في إطار الدور التنويري لوزارة الثقافة المصرية تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، أقامت دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أسامة طلعت ممثلة في مركز تاريخ مصر الحديث والمعاصر بالإدارة المركزية للمراكز العلمية ندوة بعنوان (جامعة القاهرة في مئة عام 1925- 2025.
أقيمت الندوة اليوم الخميس بمقر دار الكتب بكورنيش النيل، وبدأت فعالياتها بكلمات افتتاحية مختصرة حيث تحدث كل من: الدكتور أحمد الشربيني (مقرر الندوة) حول تاريخ إنشاء الجامعة من منظور التحديات والمشكلات التي واجهتها سواء كان في توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لبدء عملية التدريس. كما واجهت الجامعة تحديات أمنية بسبب تضييق الاحتلال البريطاني على الجامعة.
ثم تحدث الدكتور أحمد زكريا الشلق ( مقرر اللجنة العلمية لمركز تاريخ مصر المعاصر)، الذي تحدث عن تاريخ إنشاء الجامعة من منظور حركة التحديث في مصر حيث كانت الجامعة إيذانا بانتقال التعليم في مصر من مرحلة التعليم التقليدي إلى التعليم النظامي الممنهج الذي يشجع التخصص ويراعيه في تخطيط الكليات ما بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانيات.
وجاءت كلمة الدكتور أسامة طلعت رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية لتؤكد على دور دار الكتب والوثائق القومية البحثي والعلمي في توثيق تاريخ جامعة القاهرة وغيرها من المؤسسات الوطنية المهمة. وقد قام الدكتور أسامة بالتأصيل التاريخي للتعليم الإسلامي في مصر الذي بدأ في المدارس الجامعة والصغرى بالجوامع والمساجد ونشأت وظيفة المعيد في إطار المدرسة التعليمية الإسلامية فهو من يعيد الدرس على الطلاب بعد الشيخ أو الأستاذ وهو ما وصلنا من حجج الأوقاف التي عرفنا منها أيضا أن المؤسسات التعليمية في مصر كانت توفر للطلاب الإقامة والتعليم والإعاشة مجانا. وأقدم تلك الحجج حجة وقف السلطان قلاوون كما أن دار الوثائق تمتلك حجتين لمدرسة السلطان حسن. وظل النظام الإسلامي التقليدي في التعليم قائما حتى الحملة الفرنسية.
ثم تحدث الدكتور أحمد رجب نائب رئيس جامعة القاهرة، عن الجامعة من منظور الريادة المصرية في العلم منذ عصر الأسرات في مصر القديمة. وقد ولد العلم في مصر على ضفاف النيل فمصر هى أم الدنيا وتعلم فيها العلماء من كافة دول العالم وهو ما جعل كثيرين ينتمون إلى مصر بالعقل والوجدان. وقال أن الأكاديميين في جامعة القاهرة هم ورثة العلماء الأقدمين من أمحوتب إلى جلال الدين السيوطي.
ثم بدأت الجلسة الأولى برئاسة الدكتور أحمد رجب، نائب رئيس جامعة القاهرة)، وتحدث فيها كل من : الدكتور عبد الراضي عبد المحسن رضوان (كلية دار العلوم - جامعة القاهرة) حول جامعة القاهرة والتنوير النسوي. وقال في كلمته أن دور المرأة الرائد في التنوير لم يتأخر كثيرا عن حركة الإصلاح لدى جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده .وكانت صاحبة السمو الملكي الأميرة فاطمة اسماعيل إبنة الخديو اسماعيل هي أولى الرائدات التنويريات بإنشائها جامعة القاهرة 1907م متبرعة بالأرض والبناء والإنفاق على العملية التعليمية، لتُسهم في انطلاق حركة التنوير النسوي انطلاقا من الجامعة الأولى في العالم العربي والإسلامي التي تقبل الطالبات زائرة في محاضراتها مثل الأديبة الفلسطينية مي زيادة التي أنشأت أول صالون ثقافي في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر والذي جذب إليه عباقرة الأدب والفكر واللغة مثل العقاد والرافعي وكذلك أساتذة الجامعة مثل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين .
ولأن الجامعة لم تقتصر على الزائرات بل استقبلت النظاميات اللائي أصبحن أعلاما في قيادة قاطرة التنوير المجتمعي مثل سهير القلماوي وحكمت أبو زيد وعائشة عبدالرحمن وغيرهن.
ثم تحدث الدكتور أحمد زكريا الشلق: (كلية الآداب - جامعة عين شمس) حول طه حسين والجامعة المصرية.
وقد بدأت علاقة طه حسين بالجامعة منذ 1908 فكان يدرس بها مساء وفي الأزهر صباحا وفي 1914 حصل على أول دكتوراه تمنحها الجامعة عن أبي العلاء المعري. ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى فرنسا رغم رفضها في البداية لإعاقته لكنها وافقت بعد خطاب غاية في البلاغة أرسله إلى إدارة الجامعة.
