"ما زالوا بيننا" الرئيس السيسى يُكرم 2 من القيادات العمالية الراحلة باحتفالية عيد العمال.. المراغى قصة صعود عامل إلى رئاسة الاتحاد وعضوية البرلمان.. وخالد الفقى صاحب الضمير النابض خاض معارك أعادت شركات للحياة

الخميس، 01 مايو 2025 01:00 م
"ما زالوا بيننا" الرئيس السيسى يُكرم 2 من القيادات العمالية الراحلة باحتفالية عيد العمال.. المراغى قصة صعود عامل إلى رئاسة الاتحاد وعضوية البرلمان.. وخالد الفقى صاحب الضمير النابض خاض معارك أعادت شركات للحياة جبالى المراغى رئيس اتحاد عمال مصر الأسبق - المهندس خالد الفقى نائب رئيس اتحاد العمال

كتبت آية دعبس

 

بينما تتزين القاعات للاحتفال بـ عيد العمال، وتحضر الأسماء اللامعة في ساحات النضال العمالي، يبرز اسم اثنين من القيادات الذين غابوا بأجسادهم وبقوا بسيرتهم وتاريخهم في وجدان من عرفوهم، وفي صفحات العمل النقابي، هذا العام، رشح اتحاد العمال اثنين من قياداته الراحلة لتكريمهما من الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، تقديرا لما قدماه من عمر وجهد في خدمة الطبقة العاملة، وهما: جبالى المراغى رئيس اتحاد عمال مصر الأسبق، عضو مجلس النواب السابق، ورئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب الأسبق، والمهندس خالد الفقى نائب رئيس اتحاد العمال، رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية، رئيس اتحاد عمال الأسكندرية، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية.

لكن خلف هذا التكريم الرسمي، هناك حكايات إنسانية لا تروى على المنصات، بل تسكن وجدان الأبناء. هناك من ما زال يسمع صوته في البيت، ويسترجع مواقفه في صمت، في هذه السطور، نحاور أبناء هؤلاء القادة الذين تركوا لنا إرثا من الكفاح، وأثرا لا ينسى فى قلوب محبيه، ليرووا لنا الوجه الإنساني لآبائهم، كما لم يُرو من قبل.

في حوار خاص أجريناه مع "حمادة الجبالى"، نجل الراحل جبالي المراغي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر السابق، ورئيس النقابة العامة للنقل البري السابق، استطعنا أن نكشف عن جوانب مهمة في شخصية الراحل وإنجازاته وتاريخه النقابي الحافل بالمواقف الوطنية، حيث يقول نجله: إن الشخصية القوية والطبيعة الطيبة هى أبرز صفاته، موضحا: "كان إنساناً ذا شخصية قوية، وفي نفس الوقت طبيعته طيبة، تشعر عند التعامل معه أنه لا يوجد فرق بينه وبين العامل البسيط رغم منصبه كرئيس للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، كانت روح إبن البلد تسري في عروقه."

أشار نجل المراغى، لـ"اليوم السابع"، إلى أن والده استطاع تحقيق إنجازات كبيرة للعمال المصريين على المستويين المحلي والدولي، قائلاً: "حصل على مناصب قيادية عمالية ونقابية من الدول العربية، منها اتحاد دول حوض النيل الذي لم يكن له مقر في القاهرة لسنوات طويلة، فأسس لها مقراً في القاهرة، كما تولى منصباً في منظمة العمل العربية، وكان يمسك الاتحاد العربي العمالى، واسم مكتبه التنفيذي الاتحاد العربي."

وعن أبرز المواقف التي خاضها المراغي دفاعاً عن حقوق العمال، روى ابنه موقفاً بارزاً: "من المواقف التي دافع عنها بشدة، كان موقفه مع أحد وزراء القوى العاملة السابقين، حيث قام بحل مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالكامل والنقابات العامة، كان ذلك قبل 2011، في ذلك الوقت كان والدي رئيس النقابة العامة للنقل البري، قبل أن يصبح رئيساً للاتحاد، عندما شمله قرار الحل، نظم مظاهرة ووقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد في شارع الجلاء، واستمرت لأكثر من يومين، مما أجبر الوزير على التراجع عن قراره وإعادة النقابات العامة إلى مجالسها الطبيعية."

وأضاف: "وفي موقف آخر، عندما كان رئيساً للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وقام الوزير أيضا بعزله من منصبه، تعامل مع الموقف بحكمة ولجأ للقضاء، وبالفعل كسب القضية بعد شهرين، ووقتها قام الوزير بنفسه بإلغاء قرار العزل وإعادة المراغي إلى منصبه."

