجراء العمليات المحاسبية اللازمة في هذا الشأن. وهذه المناهج المختلفة لا تؤدي إلى الوصول إلى ذات الوعاء الضريبي، بما يساهم بشكل كبير في إحداث التفاوت في التقديرات، وغير ذلك من المشكلات التي كشف عنها التطبيق العملي لآلية الحصر والتقدير وفقًا للقانون الحالي.وجود تفاوت كبير في تقديرات القيم الإيجارية المتخذة أساسًا لحساب الضريبة في المنطقة الواحدة، بل وفي العقار ذاته في بعض الأحوال، كنتيجة مباشرة للسلطة التقديرية للجان الحصر والتقدير.
وجود المادة (16) والخاصة بلجان الطعن والسماح للمصلحة بالطعن على التقديرات، مما يضر بمبدأ إضرار الطاعن بطعنه.كثرة المنازعات الضريبية المقامة من الحكومة والمكلفين بأداء الضريبة، الأمر الذي يطيل أمد النزاع ويعرقل أعمال التحصيل.من الممكن أن يشكل عبئًا على محدودي الدخل على المدى المتوسط، إن لم يتم رفع حد الإعفاء المقرر بـ2 مليون جنيه بصورة تتناسب مع معدلات التضخم.لم يكفل القانون معاملة تفضيلية لعقارات النشاط الصناعي التي تعاني من الكثير من المشكلات.عدم كفاية اللجان لبحث طعون الممولين على تقديرات الضرائب، أو إجراءات مبسطة لذلك.لا يوجد في القانون الحالي إلزام على المكلف بأداء الضريبة بتمكين لجان الحصر من إجراء المعاينات التي من شأنها دقة بيانات الحصر، أو على الأقل تقديم المستندات التي توضح مواصفات وحدود الوحدة محل الحصر والتقدير.
وأكدت اللجنة في تقريرها أهمية الضرائب العقارية في تحفيز القطاع العقاري، وبما يجعلها مصدرًا للإيرادات يتسم بالإنصاف والعدالة ومراعاة البُعد الاجتماعي. كان لا بد من استحداث وسيلة لتقدير وعاء الضريبة بطريقة تتسم بالبساطة والسهولة في التطبيق، وتكون أكثر شفافية وحيادية في تقدير وعاء الضريبة، للوصول إلى العدالة الضريبية بين المخاطبين بأحكام هذا القانون. ومن ثم، يكون هناك دليل أسعار يشتمل على سعر المتر الضريبي لكل منطقة بجميع محافظات الجمهورية (شارع رئيسي / شارع جانبي / حارة / زقاق)، من خلال لجنة عليا يشارك في عضويتها كافة الجهات المعنية بالتعامل مع العقارات المبنية (المجتمعات العمرانية، التنمية السياحية، هيئة المساحة، الشهر العقاري، وغيرها).
عرض التقرير المشاورات التي أجرتها اللجنة مع ممثلي أصحاب المصالح، حيث ذُكر أن جميع ممثلي أصحاب المصالح اتفقوا على ضرورة إعفاء المصانع والمستشفيات والمناطق الحرة من الضريبة العقارية على المنشآت، وذلك لتأثيره الإيجابي على دعم وجذب الاستثمار، فضلاً عن اتجاه سياسات الدولة نحو دعم قطاعي الصناعة والزراعة.
وأشاروا إلى المغالاة في تقدير سعر المتر من الأرض والمباني بالمنشآت الصناعية في بعض الأحيان، وما يستتبعه من المغالاة في تقدير القيمة الإيجارية، وهو ما قد عانى منه كافة القطاعات الصناعية، وأدى إلى نزاع مستمر وسخط عام على الضريبة بشكلها الحالي.
ولفتوا إلى رفض بعض المأموريات تقسيط الضريبة، والإصرار على التحصيل دفعة واحدة أو الحجز على أموال الشركات لدى البنوك لإجبار الممولين على السداد، وإرهابهم من اتباع أي وسيلة من الوسائل القانونية للتقاضي دون مراعاة الوضع الاقتصادي للمنشآت وسمعتها التي قد تتأثر لدى البنوك بهذا الحجز، والذي أدى إلى منازعات وخلافات لا حصر لها.
وذكر التقرير أن أبرز المعوقات التي تواجه المستثمرين في مصر تتضمن أسلوب تطبيق الضرائب وطريقة التقديرات الضريبية، كما أن خلال الفترة الماضية حدثت تغيرات ضريبية كثيرة أدت إلى عدم وضوح الرؤية عند المستثمرين، بالإضافة إلى أن اتخاذ وقت طويل في تعديل التشريعات واللوائح التنفيذية يزيد من فترة عدم اليقين.
