تُعد الهيئة العامة لقصور الثقافة أحد أكبر أذرع وزارة الثقافة في الوصول إلى الجمهور، إذ تمتلك أكثر من 500 موقع ثقافي متنوع، تشمل القصور وبيوت الثقافة والمكتبات والمراكز الثقافية المنتشرة في ربوع الجمهورية. لكنها في الوقت ذاته تواجه أزمة متصاعدة، تتعلق بمدى فاعلية هذه المواقع، ومدى جاهزيتها لتقديم خدمة ثقافية حقيقية تواكب تطلعات الجمهور وتحولات العصر.
تعود فكرة تأسيس الهيئة إلى الستينيات، وتحديدًا إلى وزير الثقافة الراحل ثروت عكاشة، الذي أراد أن ينقل الثقافة من المركز إلى القري والنجوع، مستلهمًا تجارب أوروبا الاشتراكية في العدالة الثقافية، وهي الرؤية التي دوّنه رؤيته في كتابه الشهير "مذكراتي في السياسة والثقافة"، مؤمنًا بأن العدالة الاجتماعية لا تكتمل إلا بعدالة في توزيع الثقافة.
لكن بعد مرور أكثر من ستة عقود، تطرح الأسئلة نفسها: هل تعمل هذه المواقع بالفعل؟ وهل تقدم خدماتها للجمهور كما كان يحلم عكاشة؟ وهل بنيتها الأساسية مناسبة لاستقبال أنشطة ثقافية حيوية وجاذبة؟
الواقع – بحسب البيانات الرسمية – يشير إلى أن أقل من نصف عدد المواقع هو ما يعمل بشكل فعلي، بينما لا تتجاوز المواقع التي يمكنها تنظيم فعاليات كبرى عددًا محدودًا، أما البقية، فهي إما مغلقة بفعل الإهمال، أو في انتظار أعمال تطوير لم تبدأ بعد أو توقفت. وهناك شريحة أخرى من المواقع تعمل في ظروف شديدة الصعوبة، داخل شقق مستأجرة أو مكتبات ضيقة المساحة، بعضها لا يتجاوز حجرة صغيرة، وأحيانًا تشترك مع جهات أخرى في المكان، مما يجعل إقامة أي نشاط جماهيري أمرًا بالغ التعقيد.
وفي ظل التحول الرقمي وتغير أنماط التلقي لدى الجمهور، تصبح بعض هذه المواقع "ثقافية" بالاسم فقط، دون محتوى أو فاعلية، أشبه بـ "مواقع وهمية" لا تعكس حجم الطموح ولا الهدف الذي قامت من أجله الهيئة.
وهنا أصبح، من الضروري أن يصبح الحديث عن قصور الثقافة اليوم، أن يتجاوز الأرقام، ومدى تفاعل هذه المواقع والفضاءات الثقافية مع الجمهور وشتباكها مع حياة الناس اليومية، حتى لا تتحول إلى مجرد مبانٍ خاوية من المعنى، بعد أن كانت حلمًا بنشر الوعي ووصول الثقافة إلى الجمهور بمختلف محافظات الجمهورية.
وحول هذا الأمر ناقشت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، خلال اجتماعها برئاسة الدكتور فخرى الفقى، رئيس اللجنة، موازنة وزارة الثقافة للعام المالي الجديد، وذلك بحضور الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة، والمستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي.
وشهد الاجتماع استعراض عدد من النواب، مشكلات قصور الثقافة في دوائرهم، حيث أثار النائب ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة، مشكلة توجه الوزارة لإغلاق الشقق المؤجرة لمراكز قصور الثقافة، مستشهدا بقصر ثقافة بأسيوط به فرق ثقافية تمثل مصر في الخارج، مطالبا بمراجعة ذلك القرار.
وبدوره طالب النائب مصطفي سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة، بمعرفة عدد قصور الثقافة التى سوف تتأثر بذلك القرار وأسباب اتخاذ القرار، وهل تم عرضه علي مجلس الوزارء.
وأشار إلى أن قصر ثقافة سوهاج توقف العمل به منذ عامين والأنشطة متوقفة به منذ ٤ سنوات.
وبدوره عقب وزير الثقافة، موضحا أن قصور الثقافة ليست كلها قصور، ولكن جزء كبير منها عبارة عن حجرات وشقق ضيقة.
وأوضح أن الثقافة ليست تلقين، ولكنها حاضنة للمواهب من خلال تحفيز للشباب والمواهب بشكل به تكاملية للمعرفة، وهو الأمر الذى لن يحدث داخل شقة مساحتها ٤٠ متر، متابعا: هناك أماكن مساحتها ٩ متر، وهناك موظفين في تلك القصور لا يحضروا، وهو ما سيتم الاستفادة منهم في أماكن أخرى.
وأعلن الوزير أن قرارات الغلق ستتم وفقا لحجم التأثير الثقافى لكل مكان، وسيتم ذلك من خلال لجان تفتيش ومتابعة لتقييم مدى وجود نشاط فعلا من عدمه، وتعهد الوزير أن حال وجود نشاط فعلي، فلن يغلق المكان.