كما تحدث نجل المراغي عن موقف والده من جماعة الإخوان المسلمين أثناء حكمهم قائلاً: "كان من ضمن الناس الذين وقفوا في وجه أخونة الاتحاد، حيث كان الإخوان يريدون إدخال أعضاء منهم في الاتحاد والنقابات العمالية، لكنه وقف بشدة ضد ذلك، وتعرضنا للتهديد وإطلاق النار علينا، ومع ذلك صمم وأصر على موقفه، وكشف: "من المواقف المهمة أيضاً أن الإخوان عرضوا عليه منصب وزير القوى العاملة في عهد هشام قنديل، لكنه رفض قائلاً: "من المستحيل أن أمسك الوزارة في هذه الظروف".

وعن دور المراغي في معالجة مشاكل العمال، قال ابنه: "كان يتدخل في كثير من المشكلات العمالية، فكان يحارب ويكافح من أجل عودة العمال المفصولين، ويتدخل لحل الإضرابات في المصانع من خلال التوسط بالتراضي بين أصحاب العمل والعمال، مما منح العمال امتيازات كثيرة."

وعن وصية والده في العمل النقابي، يقول: "كان دائماً يقول لي "جبر الخواطر يا ولدي، قوة مش ضعف، أوعى في حياتك تكسر بخاطر حد"، كان هذا فن القيادة عنده، فلم يتعامل أبداً مع العامل كقائد، بل كان يتعامل معه بالدرجة نفسها، كان العقاب عنده على قدر الفعل نفسه، كما نصحه بأهمية التواجد الميداني: "فكان يقول دائماً لازم تكون أنت شخصياً في واقع العمل، عشان لما تقول كلمة لإعلام أو لأي مسؤول تبقى عارف أنت بتقول إيه، شايفها ودارسها وحاسسها.

وأشار ابنه إلى رفض "الجبالى" دخول ابنه في النقابة العامة رغم أنه رئيسها: "والدي لم يكن راضياً أن يضعني في النقابة العامة رغم أنني كنت رئيساً للجنة النقابية لمدة دورتين، كان الأعضاء يريدونني، وعلاقتي معهم كانت جيدة جداً، لكنه قال "مستحيل"، خوفاً من أن يقال إنه أحضر ابنه بعد أن جلس على الكرسي."

وعن شعوره بتكريم الرئيس لوالده، قال "أي تكريم من الرئيس هو فخر لأي شخص، وشهادة تحلى على الصدر وتحضى على الرأس. هذا بالنسبة لي كابنه وسام أضعه في منزلي تخليداً للكفاح والتاريخ الذي صنعه جبالي المراغي، الذي كان من ضمن الخمسين في لجنة الدستور، التكريم هو رد جميل لجبالي المراغي، موجها الشكر لمحمد جبران وزير العمل، والذى كان السبب الرئيسي في ذكر اسم جبالي المراغي للتكريم، بالإضافة إلى جهود عبد المنعم الجميل رئيس اتحاد العمال الحالى، وأشرف الدوكار رئيس النقابة العامة للنقل البرى.

وختم نجل المراغي حديثه، "أتشرف أن جبالي المراغي كان عاملا كرتة على مواقف محافظة سوهاج، وأنه كان سائقا للسيارات الأجرة "ميكروباص"، وكان من ضمن الجمعية التعاونية للنقل والركاب، أتشرف أنه كان ابناً من أبناء المراغة، أنا أفتخر أن جبالي المراغي بدأ حياته من الصفر، ويعتبر قدوة لأي عامل نقابي، إذا بدأت من الصفر، يمكن أن تصبح جبالي المراغي ثانياً، وتصبح رئيساً للاتحاد العام المصري، وربما يكرمك الله وتصبح وزيرا، وختم بتوجيه رسالة لكل عامل مصري: "كل سنة وأنتم طيبون، العامل المصري هو العمود الفقري للبلاد، فالعامل المصري يوجد بينهم من هو حاصل على الماجستير والدكتوراة."

وفى تقدير لافت لرجل أفنى حياته في خدمة العمال، يستعد منير خالد الفقي نجل القائد النقابي الراحل، لاستلام تكريم اسم والده خلال احتفالية عيد العمال من الرئيس عبد الفتاح السيسى، لذا التقينا بنجله منير الذي أطلعنا على جوانب إنسانية من حياة والده وإرثه النقابي الثري.