وعاد من البعثة بالدكتوراه من السوربون حول فلسفة ابن خلدون ليقوم بالتدريس في الجامعة في مجال التاريخ اليوناني والروماني وعندما تحولت الجامعة من جامعة أهلية إلى الجامعة المصرية عام 1925 نص التعاقد على الإبقاء على الأساتذة في مواقعهم ولكن كان طه حسين الوحيد الذي نص عليه العقد بالإسم وظل بها حتى توليه عمادة كلية الآداب. وأصبح تاريخ استقالته من الجامعة يوم 9 مارس هو يوم الاحتفال باستقلالها.
ثم تحدث الدكتور أنور مغيث كلية الآداب - جامعة حلوان) حول دور أحمد لطفي السيد في دراسة الفلسفة في الجامعة المصرية وأحمد لطفي السيد هو في الأساس رجل سياسة وكان يؤمن أن التربية والتعليم هما دواء الأمة المريضة. وفي مصر كانت السلطة في يد كبار الملاك في ظل نقص في الحراك الاجتماعي ومن هنا آمن أن التعليم هو محور الحراك الاجتماعي.
وتحدث عن مآرب مصر من التعليم والتي تتجاوز سوق العمل إلى 3 مهام كبرى هى تحديد شخصية مصر، توطيد الروابط القومية، خلق إرادة للأمة مستقلة عن إرادة الحكام. وكان ضد فكرة الجامعة الإسلامية وقال أنها ترويج للاحتلال المصريين. وفي ظل ذلك شجع أحمد لطفي السيد على دراسة الفلسفة بهدف زيادة المتشابهات بين أفراد الأمة وخلق رأى عام وطني ومستنير يرتكز على معايير حكم فلسفية مثل العقل والإحصاء والمنفعة، وخلق المواطن الحر الواعي بمصلحة بلده.
وخاض معركة في مواجهة الأزهر وبعض المفكرين مثل شبلي شميل كما وقف في وجه الاحتلال البريطاني حتى أن صحف فرنسا انتفضت بحجة القلق على عقائد المصريين من دراسة الفلسفة. كما عكف على ترجمات الفلاسفة وأهمهم أرسطو. وكان أحمد لطفي السيد يؤمن أن التعليم في الجامعة هدفه تربية العقل وليس امتلاء الحافظة.
وتحدث الدكتور عبد المنعم محمد سعيد مدير مركز تاريخ مصر المعاصر - دار الكتب والوثائق القومية) حول الجامعة في رؤى الإصلاح المصرية (1919-1952). وكانت الجامعة حاضرة في رؤى المصلحين والوطنيين. وكان عقد العشرينيات هو عقد الأحلام الذي شهد تأسيس الجامعة ثم عقد الأزمات في الثلاثينيات حيث بدأت ظاهرة البطالة بين خريجي الجامعة وكانت الجامعة ومشروع التعليم للجميع عماد مشاريع الثورات والحركات الوطنية المتلاحقة منذ 1919. واختتم عبد المنعم سعيد كلمته عن عدة مشروعات بحثية يعدها مركز تاريخ مصر المعاصر لتوثيق تاريخ جامعة القاهرة ورموزها.
وتحدثت الدكتورة نهال خلف الميري (مركز تاريخ مصر المعاصر - دار الكتب والوثائق القومية) حول رائدات الحركة الطلابية في جامعة القاهرة وقالت أن تأسيس الجامعة الأهلية (فؤاد الأول/القاهرة) عام 1908 شكل علامة فارقة في تاريخ التعليم المصري الحديث، ومثل فتح أبوابها تدريجيًا أمام الفتيات نقلة نوعية في مسيرة تعليم المرأة في مصر، فبعد عقود من الجهود الرامية إلى إتاحة فرص التعليم للفتيات، بدأت الجامعة تستقبل أعدادًا متزايدة من الطالبات، اللاتي لم يقتصر دورهن على التحصيل الأكاديمي، بل امتد ليشمل المشاركة الفاعلة في الحياة الجامعية، بما في ذلك الحركة الطلابية الناشئة.
ترأس الجلسة الثانية الدكتور أنور مغيث (كلية الآداب - جامعة حلوان) وتحدث فيها الدكتور السيد فليفل (كلية الدراسات الأفريقية - جامعة القاهرة) حول جامعة القاهرة والدراسات الإفريقية وقال في كلمته أن الدراسات الأفريقية بالجامعة نشأت في كنف كلية الآداب في عام 1974 مقسم للدراسات السودانية، برئاسة العلم الجغرافي د. محمد عوض الذي أعطاها زخما كبيرا بما قدم من كتب قيمة عن نهر النيل وعن الشعوب الأفريقية، وبرز دور المعهد في أثناء مطالبة مصر بالسودان حيث برز دور المؤرخ محمد فؤاد شكري بعدد كبير من الدراسات الداعمة لهذه المطالبة.
ومع قيام ثورة 23 يوليو تحول المعهد الي الدراسات الأفريقية ليتجاوب مع دعم مصر لحركات التحرر الوطني في القارة الأفريقية.
ثم تحدثت الدكتورة ماجدة صالح كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة) حول تطور دراسة العلوم السياسية في جامعة القاهرة. وقالت أن الكلية كان لها دور مهم في تطوير العلوم السياسية الذي ينقسم داخل الكلية إلى نظم سياسية، علاقات دولية، فكر سياسي. وقد نشأت الكلية بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكان الدكتور زكي شافعي أول عميد للكلية. وهناك الآن البرنامج الفرنسي بالكلية منذ التسعينيات والقسم الإنجليزي.
وتحدث الدكتور أحمد الشربيني (كلية الآداب - جامعة القاهرة) حول كلية الآداب ودراسة الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في مئة عام. وقال أن مصطفى كامل كان يدعو إلى إنشاء كلية ترد إلى الأمة مجدها الفكري وهو ما يتفق مع ما قاله محمد عبده من قبل. كل هذا تمثل في كلية الآداب التي نشأت لتشكل وجدان المجتمع وتكرس لهويته في مواجهة كل المحاولات الخارجية للغزو الفكري. ويمكن رصد معركة تأسيس الكلية والجامعة كلها في جريدة الجريدة وغيرها من الصحف حيث كانت معركة رأى عام وافتتحت الجامعة بكلية الآداب من خلال تدريس الآداب والتاريخ ثم اتسعت لتضم الفلسفة والتاريخ والجغرافيا. وفي الثلاثينيات توسعت الجامعة لتضم المعاهد الخاصة بالصحافة والآثار في أقسام داخلها.
وتحدث الدكتور سيد علي إسماعيل: (كلية الآداب - جامعة حلوان) حول النشاط المسرحي لجامعة القاهرة في العهد الملكي. وفي بداية كلمته أكد أن اسم جامعة القاهرة أقدم تاريخيا من الجامعة المصرية وهو متداول منذ 1921 في وثيقة بمقترح لتسمية الجامعة. وبدأ نشاط المسرح في مسرح حديقة الأزبكية التي كانت تابعة للجامعة آنذاك. وفي 1930 عقدت أول مناظرة حول تقديم المسرح بالعامية أو الفصحى. وقد أولى طه حسين اهتماما كبيرا بالمسرح أثناء عمادته لكلية الآداب وكان زكي طليمات يخرج العروض المسرحية وكانت الممثلات يأتين من الخارج. وكانت أمينة السعيد من أولى طالبات الجامعة اللواتي مثلن في مسرح الجامعة.
وترأست الجلسة الثالثة الدكتورة هدى الخولي(كلية الآداب - جامعة القاهرة). وتحدث فيها كل من: الدكتور أحمد الشرقاوي كلية الطب - جامعة القاهرة) حول جامعة القاهرة ودراسة الطب في مئة عام وقال أن الكلية منذ عهد محمد علي لها دور مهم جدا ومنطقة العجوزة بها شوارع على أسماء أطباء مشاهير بها مثل الدري وعيسى حمدي باشا.
وتحدث الدكتور حامد عيد كلية العلوم - جامعة القاهرة: حول كلية العلوم في مئة عام.وقال أن الاحتفال بمئوية كلية العلوم هو مناسبة للتأمل في لحظة فارقة بتاريخ مصر الحديث، فقد تأسست الكلية بمرسوم ملكي في 11 مارس 1925، لتكون النواة الصلبة للتعليم العالي العلمي.
وتحدث طارق جلال سيد فرج (كلية الآثار - جامعة القاهرة) حول متحف جامعة القاهرة: قصة عصور من العلم. وأكد أن متحف جامعة القاهرة في المكتبة المركزية الجديدة هو متحف فريد يضم مقتنيات تاريخية تعود لأكثر من 116 سنة. يضم المتحف وثائق وأشياء تعود إلى فترة تأسيس الجامعة، بما في ذلك صورة للأميرة فاطمة التي تبرعت بأرضها ومجوهراتها لإنشاء الجامعة، بالإضافة إلى وثائق افتتاح الجامعة وبعض المخطوطات النادرة.
ويضم المتحف مجموعة متنوعة من المقتنيات، بما في ذلك صور لأشخاص مهمين في تاريخ الجامعة مثل صورة الزعيم مصطفي كامل، ووثائق افتتاح ووضع حجر الأساس للجامعة، وبعض الشهادات النادرة والألبومات.