وطالبوا باستمرار العمل على تحسين الإدارة الضريبية ورفع كفاءتها، وذلك من خلال توحيد الإجراءات لجميع المصالح الضريبية، وإنشاء مكاتب تحصيل ضريبي متخصصة للتعامل مع كبار وصغار الممولين كل على حدة، بالإضافة إلى إلزام كبار ومتوسطي وكافة الممولين بالميكنة الإلكترونية في عمليات الدفع والتحصيل، وكذلك العمل على تطبيق نظام ضريبي مبسط للشركات المتناهية الصغر والصغيرة، واستكمال المنظومة الضريبية بتوفير خرائط مُحدَّثة لتسهيل حصر التوسعات، وتأهيل القوى البشرية القائمة على استخدام التكنولوجيا في عمليات الحصر والتقييم وكذلك التحصيل. وأخيرًا، لابد من تفعيل المواد العقابية بالقانون لمنع التهرب.
- التوصيات الختامية
وقالت اللجنة إنه بعد عملية التشاور التي تمت مع ممثلي الحكومة، واستعراض تجارب الدول والتقارير الصادرة من أصحاب المصالح مثل اتحاد الصناعات المصرية، تبين بعد دراسة الأثر التشريعي للقانون المشار إليه أنه غير كافٍ لتحقيق الغاية التشريعية منه. وعليه، توصي اللجنة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 196 لسنة 2008 بشأن الضريبة على العقارات المبنية (الضريبة العقارية)، وذلك بمراعاة التالي:
1- تعديل المادة (3) المتعلقة باستحقاق الضريبة لتكون من أول يناير 2013م بدلًا من أول يوليو 2013 كما هو في القانون الحالي، مع وضع نص انتقالي يحكم الفرق الزمني الناتج عن التعديل (ستة أشهر).
وذلك لأن هناك فرقًا في الحساب بين السنة الميلادية والسنة المالية، بالإضافة إلى أن قوانين الضرائب المصرية السارية حتى تاريخه تتعلق بالسنة المالية الميلادية دون السنة الحكومية، لذا لا بد من توحيد المعايير الحسابية والعمل بالسنة المالية الميلادية بدلًا من السنة المالية الحكومية.
2- تعديل المادة (5) التي تنص على أنه لا يجوز أن يترتب على إعادة التقدير الخمسي زيادة القيمة الإيجارية للعقارات المبنية المستعملة في أغراض السكن عن 30% من التقدير الخمسي السابق، وعن 45% من التقدير الخمسي السابق بالنسبة للعقارات المبنية المستعملة في غير أغراض السكن.
واقترحت الدراسة إعادة صياغة المادة بما يضمن تشكيل لجنة لوضع دليل لمتوسط أسعار قيم الوحدات بجميع المناطق، ويُراعى في تشكيلها ضم جميع الجهات المعنية مثل (التنمية المحلية، المجتمعات العمرانية، الشهر العقاري، المساحة، خبراء التقييم العقاري المقيدين بسجلات هيئة الرقابة المالية...)، وذلك لتحقيق المرونة التشريعية.
3- تعديل المادة (11) التي تحدد الجهات التي لا تخضع للضريبة العقارية، وذلك بحذف عدم خضوع العقارات المبنية المملوكة للدولة ملكية خاصة، اتساقًا مع ما جاء بالقانون رقم 159 لسنة 2023 بإلغاء الإعفاءات الضريبية المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية.
كما اقترحت الدراسة عدم إخضاع العقارات والأبنية المستخدمة في الأنشطة الصناعية المرخصة للضريبة دعمًا للصناعة.
4- تعديل المادة (12) المتعلقة بتحديد سعر الضريبة، حيث إن سعر الضريبة 10% من القيمة الإيجارية السنوية للعقارات الخاضعة للضريبة، وذلك بعد استبعاد 30% من هذه القيمة بالنسبة للأماكن المستعملة في أغراض السكن، في حين أن النسبة للأماكن المستعملة في غير أغراض السكن تمثل 32%.
اقترحت الدراسة إعادة النظر في هذه النسب، مع مراعاة حذف الفقرة الثانية حيث يُستهدى في تحديد الضريبة بدليل الأسعار الإلزامي، نظرًا لأن هذه الجداول استرشادية.
5- تعديل المادة (13) الخاصة بمعايير التقييمات المتعلقة بتحديد الوعاء الضريبي.
اقترحت الدراسة إعادة صياغة المادة بحيث تتماشى مع النهج المتبع في التشريعات الجديدة، وعلى أن تُراعى المعايير المحاسبية المتعلقة بتقييم العقارات، وذلك بوضع نص صريح في القانون دون الإشارة إلى التفسير من قبل اللائحة التنفيذية.
كما توصي بإضافة ممثل عن هيئة التنمية السياحية، وممثل عن هيئة المساحة، وخبيرين تقييم عقاري من المقيدين بسجلات هيئة الرقابة المالية ضمن لجنة وضع دليل أسعار قيمة المتر الضريبي. وعليه، لا بد من تحديد معايير التقييم بوضوح في القانون، منعًا للالتباس.
6- تعديل المادة (15) المتعلقة بجهة الإعلان عن تقديرات القيمة الإيجارية وطريقة إخطار المكلف بها.
اقترحت الدراسة إعادة صياغة المادة، خاصة ما يتعلق بعملية إخطار المكلف أو الممول، بمراعاة ما ورد في القانون رقم 206 لسنة 2020 بشأن إصدار قانون الإجراءات الضريبية الموحد.
7- المادة (16) المتعلقة بحق المكلف بأداء الضريبة في الطعن على تقدير القيمة الإيجارية للعقار أو جزء منه.
أشارت الدراسة إلى أن فلسفة الطعن في جميع القوانين الضريبية تُعد حقًا أصيلًا ومنفردًا للممول، وأن عملية التقدير نابعة من المصلحة، فكيف تطعن في تقديراتها؟
كما أن المادة 123 من القانون رقم 91 لسنة 2005 (قانون ضريبة الدخل) تجعل طعن المصلحة على قرار لجنة الطعن أمام المحاكم، وعليه توصي اللجنة بإعادة صياغة المادة، أخذًا في الاعتبار ما ورد في قانون الإجراءات الضريبية الموحد.
8- تعديل المادة (18) (البند د) المتعلقة بحالات الإعفاء من الضريبة على الوحدات العقارية التي يتخذها المكلف سكنًا خاصًا رئيسيًا له ولأسرته، والتي يقل صافي قيمتها الإيجارية السنوية عن 24,000 جنيه.
وذلك لعدم ملاءمة هذا الحد لمعدلات التضخم الحالية، على أن يُراعى تقييم القيمة من قِبل خبراء التقييم العقاري المقيدين بسجلات هيئة الرقابة المالية.
9- تعديل المادة (21) الخاصة بلجان الحصر والتقدير، مع إعادة صياغة الفقرة الأولى بحيث تتولى المصلحة النظر والفصل في طلبات رفع الضريبة، نظرًا لضرورة العمل وفقًا للجداول الاسترشادية لقيمة المتر الضريبي، بعيدًا عن لجان الحصر والتقدير الخماسية.
10- إعادة صياغة المادة (23) الخاصة بتحصيل الضريبة المستحقة، بما يتماشى مع فلسفة التعديلات المقترحة سابقًا.
11- تعديل المادة (27) المتعلقة بالاستحقاق مقابل التأخير في سداد الضريبة، وذلك لتوحيد التشريعات الضريبية، بحيث يكون النص مكافئًا لما ورد في قانون الإجراءات الضريبية الموحد.
12- تعديل المادة (28) المتعلقة بحالات الإعفاء من الضريبة.
نظرًا لأن الضريبة العقارية تعد أحد صور الضرائب على الثروة، فإن من العدالة الضريبية أن تؤول نسبة 50% على الأقل من الضريبة المحصلة إلى المحافظة التي تقع فيها العقارات، بما يسهم في زيادة موارد المحافظات.
13- تعديل المادة (31) الخاصة بعقوبة تقديم أوراق أو مستندات غير صحيحة أو مزورة.
توصي الدراسة بإعادة النظر في نسب الغرامة لتتراوح بين ألف جنيه وعشرة آلاف جنيه، نظرًا لتقادم هذه القيمة مقارنة بتأثيرها الردعي. كما توصي بتعديل البند (أ) بحيث تؤول تقديم الأوراق أو المستندات غير الصحيحة أو المزورة إلى المصلحة، وذلك في ضوء إلغاء لجان الحصر والتقدير حسب المقترحات المذكورة، والاعتماد على الجداول الاسترشادية للمتر الضريبي.