الجبل العتيق.. قصيدة محمد غازي النجار بملتقى بيت الشعر العربي للنص الجديد

يطلق  بيت الشعر العربى، بإدارة الشاعر سامح محجوب، اليوم وعلى مدار يومين ( 17 و18 مايو) ملتقى بيت الشعر العربى الأول.. للنص الجديد)، ويدعو فيه 50 شاعرًا، تحت سن الأربعين من جميع ربوع مصر، وذلك للمشاركة فى الملتقى، ويقوم "اليوم السابع" بنشر قصائد الشعراء تباعًا..

بيت الشعر العربي

  الجبل العتيق   لـ محمد غازي النجار
 

ونحن نصفّق لانتصاراتنا الباهتة
ونقرع كؤوسنا الفارغة
فرحين وصاخبين وخائفين
نلتمع كالسراب
ونتذكر الطائر المزركش
الذي صفّق بجناحيه فوق رؤوسنا
وارتحل بعيدًا

كلّما مَر في خيالنا
صفّقتْ أيدينا الدامية
ونحن نحاول الإمساك به

إيقاع التصفيق كان يخدّرنا
يرتحل بنا إلىٰ
عالَم ما
كنا نثق تمامًا في وجوده
كما نثق تمامًا في فنائنا

صفوفًا صفوفًا
واقفين
كأن علىٰ رؤوسنا الطير
نرىٰ أشياء في الأفق
ولا نراها
ولا ترانا

نرىٰ شعوبًا
تسير قطعانًا إلىٰ الأمام
رؤوسهم مسطحة ومسحوبة بقيود خفية إلىٰ
الوراء
تكاد تُجتث الرؤوس
والأجساد تتابع مسيرها
فوق الحدَث
نحو ثقب هائل
يغمره الظلام
فجأة يتوقف كل شيء
وتتفتح عين في وجه السماء مثل زهرة
لا، بل هو طائر يصفّق بجناحيه
تهبط مجموعة من الأفق القريب
وتكسر القيود النازفة
يستعيد الناس نورهم وأجنحتهم
ويتنفسون مثل الشجر
ويحلّق طائر عظيم
-فنصفّق مهللين-
حتىٰ يستقر فوق قمة الجبل

نرىٰ كائنًا عجائبيًا
علىٰ مليون قدم يسير
له عين واحدة
تتسع للجميع
وسبع أيادٍ
تشبه كوكبة
تبدد المسافات
وتربط السماء بالأرض
وقلب
عرضه السماوات والأرض
نراه
يطفئ الليل حول بيت فقير
ويولج النهار في جوف ولد صغير
ويكوّره لمرتحل باحث عن نفسه
باحث عن الحقيقة
ويُخرج بلورة من رماد جثة
يمسحها فتسرد أمجاد بطولة منقرضة
ويُخرج جثة من فم آكلها
فتعود لكليهما الحياة
ويحقن إكسيرًا يقاوم زحف السموم في نفوس الموتىٰ الأحياء
في أول كل يوم تصير كفوفه مراعٍ للكائنات
وفي نهايته تصير مراقص لعشاق الحياة
ويحلّق طائر ترفُّ فوق القلوب موسيقاه
-فنصفّق هاتفين-
حتىٰ يستقر فوق قمة الجبل

نرىٰ امرأة
تشق صدر حبيبها
تُخرج قلبه
تغسله بالماء والثلج والنعناع
وتنفخ فيه فيكون علىٰ هيئة عبّادة شمس
ثم تعيده لمكانه
يصبح الرجل دوّار جَمال
ويميل مع قلبه حيث مال
ترحل المرأة
وحين يحاول الرجل اللحاق بها
يجد نفسه خارج الزمان والمكان
يتحلل جسده
ولا يتبقى منه إلا
الضوء
لقد صار نجمة
تدور قلوب في فلكها
ويحلّق طائر مضروب بسهم في قلبه
-فنصفق دامعين-
حتىٰ يستقر فوق قمة الجبل

صفوفًا صفوفًا
كأنه يوم الحشر
تابعنا الطيور
راقصين ومنشدين
مخلصين وآمنين
وطفنا بالجبل العتيق

محمد غازى النجار