يتحدث منير عن والده بفخر واعتزاز، مستذكراً تاريخه النقابي الحافل، فالمهندس خالد الفقي لم يكن مجرد نقابي، بل كان قامة إدارية شغلت مناصب متعددة كنائب رئيس اتحاد عمال مصر، ورئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية، ورئيس اتحاد عمال الإسكندرية، فضلاً عن عضويته في عدة مجالس إدارات مؤثرة، منها المجلس الأعلى للأجور والهيئة العامة للتأمين الصحي، وامتد تأثيره إلى المستوى الدولي، حيث شغل منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي لمنظمة العمل الدولية لعمال المعادن، والاتحاد العربي.

الفقي الأب، كما يصفه ابنه، كان نموذجا للإخلاص والتفانى في العمل، متمسكا بقيمه الدينية التى أورثها لأبنائه: "شخص خلوق والجميع يشهد على حسن خلقه..علمنا أن الدين هو أساس كل شيء في الحياة"، ويضيف منير أن والده كان يتميز بالإنصات الجيد قبل اتخاذ القرارات، وعدم التخاذل في المواقف الصعبة، كما كان محبا للمواجهات المباشرة في سبيل الدفاع عن حقوق العمال، وقد وهب حياته لخدمتهم.

عندما سألناه عن أبرز المواقف التي خاضها والده، تحدث منير عن معركة تصفية شركة الحديد والصلب، وكيف خاض والده سلسلة من اللقاءات والاجتماعات والمفاوضات محاولاً التوصل لحل يحفظ حقوق العمال، وبلمعة فخر في عينيه، أضاف: "كان له دور مؤثر ومحوري في عودة شركة مصر للألومنيوم والنصر للسيارات للعمل من جديد، وقف وقفة قوية ضد تصفية الشركتين، وكان دائماً يؤكد أنهما من أعمدة الصناعة الوطنية التي لا يمكن التخلي عنها."

وأوضح أن والده دخل في مفاوضات مباشرة مع وزارة قطاع الأعمال، وساهم في وضع خطط للتطوير والتحديث، مؤكداً أنه "كان صوت العمال في كل اجتماع، وحرص على أن تظل حقوقهم محفوظة وسط قرارات التطوير." كما دفع بقوة نحو إحياء شركة النصر للسيارات، خاصة مشروع تصنيع السيارة الكهربائية لأول مرة في مصر.

لم يكن المهندس الفقي يفصل بين العمل النقابي والتنمية الاقتصادية، إذ يروي ابنه: "كان يتحدث دائماً عن دور النقابات في تثقيف العمال، وأن من أسلحة العامل المهمة العلم والدراية، وكان لديه اهتمام شديد بإقامة الدورات التثقيفية والندوات"، ويضيف: "كان يرى أن هذه الدورات ستؤثر في العمال كعقليات وستنعكس على العمل والإنتاج، مما سيؤدي بالتبعية إلى النمو الاقتصادي للدولة المصرية."

عندما سألناه عن شعوره تجاه تكريم الرئيس لوالده في احتفالية عيد العمال، بدت مشاعر الفخر والحزن متداخلة في صوته: "أكيد شعور فراقه أولاً أنه ليس موجوداً ليستلم تكريمه بيده، ربنا يتغمده برحمته الواسعة ويصبرنا على فراقه.. لكن أكيد شعرنا بفخرعظيم وبقدر ما كان شخصاً ناجحاً جداً وخدم بلده بإخلاص"، وحول ما كان سيقوله والده لو كان حاضراً، أجاب: "كان سيقول مثلما كان يقول دائماً في أي تكريم كنت أشاهده يتلقاه في شركة أو مؤتمر وسط العمال: إن التكريم للعمال جميعاً، تكليل لثمرة مجهودهم وإنتاجهم ونجاحهم."

أما الوصية الأغلى التي تركها الأب لابنه كانت أخلاقية بالدرجة الأولى: "أكثر شيء كان والدي رحمه الله دائم الكلام فيه أن عليك دائماً أن تضع الله نصب عينيك، وأن يكون هو تفكيرك الأول والأخير في أفعالك ومواقفك، حتى في معاملتك مع الناس، تعامل بالأسس التي أوصاك بها دينك، حتى لو كنت تتعامل مع شخص تسبب لك في أذى أو مشاكل."

وعن علاقته الشخصية بمجال العمل النقابي، يقول منير الذي يبدو عليه التأثر بتجربة والده: "يشرفني أن أكون جزءاً من العمل النقابي، لكنني مهندس في بداية حياتي العملية، وختم حديثه برسالة: "أطلب من الجميع أن يدعوا له بالرحمة والمغفرة أولاً، وثانياً أشكر بلدي على تقديرها له على قدر تعبه وحياته التي أفناها في خدمة العمال وفي خدمة الوطن."




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة