أحمد جمعة

تطبيع إسرائيل مع الادارة السورية الجديدة

السبت، 03 مايو 2025 06:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يتواصل التركيز العسكري الإسرائيلي على سوريا خلال الساعات الماضية من خلال شن غارات جوية على أهداف استراتيجية لحكومة دمشق الجديدة، وذلك بذرائع إسرائيلية واهية يروج لها في وسائل الإعلام العبرية بأن إسرائيل تعمل على حماية "دروز سوريا" من مخططات لمجموعات أيديولوجية تتبع النظام الجديد تسعى لاستهداف المكون الدرزي بشكل خاص.

حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو اتبعت نفس السياسة والاستراتيجية مع النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، وعملت تل أبيب على فتح خطوط اتصال مع المكون الكردي الذي كان يسيطر على ربع مساحة الدولة السورية بحجج واهية ترتكز على إمكانية دعم الاحتلال الإسرائيلي لتطلعات السوريين في إقرار حكم فيدرالي شمال البلاد، وذلك عبر اتصالات دبلوماسية مكثفة تقودها مع الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.

الواضح أن ما يجري من تصعيد عسكري إسرائيلي في  سوريا هي رسالة واضحة لجميع المكونات السورية بأن الاستراتيجية الاسرائيلية التي تبلورت بشكل شبه كامل تجاه سوريا تقوم على التطبيع مع الإدارة السورية الجديدة تحت الضغط العسكري الإسرائيلي مع دعم سياسي دبلوماسي أمريكي واسع للخطوات الأمريكية.

وتعمل الحكومة الإسرائيلية مع مؤسسات أمريكية وفي مقدمتها البيت الأبيض ووزارة الخارجية بشكل حثيث ومستمر وضاغط لتطويع الإدارة السورية الجديدة لتقر نظام مركزي يحمي المصالح الإسرائيلية أولا، وحال رفضه لذلك تمارس حكومة الاحتلال المزيد من الضغط العسكري والسياسي على دمشق للقبول بالخطط الإسرائيلية التي تشمل أيضا تغيير الواقع الجغرافي والأمني في عدة مناطق سورية سواء جنوب البلاد أو في الجولان المحتل.

تتخوف إسرائيل من إقرار نظام الحكم الطائفي القائم على تقسيم سوريا لعدة دويلات لأن ذلك يهددها بشكل مباشر وسيحول الساحة السورية إلى دويلات عرقية وطائفية متناحرة، وتعمل إسرائيل خلال هذه الفترة للضغط على حكومة دمشق لتقديم تنازلات والتقدم في ملف التطبيع، وتعي إسرائيل جيدا أن المرحلة الحالية في سوريا هي الأخطر عليها فهي تسعى لإيجاد نظام سوري قوي داخليا وضعيف للغاية خارجيا تستطع ابتزازه بالضغط العسكري المستمر.

التقارب الذي تحاول إسرائيل القيام به مع الدروز السوريين هو من طرف واحد لخدمة مصالحها وهيمنتها، وهدفه بالأساس التعامل الوظيفي معهم وسعيا لابتزاز النظام بتهديده الدائم بتفكيك الدولة السورية، وقد اعتمدت الاستراتيجية الاسرائيلية ما بعد 2011 على توثيق العلاقة مع "الأقليات" سعيا للهيمنة عليها والعمل على ابتزاز النظام السوي السابق، وأكد عدد من الخبراء السياسيين السوريين في أحاديث منفصلة خلال الأيام الماضية أن هذه الاستراتيجية استنفدت ذاتها ويجري تغييرها لصالح فرض بنية جديدة وبالقوة للعلاقة مع النظام السوري.

ومع استمرار الضغوطات الداخلية على حكومة اليمين الإسرائيلية للقبول بصفقة تبادل عمل نتنياهو على خط الأوراق خلال الساعات الماضية وأعلن في بيان مشترك مع إسرائيل كاتس وزير الجيش عن تنفيذ هجوم جوي إسرائيلي، استهدف موقعاً قرب القصر الرئاسي في العاصمة السورية دمشق. تضمّن البيان رسالة مباشرة إلى النظام السوري، مفادها أن إسرائيل لن تسمح بأي تقدّم عسكري نحو جنوب دمشق، ولن تتهاون مع أي تهديد يُمكن أن يطال الطائفة الدرزية.

الضربة الجوية الإسرائيلية قرب قصر الشعب الرئاسي في دمشق، بدت رسالة مرتبطة بما يجري في سوريا في الأيام الأخيرة في شأن الطائفة الدرزية هناك.

ووجدت تل أبيب في ما يحصل ضالتها خاصة ان الدروز اليوم يشهدون انقسامًا حادًا بين من يؤيد التقارب مع الإدارة السورية الجديدة فمنهم من يرفض أي علاقات جدية لاعتبارات عديدة منها فكرية وأخرى سياسية، وهذا الانقسام سيعّمق الأزمة في بلد لم يتعافَ بعد من تداعيات الحرب طويلة الأمد التي استمرت لأكثر من 12 عامًا وخلّفت وراءها الكثير من الأزمات والمشاكل.

ما يفاقم مزاعم اسرائيل واستغلالها للحالة الدرزية هو وجود قسم من الدروز في الداخل الاسرائيلي ما تعتبره حافزًا لديها لإعلان العداء ورفع "سيف" الدفاع والذود عنهم لأغراض سياسية بحتة وهو ما تنبهت له بعض الزعامات الدرزية السورية التي تدرك حقيقة مطامع تل أبيب ومصالحها الخبيثة.
جاء ذلك بعد ساعات من توصل الحكومة السورية إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا ويقضي بتسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات الأمن في المدينة بهدف استعادة الأمن ومنع تفلت الأمور مجددًا.

بدورها، أكدت "مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز" أن الاتفاق جاء "انطلاقًا من المبادئ الوطنية العروبية والهوية السورية والقيم الإسلامية، بلا خوف ولا وجل"، كما تأكيدًا على رفض "التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال". ومع هذا الاتفاق الذي يأمل به أن يشكل بادرة حقيقية لاستعادة الاستقرار ومنع التدخلات الخارجية، سارعت واشنطن الى اعتبار "أعمال العنف الأخيرة والخطاب التحريضي الذي يستهدف أعضاء الطائفة الدرزية في سوريا أمر مستهجن وغير مقبول".

وتضع الولايات المتحدة كما الدول الاوروبية شروطًا على ادارة الرئيس أحمد الشرع مقابل رفع العقوبات المفروضة على سوريا ومنها ملف حماية الاقليات الذي يوضع في الصدارة ويشكل تحديًا كبيرًا للحكومة السورية التي تجد نفسها محاطة بالنار والمشاكل من كل حدب وصوب.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة