أصبحت الشائعات وتداول المعلومات والبيانات المغلوطة والأكاذيب من أخطر التحديات التي تهدد الدول والمجتمعات، وتزداد خطورتها مع غياب الوعى، وفى ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا والتطور التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعى وحالة الفوضى في الفضاء الإلكترونى والسيولة الكبيرة في المعلومات والبيانات والصور والفيديوهات المفبركة والمزورة، وتحريف البيانات والتلاعب في الأرقام؛ أصبح الأمر أكثر خطورة، حيث يختلط الأمر على الكثيرين، ويتم تداول الشائعات دون تحرى الدقة، ومحاولة الوصول إلى المعلومات الحقيقية الصحيحة.
فالشائعات تستهدف النيل من الاستقرار الوطني، وتستخدم غالبا كأداة لزرع الشكوك وخلق انقسامات داخل المجتمع بهدف تعطيل مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث إن التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي جعلت من السهل نشر الشائعات على نطاق واسع وفي وقت قياسي، ما يضع مزيدا من المسؤولية على الجميع للتحقق من مصادر المعلومات التي يتلقونها والتأكد من مصداقيتها قبل إعادة نشرها.
بالتالي الموقف يحتاج إلى التصدي لهذه التحديات بأساليب متطورة تستطيع أن تكون بالمرصاد لأي شائعات تنشر على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، حيث إن الشائعات أصبحت أخطر الأسلحة في الحروب وتأثيرها السلبي خطير للغاية على أمن واستقرار البلاد وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فهناك شائعات تتسبب في حالة من البلبلة والفوضى وإثارة الفتن في المجتمع، وأخرى تستهدف زعزعة الاستقرار وهدم الدول وتفكيك المجتمعات، وغيرها تستهدف ضرب الاقتصاد وإثارة الخوف لدى المستثمرين لمنعهم من الاستثمار في مصر أو غيرها من الدول بنشر المعلومات المغلوطة والأكاذيب عن الأوضاع في البلاد وتحريف الأرقام وتشويه الإنجازات والتركيز على السلبيات دون الإيجابيات.
وفي ظل قدرة الدولة المصرية على مدار أكثر من 10 سنوات على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية برزت أهمية الوعي لدى المواطنين وتكاتفهم واصطفافهم خلف بلدهم والقيادة السياسية مما كان له أكبر الأثر في التصدي لمخططات أعداء الوطن وأهل الشر للنيل من الدولة المصرية واستقرارها وأمنها.
وفي ضوء ما تمر به الدولة المصرية من تحديات غير مسبوقة، خاصة في السنوات الأخيرة نتيجة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية والاضطرابات والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلا أن الدولة المصرية لديها إرادة وصلابة لا تلين في مواجهة هذه التحديات بفضل تكاتف الشعب المصري العظيم مع الدولة في مواجهة التحديات والظروف الاقتصادية تحديداً، فالشعب المصري واع ولديه الحنكة والفطنة في التعامل مع الأزمات ويدرك ما يحاك لوطنه من مخططات تستهدف النيل من استقراره وإحداث الفوضى والهدم والتخريب، لكن يظل وعي الشعب هو الصخرة التي تتحطم عليها مخططات الأعداء.
إن الدولة المصرية على مدار أكثر من 10 سنوات تعرضت لحرب شرسة من الشائعات التي تستهدف النيل من هذا الوطن وضرب استقراره وحالة التلاحم التي تجمع شعبه، والثقة التي تربطه بجيشه وقيادته السياسية، فالأبواق المعادية للدولة المصرية لازالت موجهة سهامها نحو مصر من خلال نشر الشائعات والأكاذيب للتشكيك في دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، والتصدى لمحاولات تصفيتها، فضلاً عن التشكيك في إنجازات الدولة ومحاولة تشويهها، ومحاولات زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وخلال الأيام القليلة الماضية أثيرت العديد من الشائعات من بينها شائعة حول تصدير المانجو، بشأن إن مصر فى عام 2024 صدرت مانجو بقيمة 113 مليون دولار، واستوردت عصير مانجو بقيمة 234 مليون دولار، مما أثار حالة من اللغط والجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الحكومة ردت سريعا بنشر المعلومات الصحيحة فأكدت أنه خلال 2024 تم تصدير مانجو طازجة بقيمة 143 مليون دولار، وتم استيراد مانجو طازجة بقيمة 4 آلاف دولار، وتم تصدير عصير مانجو بقيمة 7 ملايين دولار، واستيراد عصير مانجو بقيمه 377 الف دولار!".
وهو ما يؤكد أهمية التصدي للشائعات وهذه المخططات التي تستهدف ضرب الاقتصاد المصري الذي يتعافي في ظل المؤشرات الإيجابية مؤخرا وإشادة المؤسسات الاقتصادية الدولية بجهود الدولة المصرية في تعزيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، فالجميع يدرك أن صنع الشائعات وترويجها سيظل جزءًا من حرب نفسية طويلة المدى، من أجل تضليل الشعوب وتزييف وعيها، وهو ما يتطلب تعزيز الوعي لتسليح المواطن المصري بما يتيح له مواجهة هذه الادعاءات والأكاذيب التي تستهدف النيل من أمنه واستقراره، وضرورة استخدام قوى مصر الناعمة من أجل التصدي لدعوات التخريب والهدم، فضلا عن تفعيل دور المؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية لمخاطبة وجدان الشعب المصري وتعزيز الوعي المجتمعي للتعامل مع هذه المخططات.
فصناعة الوعي هى المعركة الأهم بجانب معركة البناء والتنمية، وهو ما يؤكده الشعب المصري دائما بالالتفاف خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة، ورفض أي محاولات لزعزعة الثقة فيهما، والتصدي لأي محاولات تستهدف النيل من الدولة، لذلك لا بد أن يكون هناك حذر من مخاطر التفاعل مع الشائعات التي تُبث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت بيئة خصبة لنشر الشائعات وتحقيق أهداف الأبواق المعادية، فالتصدي لهذه الظاهرة يتطلب مسؤولية مجتمعية يشترك فيها جميع أفراد المجتمع، بدءا من المواطنين العاديين، وصولا إلى الإعلاميين وصناع القرار وقادة الرأي والفكر والمؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والثقافية، لنشر الوعي بين المواطنين.
بكل تأكيد، صناعة الوعي هى الحل الأمثل لمواجهة هذا الخطر والعمل على نشر ثقافة الوعي والمعرفة الصحيحة، لتمكين المواطن من أن يكون على دراية بالمستجدات الحقيقية، وأن يمتلك القدرة على التمييز بين الأخبار الصادقة والمزيفة، كما أن تعزيز الوعي يساعد المواطنين على أن يكونوا أكثر قدرة على مواجهة الأكاذيب وعدم الإنجراف وراء المعلومات المغلوطة.